من البديهيات القول بأن الوحي الإلهي نزل في الماضي بلسان أقوام عاشوا في الماضي. لذا عندما نتعامل مع الشرائع السماوية فنحن نتعامل مع ماض لا يمكن إزاحته تماما من تجربة الحاضر، نتعامل مع تاريخ حاضر بقوة بيننا ودراستنا لهذا التاريخ تدور حول إمكانيته أن يقترب مما حدث في ذاك الماضي. والسلفية بوصفها في الحقيقة نظرية في اللغة فإنها من أكثر الاتجاهات الدينية التي تناولت الماضي من خلال اللغة، وسعت لإعادة بنائه من خلال فهم السلف لغويا للنصوص الدينية.
السلفية عبارة عن نظرية في اللغة، دراسة موضوعية للتاريخ بحثا عن الحقيقة، ولكن عبر اللغة أو كلام العرب كما يتردد دائما في كتب الفقهاء، فقد كان ينظر للغة عند كثير من الفقهاء بوصفها وسيطا نقيا لتقديم الحقيقة التاريخية، لذلك كان الاهتمام باللغة في الحضارة العربية الإسلامية على قائمة الأولويات الدينية والعلمية. فقد كان الفقهاء واعون معرفيا لأهمية اللغة ودورها المركزي في المعرفة التاريخية. وتحديدا لعصر نزول الوحي أو عصر السلف الصالح.
الآثار اللغوية ممثلة في النص القرآني والأحاديث النبوية أو الآثار الأدبية ممثلة في أشعار العرب في العصر الجاهلي أو عصر البعثة النبوية، حين يستخدمها المؤرخ أو الفقيه تكون أدلة حقيقية تكتسب المعنى عندما ترتبط بالسياق وتوضع داخله، ومن هنا تكتسب النظرية السلفية مكانتها العلمية عندما تسعى للربط بين النصوص الدينية والتطبيق العملي للسلف، كون تطبيقهم العملي يمثل السياق اللغوي. فالقرآن الكريم نزل بلسانهم وبطريقتهم في التعبير.
يقول الله تعالى: (يا أيها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)، كما نعرف أن هذه الآية تمثل صفة الوضوء، ونحن نطبق الوضوء اليوم بصورة بديهية دون أن ندري أن هذه الآية كانت تتضمن جملة من الخلافات الفقهية وأحدها الخلاف حول غسل اليدين إلى المرافق. فقد اتفق العلماء بناء على النص، أن غسل اليدين والذراعين من فروض الوضوء، ولكنهم اختلفوا في إدخال المرافق فيها. وهذا الخلاف الفقهي في حقيقته خلاف لغوي حول القصد في الآية (وأيديكم إلى المرافق). يقول الفقيه الأصولي ابن رشد في كتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» شارحا أسباب الخلاف: «والسبب في اختلافهم في ذلك الاشتراك الذي في حرف (إلى) وفي اسم اليد في كلام العرب، وذلك أن حرف (إلى) مرة يدل في كلام العرب على الغاية، ومرة يكون بمعنى (مع)، واليد أيضا في كلام العرب تطلق على ثلاثة معان على الكف فقط، وعلى الكف والذراع، وعلى الكف والذراع والعضد». نلاحظ في كلام ابن رشد مقدار الدقة التي يتعامل بها الفقهاء حتى مع أبسط العبادات وأدق تفاصيلها، وكيف تعالج الخلافات الفقهية لغويا بدقة واحترافية كبيرتين، فاللسان العربي هنا يمثل الصورة المعيارية أو الميزان الذي توزن عليه الأدلة النصية، ويمثل فهم السلف لهذه الأدلة التطبيق العملي لها.
توظيف «فهم السلف» يعد توظيفا لغويا في المقام الأول في سبيل إعادة بناء الماضي وتحديد معالمه، فقد تحددت صفة غسل اليدين إلى المرفقين التي نطبقها كل يوم من خلال فهم السلف كونهم شهود عيان عاصروا حقبة نزول الوحي.
السلفية عبارة عن نظرية في اللغة، دراسة موضوعية للتاريخ بحثا عن الحقيقة، ولكن عبر اللغة أو كلام العرب كما يتردد دائما في كتب الفقهاء، فقد كان ينظر للغة عند كثير من الفقهاء بوصفها وسيطا نقيا لتقديم الحقيقة التاريخية، لذلك كان الاهتمام باللغة في الحضارة العربية الإسلامية على قائمة الأولويات الدينية والعلمية. فقد كان الفقهاء واعون معرفيا لأهمية اللغة ودورها المركزي في المعرفة التاريخية. وتحديدا لعصر نزول الوحي أو عصر السلف الصالح.
الآثار اللغوية ممثلة في النص القرآني والأحاديث النبوية أو الآثار الأدبية ممثلة في أشعار العرب في العصر الجاهلي أو عصر البعثة النبوية، حين يستخدمها المؤرخ أو الفقيه تكون أدلة حقيقية تكتسب المعنى عندما ترتبط بالسياق وتوضع داخله، ومن هنا تكتسب النظرية السلفية مكانتها العلمية عندما تسعى للربط بين النصوص الدينية والتطبيق العملي للسلف، كون تطبيقهم العملي يمثل السياق اللغوي. فالقرآن الكريم نزل بلسانهم وبطريقتهم في التعبير.
يقول الله تعالى: (يا أيها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)، كما نعرف أن هذه الآية تمثل صفة الوضوء، ونحن نطبق الوضوء اليوم بصورة بديهية دون أن ندري أن هذه الآية كانت تتضمن جملة من الخلافات الفقهية وأحدها الخلاف حول غسل اليدين إلى المرافق. فقد اتفق العلماء بناء على النص، أن غسل اليدين والذراعين من فروض الوضوء، ولكنهم اختلفوا في إدخال المرافق فيها. وهذا الخلاف الفقهي في حقيقته خلاف لغوي حول القصد في الآية (وأيديكم إلى المرافق). يقول الفقيه الأصولي ابن رشد في كتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» شارحا أسباب الخلاف: «والسبب في اختلافهم في ذلك الاشتراك الذي في حرف (إلى) وفي اسم اليد في كلام العرب، وذلك أن حرف (إلى) مرة يدل في كلام العرب على الغاية، ومرة يكون بمعنى (مع)، واليد أيضا في كلام العرب تطلق على ثلاثة معان على الكف فقط، وعلى الكف والذراع، وعلى الكف والذراع والعضد». نلاحظ في كلام ابن رشد مقدار الدقة التي يتعامل بها الفقهاء حتى مع أبسط العبادات وأدق تفاصيلها، وكيف تعالج الخلافات الفقهية لغويا بدقة واحترافية كبيرتين، فاللسان العربي هنا يمثل الصورة المعيارية أو الميزان الذي توزن عليه الأدلة النصية، ويمثل فهم السلف لهذه الأدلة التطبيق العملي لها.
توظيف «فهم السلف» يعد توظيفا لغويا في المقام الأول في سبيل إعادة بناء الماضي وتحديد معالمه، فقد تحددت صفة غسل اليدين إلى المرفقين التي نطبقها كل يوم من خلال فهم السلف كونهم شهود عيان عاصروا حقبة نزول الوحي.