اضطررت لإجراء فحص بالرنين المغناطيسي، وحيث إنها المرة الأولى التي أجرب هذا الجهاز فقد كنت متخوفة منه ومن تصميمه الشبيه بالتابوت.
وحتى أطمئن بدأ الفني الآسيوي يشرح لي طريقة عمل الجهاز، وأخبرني أن صوته مزعج، لذلك سيضع السماعات على أذني، ويمكنني أن أتحدث معه إن حدث طارئ، وسألني ماذا أريد أن أسمع فقلت له بحماس إنني أحب الموسيقى الكلاسيكية، وهنا اعتلت وجهه الدهشة وتمتم استغفارا وحوقلة!
ثم قال لي «في المدينة ما في مسموح موسيقى مسموح بس قرآن»، وفهمت عندها أنه يسألني أن أختار شيئا من القرآن! استسلمت للأمر وتركت له الاختيار ودخلت للتابوت البارد وبدأ صوت الجهاز بطيئا، وعلا عليه صوت التلاوة «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف...»، وعند نهاية الآية، طلبت منه إيقاف التلاوة وقررت أن أكتفي بصوت جهاز الرنين.
قد يظن البعض أن هذا تفصيل صغير، لكنه في الواقع موقف يكشف عن عدة مشكلات، أولها ما يتعلق بالجانب الإنساني في الرعاية الصحية، إذ إن من أبسط حقوق المريض أن يختار الأمر الذي يريحه، وحرمانه من الخيارات المتاحة لغيره من المرضى في أماكن أخرى من العالم، هو قصور واضح في هذا الجانب.
ومعلوم أن الموسيقى مستخدمة للاسترخاء والاستشفاء على نطاق واسع في العالم، كما أن المريض قد لا يكون مسلما أصلا، فضلا عن أنه لا دليل شرعي على خصوصية حكم الموسيقى في المدينة.
أما ما يتعلق بثنائية القرآن والموسيقى، فالأمر لا يمكن فهمه إلا أنه أثر بعد عين الصحوة، فما زال البعض يرتاح لفكرة الشعور بالذنب حتى لو لم يرتكب إثما، ونحن أهل المدينة المنورة بشر طبيعيون، تصدح الموسيقى في منازلنا ومقاهينا وأسواقنا، كما ترافق احتفالاتنا الوطنية والعائلية ولدينا فلكلورنا وأهازيجنا والأمر طبيعي جدا، ولكن عندما نتمغنط تصبح لدينا خصوصية مفاجئة!
ربما حان الوقت لحسم الجدل بشأن الموسيقى، فإن كانت مباحة شرعا أو عرفا، فلا موجب لهذه المحاذير المثيرة للسخرية، على الأقل في الجهات التي يتوقع منها الحياد التام في المسائل الجدلية كالمستشفيات مثلا.
ومن جانب آخر، فإن استخدام القرآن الكريم كخلفية صوتية هو مساس بقدسيته وخروج به عن روحانيته وعلويته، ليختلط بأصوات الباعة في أماكن التسوق أو بصياح الأطفال في الفعاليات المدرسية، أو بالطنين المزعج لأجهزة الفحص المغناطيسي.
القرآن الكريم كتاب مناجاة وصلاة وخلوة وتدارس واتصال بين الإنسان والملكوت الأعلى، فلا ينبغي أن يتلى على من لا ينصت ويتدبر، ولا ينبغي أن يكون مجرد صوت مرافق لانشغالاتنا وشؤوننا اليومية الصاخبة.
إنني أدعو الجهات المختصة لمراجعة هذه الأمور، ورفع مستوى الوعي لدى الممارسين الصحيين في المدينة خصوصا، فالمدينة ليست معبدا للصلاةفقط، بل منطقة حيوية متنوعة وجاذبة للبشر من مختلف الثقافات والأديان والآراء.
وحتى أطمئن بدأ الفني الآسيوي يشرح لي طريقة عمل الجهاز، وأخبرني أن صوته مزعج، لذلك سيضع السماعات على أذني، ويمكنني أن أتحدث معه إن حدث طارئ، وسألني ماذا أريد أن أسمع فقلت له بحماس إنني أحب الموسيقى الكلاسيكية، وهنا اعتلت وجهه الدهشة وتمتم استغفارا وحوقلة!
ثم قال لي «في المدينة ما في مسموح موسيقى مسموح بس قرآن»، وفهمت عندها أنه يسألني أن أختار شيئا من القرآن! استسلمت للأمر وتركت له الاختيار ودخلت للتابوت البارد وبدأ صوت الجهاز بطيئا، وعلا عليه صوت التلاوة «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف...»، وعند نهاية الآية، طلبت منه إيقاف التلاوة وقررت أن أكتفي بصوت جهاز الرنين.
قد يظن البعض أن هذا تفصيل صغير، لكنه في الواقع موقف يكشف عن عدة مشكلات، أولها ما يتعلق بالجانب الإنساني في الرعاية الصحية، إذ إن من أبسط حقوق المريض أن يختار الأمر الذي يريحه، وحرمانه من الخيارات المتاحة لغيره من المرضى في أماكن أخرى من العالم، هو قصور واضح في هذا الجانب.
ومعلوم أن الموسيقى مستخدمة للاسترخاء والاستشفاء على نطاق واسع في العالم، كما أن المريض قد لا يكون مسلما أصلا، فضلا عن أنه لا دليل شرعي على خصوصية حكم الموسيقى في المدينة.
أما ما يتعلق بثنائية القرآن والموسيقى، فالأمر لا يمكن فهمه إلا أنه أثر بعد عين الصحوة، فما زال البعض يرتاح لفكرة الشعور بالذنب حتى لو لم يرتكب إثما، ونحن أهل المدينة المنورة بشر طبيعيون، تصدح الموسيقى في منازلنا ومقاهينا وأسواقنا، كما ترافق احتفالاتنا الوطنية والعائلية ولدينا فلكلورنا وأهازيجنا والأمر طبيعي جدا، ولكن عندما نتمغنط تصبح لدينا خصوصية مفاجئة!
ربما حان الوقت لحسم الجدل بشأن الموسيقى، فإن كانت مباحة شرعا أو عرفا، فلا موجب لهذه المحاذير المثيرة للسخرية، على الأقل في الجهات التي يتوقع منها الحياد التام في المسائل الجدلية كالمستشفيات مثلا.
ومن جانب آخر، فإن استخدام القرآن الكريم كخلفية صوتية هو مساس بقدسيته وخروج به عن روحانيته وعلويته، ليختلط بأصوات الباعة في أماكن التسوق أو بصياح الأطفال في الفعاليات المدرسية، أو بالطنين المزعج لأجهزة الفحص المغناطيسي.
القرآن الكريم كتاب مناجاة وصلاة وخلوة وتدارس واتصال بين الإنسان والملكوت الأعلى، فلا ينبغي أن يتلى على من لا ينصت ويتدبر، ولا ينبغي أن يكون مجرد صوت مرافق لانشغالاتنا وشؤوننا اليومية الصاخبة.
إنني أدعو الجهات المختصة لمراجعة هذه الأمور، ورفع مستوى الوعي لدى الممارسين الصحيين في المدينة خصوصا، فالمدينة ليست معبدا للصلاةفقط، بل منطقة حيوية متنوعة وجاذبة للبشر من مختلف الثقافات والأديان والآراء.