التحقت بالدورة الثانية وعنوانها «أخبار التلفزيون» التي نظمها المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني بدمشق خر يف عام 1988، منتدباً من وزارة الإعلام، والقى محاضراتها ودروسها العملية الدكتور رضا النجار من تونس، وعبدالحليم عربيات مدير التلفزيون الأردني -يرحمه الله-، إضافة إلى خبير فرنسي من وكالة أنباء عالمية.
استغرقت فترة التدريب أربعة أسابيع، بمشاركة مراسلين من ثلاث عشرة دولة عربية، وتركزت على مهارات المحرر، والأساليب الحديثة في الصياغة، التلازم بين الصورة والخبر وبنيته وأهميته، وكيفية معرفة الأخبار الصحيحة من المحرفة، المدعمة بالدعايات المظللة والمعلومات الكاذبة بهدف التأثير في المتلقي.
في الأسبوع الثالث وفي ضحى يوم مشمس نظم المركز زيارة إلى بلدة القُنيطرة، وعند وصولنا تثاقلت الخُطى أمام مشاهد صادمة للجميع، بدت قرية خالية على عروشها، عانت كثيراً من نزيف جوانبها، ولم يتبق منها سوى أطلال مستشفى، وبيوت مهدمة، ومزارع مغبرة موحشة، ومقبرة انتصبت على قبورها شواهد كُتب عليها أسماء مئات الجنود والضباط الذين قُتلوا على تلك الأرض في حرب 1973.
مسحت دموعي وأنا أقف فوق رابية تمددت على مواجع الصمت، وبيني وبين الأراضي المحتلة أمتار قريبة، يفصلها سياج حديدي مكهرب، مثبت عليه أجهزة مراقبة، وأطلقت العنان لبصري على امتداد جبل الشيخ والمدن والقرى!!
وعندما سألت أحد المرافقين عن السبب في إهمال القنيطرة لماذا لا يتم إعادة إعمارها.؟
قال: حتى يشاهد العالم ومؤسسات حقوق الإنسان الجرائم الهمجية الصهيونية!!! وإذا بزميل جزائري يقترب مني يقول: ما رأيك.. إنه تبرير غير منطقي؟
قلت له: تبرطم.
قال: شكون تبرطم؟..وتظاهر أنه فهم كلامي.
وقرر بعض الزملاء زيارة مدينة اللاذقية، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، لتنقلنا حافلة سياحية نهاية إجازة الأسبوع في رحلة استفرقت أربع ساعات.
واللاذقية مدينة جميلة وادعة بشاطئها الأزرق، ورمالها الناعمة، وأسواقها التقليدية ومطاعمها الشعبية، ومزارع الزيتون والحمضيات، لكن عجلة التطور العرجاء كما وصفها مرشد سياحي سارت ببطء شديد فترهلت مداخلها، وتشوهت معالمها، وقلت محاصيلها، وخف بريقها كوجهة سياحية.
عدت إلى دمشق في دورة ثالثة عن الأخبار الإذاعية عام 1994، وسعدت بصحبة المذيع عبدالله الشهري، والشاعر الإذاعي الدكتور ناصر الخرعان.
وبعد خمسة أعوام في صيف 2000 شاركت في دورة أخرى عن كتابة التقارير التلفزيونية.
ومنحتني تلك الدورات الأربع على مدى عشرين عاماً التعرف أكثر على مظاهر الحياة والأماكن التاريخية والسياحية في دمشق وريفها" سرغايا ،مظايا، أبورمانة، البزورية، حريقة، القمرية، مزه القديمة جوبر، جبل قاسيون - بإطلالته المهيبة.-، عين الفيجة، مصب نهر بردى، وحلب وكسب" وغيرها.
وجعلت النصيب الأكبر في برنامج زياراتي للمسجد الأموي وأداء صلاة الجمعة مرات عدة، وشاهدت عن قرب الفن المعماري الإسلامي وجمال جدرانه وسقفه المطعم بالفُسيفساء الملونة وقطع الرخام، المطرزة أطرافها بالذهب، ونوافذه المعشقة، وبواباته المستطيلة، ومآذنه الثلاث، وساحته الواسعة.
وأكرمني الأخ علي الشعار بدعوتي إلى أجمل المواقع السياحية (الزبداني)، وقضينا فيها أوقاتاً جميلة بحضور الزميل الدكتور حسين القحطاني.
وأتذكر أني زرت الفنانين ياسين بقوش، وناجي جبر (أبو عنتر) - رحمهما الله - في منزليهما، واستقبلاني بكل المحبة والتقدير وعبرا بصدق عن اعتزازهما بالمملكة والشعب السعودي.
ومن حسن الحظ التقيت مصادفة بالإعلامي وكيل وزارة الإعلام للإذاعة محمد العثمان المنصور - متعه الله بالصحة والعافية - الذي قَدِم من الرياض إلى سوربا في مهمة عمل إعلامية رسمية.
ودعوته للعشاء بمقر سكني في حي العباسيين بحضور الزميل الإذاعي أيمن الردادي والإعلامي فهد العيسى، وتحول اللقاء إلى مجلس سمر ظريف نثر فيه أبو عثمان درراً من ثقافته، وأدبه ولطفه وتواضعه، وتطرق بنظرة الخبير إلى مستقبل الإعلام وأثر التقنيات الجديدة التي بدأت في الظهور آنذاك.
ومحمد المنصور قامة إعلامية لم تغيره المناصب وكان نعم المسؤول ولا زال يحظى بمحبة وتقدير الوسط الإعلامي.
واليوم ماذا بعدُ يا دمشق الياسمين في فجرك الجديد، وعودتك بفضل الله إلى الحضن العربي، بعد أن ضُمدت الجراح، ونُزِعت مخالب الخوف والبؤس والظُلم.؟
اليوم يتوالى جسر الخير إليك من بلد العطاء والإنسانية المملكة العربية السعودية.
تحية للشاعر السعودي المبدع «موفق السلمي» أول شاعر عربي هنأك يادمشق بعودتك وردد مسجدك الأموي قصيدته التي قال فيها.
«قفي دمشقُ فداكِ الأهلُ والدارُ
والرمحُ والسيفُ والدهماءُ والنارُ
اللهُ أكبرُ جاءَ الفتحُ وانتصروا
مسيرةُ الفوجِ كرارُ وفرارُ
مضى هوانُ وأهلُ الأرض
تشهده كأنه علم في رأسه عارُ».
استغرقت فترة التدريب أربعة أسابيع، بمشاركة مراسلين من ثلاث عشرة دولة عربية، وتركزت على مهارات المحرر، والأساليب الحديثة في الصياغة، التلازم بين الصورة والخبر وبنيته وأهميته، وكيفية معرفة الأخبار الصحيحة من المحرفة، المدعمة بالدعايات المظللة والمعلومات الكاذبة بهدف التأثير في المتلقي.
في الأسبوع الثالث وفي ضحى يوم مشمس نظم المركز زيارة إلى بلدة القُنيطرة، وعند وصولنا تثاقلت الخُطى أمام مشاهد صادمة للجميع، بدت قرية خالية على عروشها، عانت كثيراً من نزيف جوانبها، ولم يتبق منها سوى أطلال مستشفى، وبيوت مهدمة، ومزارع مغبرة موحشة، ومقبرة انتصبت على قبورها شواهد كُتب عليها أسماء مئات الجنود والضباط الذين قُتلوا على تلك الأرض في حرب 1973.
مسحت دموعي وأنا أقف فوق رابية تمددت على مواجع الصمت، وبيني وبين الأراضي المحتلة أمتار قريبة، يفصلها سياج حديدي مكهرب، مثبت عليه أجهزة مراقبة، وأطلقت العنان لبصري على امتداد جبل الشيخ والمدن والقرى!!
وعندما سألت أحد المرافقين عن السبب في إهمال القنيطرة لماذا لا يتم إعادة إعمارها.؟
قال: حتى يشاهد العالم ومؤسسات حقوق الإنسان الجرائم الهمجية الصهيونية!!! وإذا بزميل جزائري يقترب مني يقول: ما رأيك.. إنه تبرير غير منطقي؟
قلت له: تبرطم.
قال: شكون تبرطم؟..وتظاهر أنه فهم كلامي.
وقرر بعض الزملاء زيارة مدينة اللاذقية، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، لتنقلنا حافلة سياحية نهاية إجازة الأسبوع في رحلة استفرقت أربع ساعات.
واللاذقية مدينة جميلة وادعة بشاطئها الأزرق، ورمالها الناعمة، وأسواقها التقليدية ومطاعمها الشعبية، ومزارع الزيتون والحمضيات، لكن عجلة التطور العرجاء كما وصفها مرشد سياحي سارت ببطء شديد فترهلت مداخلها، وتشوهت معالمها، وقلت محاصيلها، وخف بريقها كوجهة سياحية.
عدت إلى دمشق في دورة ثالثة عن الأخبار الإذاعية عام 1994، وسعدت بصحبة المذيع عبدالله الشهري، والشاعر الإذاعي الدكتور ناصر الخرعان.
وبعد خمسة أعوام في صيف 2000 شاركت في دورة أخرى عن كتابة التقارير التلفزيونية.
ومنحتني تلك الدورات الأربع على مدى عشرين عاماً التعرف أكثر على مظاهر الحياة والأماكن التاريخية والسياحية في دمشق وريفها" سرغايا ،مظايا، أبورمانة، البزورية، حريقة، القمرية، مزه القديمة جوبر، جبل قاسيون - بإطلالته المهيبة.-، عين الفيجة، مصب نهر بردى، وحلب وكسب" وغيرها.
وجعلت النصيب الأكبر في برنامج زياراتي للمسجد الأموي وأداء صلاة الجمعة مرات عدة، وشاهدت عن قرب الفن المعماري الإسلامي وجمال جدرانه وسقفه المطعم بالفُسيفساء الملونة وقطع الرخام، المطرزة أطرافها بالذهب، ونوافذه المعشقة، وبواباته المستطيلة، ومآذنه الثلاث، وساحته الواسعة.
وأكرمني الأخ علي الشعار بدعوتي إلى أجمل المواقع السياحية (الزبداني)، وقضينا فيها أوقاتاً جميلة بحضور الزميل الدكتور حسين القحطاني.
وأتذكر أني زرت الفنانين ياسين بقوش، وناجي جبر (أبو عنتر) - رحمهما الله - في منزليهما، واستقبلاني بكل المحبة والتقدير وعبرا بصدق عن اعتزازهما بالمملكة والشعب السعودي.
ومن حسن الحظ التقيت مصادفة بالإعلامي وكيل وزارة الإعلام للإذاعة محمد العثمان المنصور - متعه الله بالصحة والعافية - الذي قَدِم من الرياض إلى سوربا في مهمة عمل إعلامية رسمية.
ودعوته للعشاء بمقر سكني في حي العباسيين بحضور الزميل الإذاعي أيمن الردادي والإعلامي فهد العيسى، وتحول اللقاء إلى مجلس سمر ظريف نثر فيه أبو عثمان درراً من ثقافته، وأدبه ولطفه وتواضعه، وتطرق بنظرة الخبير إلى مستقبل الإعلام وأثر التقنيات الجديدة التي بدأت في الظهور آنذاك.
ومحمد المنصور قامة إعلامية لم تغيره المناصب وكان نعم المسؤول ولا زال يحظى بمحبة وتقدير الوسط الإعلامي.
واليوم ماذا بعدُ يا دمشق الياسمين في فجرك الجديد، وعودتك بفضل الله إلى الحضن العربي، بعد أن ضُمدت الجراح، ونُزِعت مخالب الخوف والبؤس والظُلم.؟
اليوم يتوالى جسر الخير إليك من بلد العطاء والإنسانية المملكة العربية السعودية.
تحية للشاعر السعودي المبدع «موفق السلمي» أول شاعر عربي هنأك يادمشق بعودتك وردد مسجدك الأموي قصيدته التي قال فيها.
«قفي دمشقُ فداكِ الأهلُ والدارُ
والرمحُ والسيفُ والدهماءُ والنارُ
اللهُ أكبرُ جاءَ الفتحُ وانتصروا
مسيرةُ الفوجِ كرارُ وفرارُ
مضى هوانُ وأهلُ الأرض
تشهده كأنه علم في رأسه عارُ».