فاطمة المزيني

(يخطئ من يربط جذورنا الحضارية ببداية الإسلام منذ 1400 سنة ، ومع اعتزازنا بالإسلام إلا أن حضارتنا العربية تمتد لآلاف السنين قبل ظهور الإسلام وتتلاقى بالحضارات القديمة والمندثرة وفي بلادنا عدد كبير من الشواهد والآثار الباقية).

كان هذا جزءا من حديث تلفزيوني مهم لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقد ترجم هذا الحديث توجه المملكة العربية السعودية نحو إعادة اكتشاف جذورها الحضارية الضاربة في أعماق التاريخ، وترافق هذا مع اهتمام علمي ورسمي كبير بدراسة الآثار السعودية وتسجيلها ضمن التراث العالمي.

تؤكد الدراسات الأنثروبولوجية أن الإنسان القديم تحرك قبل آلاف السنين من القارة الإفريقية، متجها شرقا نحو الهند مرورا بجزيرة العرب، وذلك عبر المضايق المائية على البحر الأحمر، والتي يرجح أنها كانت متقاربة وضحلة، وقد استقرت بعض الجماعات المهاجرة في الجزيرة العربية منذ القدم وأنشأت دولا وممرات تجارية ومارست حياة حضرية مستقرة.

ونذكر على سبيل المثال مملكة معين ولحيان ودادان والأنباط، وجميعها دول قامت على أجزاء من شمال وغرب الجزيرة العربية امتدت حتى القرن الأول قبل الميلاد.

كما قامت حضارات عربية في منطقة الجوف الحالية، ورد ذكرها في المخطوطات الآشورية باسم (مدينة العرب)، حيث كانت مشرفة على طرق التجارة بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، وقد اكتسبت أهمية سياسية خاصة بعد أن قادت الممالك العربيات أولى الثورات على ملك آشور في القرن السابع قبل الميلاد.

وكذلك قامت في وسط الجزيرة العربية دولة كندة وحاضرتها مدينة الفاو التي تعود للقرن الثاني قبل الميلاد.

إضافة لعدد من الحضارات البائدة التي ورد ذكرها في عدد من المخطوطات التاريخية والكتب المقدسة.

نعلم أيضا أن الأديان بما تركته من موروث مادي وغير مادي كانت جزءا أساسيا من حضارة العرب، و هي التي صنعت أهم قيمهم وتقاليدهم وطباعهم، بداية بالأديان الوثنية القديمة مرورا باليهودية والمسيحية ثم الإسلام، وفي المملكة لا تزال بقايا من الشواهد والمعابد ومواقع المعارك والأحداث التاريخية الكبرى التي شكلت بدايات الوجود الإنساني على الأرض.

واليوم نفخر بالجهود الكبيرة التي تبذلها عدة جهات كوزارة السياحة ووزارة الثقافة ودارة الملك عبدالعزيز وهيئات التراث والمتاحف وغيرها، لاستخراج كنوزنا المدفونة تحت الرمال، وإضافتها للخارطة الثقافية العالمية.

فحكايتنا تبقى جزءا أصيلا من حكاية العالم.