فاطمة المزيني

فكرة شائعة على نطاق واسع، إذ تجتمع العائلات أو الجيران أو زملاء العمل، ويتبرع كل منهم بمبلغ معين لشراء أصناف متفق عليها من المواد الغذائية الرمضانية، ثم تُقسَّم في صناديق أو سلال تُوزَّع على الأسر المحتاجة.

يتحقق في هذا العمل معنى العطاء والبذل، وهما سمتان من سمات الشهر الكريم، كما يؤدي غرض إطعام الصائمين، وهو فعل تكافلي اجتماعي وديني تواترت النصوص في الحث عليه وبيان فضله وأجره.

لكن، وعلى الرغم من القيمة المعنوية الكبيرة لفكرة ( السلة الرمضانية)، إلا أنها اليوم بحاجة إلى إعادة النظر في الكيفية التي تُنفَّذ بها، ابتداءً من جمع المبالغ المالية وانتهاءً باختيار وجهتها.

تتلقى بعض الأسر ما يزيد عن حاجتها، فتكون بين خيارين: إما إعادة بيع محتويات السلة والاستفادة بثمنها، وهي عملية ضارة بالسوق والمستهلك، أو تخزين هذه الأغذية حتى تتلف وتنتهي صلاحيتها قبل استهلاكها، مما يؤدي إلى الهدر والتفريط. ومن ناحية أخرى، لا تتلقى بعض الأسر أيًّا من هذه السلال لبُعد مكان إقامتها أو بسبب عدم معرفة المتبرعين بحاجتها.

نذكر أن فكرة السلة الرمضانية اكتسبت أهمية كبرى أثناء جائحة كورونا، حيث كانت تعالج عددًا من الأزمات، مثل ندرة بعض الأصناف الغذائية ونقصها في بعض المتاجر، وكذلك صعوبة التنقل والتسوق التي واجهناها جميعًا، فكانت السلة الرمضانية الهدية المناسبة في الوقت المناسب.

أما اليوم، فلا موجب لحالة الطوارئ المفتعلة التي تنتج عن الشراء غير المقنَّن والتوزيع العشوائي للسلال الرمضانية.

في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، أعتقد أن تقديم التبرع نقدًا للمستحقين من الأسر والأفراد هو الخيار الأول والأكثر فائدة لسد الحاجة الفعلية للمحتاجين، كما يمنحهم الفرصة لشراء احتياجاتهم بأنفسهم وبما يناسب ذوقهم وصحتهم وثقافتهم الغذائية.

كما أنني أقترح مأسسة هذا السلوك الاجتماعي الذي يستهدف تحديدًا إطعام الصائمين، وذلك من خلال إنشاء منصة رسمية خاصة بالإطعام في رمضان، بحيث يمكن للمتبرع تقديم تبرعه من خلالها دون عناء، كما يمكن للأسر المحتاجة الوصول إلى هذه المنصة والتسجيل فيها بخصوصية وسرية، فضلًا عن إمكانية انتقاء احتياجاتها ومفضَّلاتها من المواد المتاحة.

إضافةً إلى ذلك، يمكن لهذه المنصة أن تتيح الإشراف على مقدار الحصص المصروفة لكل أسرة بمعرفة عدد أفرادها، وقد تستلم الأسرة من المنصة بطاقة تموينية، أو كودا رقميا للشراء، كما يمكن من خلال هذه المنصة عقد الشراكات مع شركات الغذاء والمستوردين والجهات المانحة ومقدمي خدمات الدعم اللوجستي وذلك لضمان تقديم منتجات ذات جودة ملائمة للاستهلاك من جهة، ودعم السوق من جهة أخرى، إلى جانب فتح المجال للوظائف الموسمية وكذلك تقديم فرص للتطوع في أعمال الإدارة والتوزيع وغيرها.