قبل أيام احتفى حساب بلدية القطيف في مواقع التواصل بموسم اللوز -واللوز أو اللوز الهندي ثمرة معروفة بتمازج حلاوتها مع الحموضة لدى أهل السواحل في الخليج العربي- عبر نشر صورة لقطاف اللوز، كتب على هامشها: عطاء تتميز به واحتنا الغناء... كلام لا يخلو من تغنٍ بالمكان، وافتتان بما بقي من ذاكرة الواحة التي لا أعرف لماذا تحرص البلدية على نشر تلك الصور تحت وسم واحة_القطيف، لأن الواحة باتت أقرب للمجاز منها للحقيقة، وكنت أحسب أن هذه التسمية رفعت عن السجلات مع انتصاف سبعينيات القرن الفائت.
وليت هذا الاحتفاء تجاوز مواقع التواصل ليصل إلى الأرض، وتجاوز الكلام إلى الفعل، فموسم اللوز الذي بدأ مع صنف «الحبان» قبل شهر تقريبا، ما زال سوقا افتراضية تتناثر على أطراف الشوارع الرئيسة في قرى ومدن القطيف، من أول النهار وحتى ساعات الليل، وأسعار المنتوجات فيه أكثر صمودا من أسعار السلع الموسمية الأخرى كالليمون والرطب والبمبر، فحتى في لحظات الذروة والوفرة لا تذهب الأسعار بعيدا في انخفاضها، فكيلو اللوز يتأرجح بين 25 و45 ريالا في الغالب.
لم تعرف هذه السوق أي شكل من أشكال الصناعات التحويلية لهذا المنتج خلال السنوات الماضية، بيد أن هذا الموسم كان استثنائيا بامتياز بعد نجاح محلات الآيسكريم والعصيرات في تقديم آيسكريم اللوز، الأمر الذي مثل ضغطا على الطلب في سوق اللوز، ورفع الأسعار خلال الأسبوع المنصرم إلى سقف التسعين ريالا للكيلو الواحد، لتشهد الأسعار ارتفاعا يفاقم من ارتفاعها الدائم أصلا، مع التوقعات بمحدودية المعروض في القادم من الأيام، بسبب البيع المباشر لمحلات الآيسكريم.
كان يمكن للبلدية التي أعلنت حماستها للوز أن تساعد في تسويق وتطوير صناعة هذه الثمرة، عبر التعاون مع وزارة الزراعة في تشجيع ودعم زراعة اللوز من جهة، وتوفير منصات بيع للمزارعين الذين يفترشون الطرقات في ظهيرات القيظ، وقنوات تسويق تمكنهم من الوصول إلى حيث الأسواق الكبرى من جهة أخرى... لا أحد يملك معلومات اليوم عن حجم هذه السوق، إلا أن المتابعين والمشاركين فيها قادرون على تخمينها، فهي تقترب من سقف مليون ريال من المبيعات خلال شهرين بالتمام، ولأنها ثمرة تتوغل في ذاكرة الناس والمكان علينا توقع استمرار الطلب عليها والحاجة إلى توفيرها بأسعار معقولة.
الأفكار كثيرة، والبحرينيون علقوا الجرس بالأمس وهم يطلقون المهرجان الأول للوز، جعلوا للوز احتفاليته الخاصة باعتباره جزءاً من الموروث الشعبي، قدموا فيه اللوز ومشتقاته، التي شاهدنا منها المخلل والعسل والعصير والآيسكريم، لم تمنع الأجواء الساخنة الناس من الذهاب بحماسة إلى هذا المشهد الاحتفالي، لأنهم يختصرون بخطواتهم هذه العلاقة الطويلة مع ذاكرة اللوز.. بإمكان البلدية في القطيف أن تستثمر في حب الناس لهذه الثمرة وهذه الشجرة، وأن تفكر في مبادرات شبيهة، حتى لا تنتهي حكايات اللوز في هذا الإقليم إلى صفقات خارج السوق، حيث العمالة الوافدة تتغزل تعب الفلاح وهي تلوح له بريالاتها من أجل شراء المحصول وهو ما زال معلقا في الشجره، فتخطف حصتها الكبيرة من السوق وتبيعها على امتداد مدن الساحل.
باختصار هي دعوة لأن تفتح البلدية نافذة للتفكير في شجرة اللوز، واستثمارها اقتصاديا وجماليا حتى، من خلال تنظيم سوقها، ومراقبة أسعارها، واعتمادها في قائمة مشاريع التشجير البلدية والاعتناء بها، فهي صديقة لملوحة التربة وحرارة الأجواء، ولها طاقة كبيرة لتحمل تقلبات الطقس، وبعد غيابها من بيوت الناس سيكون حضورها في شوارعهم تذكيرا لهم بواحدة من مفردات تراثهم وسيرة آبائهم وأجدادهم في هذه الأرض، وقبل ذلك يوميات طفولتهم التي كثيرا ما كانت فوق أغصان هذه الشجرة ذات الظلال الوارفة.
وليت هذا الاحتفاء تجاوز مواقع التواصل ليصل إلى الأرض، وتجاوز الكلام إلى الفعل، فموسم اللوز الذي بدأ مع صنف «الحبان» قبل شهر تقريبا، ما زال سوقا افتراضية تتناثر على أطراف الشوارع الرئيسة في قرى ومدن القطيف، من أول النهار وحتى ساعات الليل، وأسعار المنتوجات فيه أكثر صمودا من أسعار السلع الموسمية الأخرى كالليمون والرطب والبمبر، فحتى في لحظات الذروة والوفرة لا تذهب الأسعار بعيدا في انخفاضها، فكيلو اللوز يتأرجح بين 25 و45 ريالا في الغالب.
لم تعرف هذه السوق أي شكل من أشكال الصناعات التحويلية لهذا المنتج خلال السنوات الماضية، بيد أن هذا الموسم كان استثنائيا بامتياز بعد نجاح محلات الآيسكريم والعصيرات في تقديم آيسكريم اللوز، الأمر الذي مثل ضغطا على الطلب في سوق اللوز، ورفع الأسعار خلال الأسبوع المنصرم إلى سقف التسعين ريالا للكيلو الواحد، لتشهد الأسعار ارتفاعا يفاقم من ارتفاعها الدائم أصلا، مع التوقعات بمحدودية المعروض في القادم من الأيام، بسبب البيع المباشر لمحلات الآيسكريم.
كان يمكن للبلدية التي أعلنت حماستها للوز أن تساعد في تسويق وتطوير صناعة هذه الثمرة، عبر التعاون مع وزارة الزراعة في تشجيع ودعم زراعة اللوز من جهة، وتوفير منصات بيع للمزارعين الذين يفترشون الطرقات في ظهيرات القيظ، وقنوات تسويق تمكنهم من الوصول إلى حيث الأسواق الكبرى من جهة أخرى... لا أحد يملك معلومات اليوم عن حجم هذه السوق، إلا أن المتابعين والمشاركين فيها قادرون على تخمينها، فهي تقترب من سقف مليون ريال من المبيعات خلال شهرين بالتمام، ولأنها ثمرة تتوغل في ذاكرة الناس والمكان علينا توقع استمرار الطلب عليها والحاجة إلى توفيرها بأسعار معقولة.
الأفكار كثيرة، والبحرينيون علقوا الجرس بالأمس وهم يطلقون المهرجان الأول للوز، جعلوا للوز احتفاليته الخاصة باعتباره جزءاً من الموروث الشعبي، قدموا فيه اللوز ومشتقاته، التي شاهدنا منها المخلل والعسل والعصير والآيسكريم، لم تمنع الأجواء الساخنة الناس من الذهاب بحماسة إلى هذا المشهد الاحتفالي، لأنهم يختصرون بخطواتهم هذه العلاقة الطويلة مع ذاكرة اللوز.. بإمكان البلدية في القطيف أن تستثمر في حب الناس لهذه الثمرة وهذه الشجرة، وأن تفكر في مبادرات شبيهة، حتى لا تنتهي حكايات اللوز في هذا الإقليم إلى صفقات خارج السوق، حيث العمالة الوافدة تتغزل تعب الفلاح وهي تلوح له بريالاتها من أجل شراء المحصول وهو ما زال معلقا في الشجره، فتخطف حصتها الكبيرة من السوق وتبيعها على امتداد مدن الساحل.
باختصار هي دعوة لأن تفتح البلدية نافذة للتفكير في شجرة اللوز، واستثمارها اقتصاديا وجماليا حتى، من خلال تنظيم سوقها، ومراقبة أسعارها، واعتمادها في قائمة مشاريع التشجير البلدية والاعتناء بها، فهي صديقة لملوحة التربة وحرارة الأجواء، ولها طاقة كبيرة لتحمل تقلبات الطقس، وبعد غيابها من بيوت الناس سيكون حضورها في شوارعهم تذكيرا لهم بواحدة من مفردات تراثهم وسيرة آبائهم وأجدادهم في هذه الأرض، وقبل ذلك يوميات طفولتهم التي كثيرا ما كانت فوق أغصان هذه الشجرة ذات الظلال الوارفة.