أعتقد أن انتصارات التحالف التي يشهدها اليمن على الحوثيين آخر محك لاختبار من لا يزال الكثيرون في شك من عداوته لبلادنا، ومن لا يزال الكثيرون أيضًا في شك من صداقته لبلادنا.
لديَّ الآن قاعدة تمحص من حقيقةُ أمرهِ العداوةُ للسعودية وإن كان يدَّعي الصداقة، كما تمحص من حقيقته الصداقة لنا وإن كان هناك الكثيرون يشكون في أمره.
هذه القاعدة هي أن من هو مسرور بانتصارات التحالف العربي الذي تتشرف بلادي السعودية بقيادته فهو صديق، وإن اعترى صداقته سوء فهم طارئ أو مواقف سلبية جاءت نتيجة هوى أو حظوظ نفس أو جاءت في سياق ظروف تاريخية وفكرية اختلطت عليه فيها الأمور، ومن هو مستاء منها فهو عدو حاقد، وليس عدوا لبلادنا وحسب، بل هو من حيث يعلم أو لا يعلم عدو للإسلام وأهله، وإن تغلفت هذه العداوة بالكثير من التأويلات الشيطانية التي يُزين إبليس فيها الباطل لأهله.
وذلك أن الانتصار على الحوثي انتصار على ذراع مهم للعدوَيْن الصفوي الإيراني والصهوني العبري؛ وقد يكون التحالف الصفوي الصهيوني خافيًّا عند الكثيرين، لكنه حقيقة انكشف العديد من أوراقها، والتاريخ كفيل بكشف الباقي؛ المهم أن المعركة مع الحوثيين هي جبهة واحدة فقط من جبهات الصراع الوجودي الإسلامي العربي مع الصفويين والصهاينة، ومن لا يسره انتصار التحالف العربي في هذه الجبهة فهو عدو للإسلام وليس عدوًا لدول التحالف العربي وحسب وإن تزيا بزي المفكر الحر أو زي الشيخ الفقيه، فإن هويته الفكرية أو العلمية لا تعني شيئًا ما دام يقف مع الحوثيين أو يدَّعي الحياد، أو يُفتي بما يُهوِّن من الجذور العقدية لهذا الصراع كمن يفتي بأن حرب السعودية وتحالفها العربي للحوثيين حرب فتنة وبغي، سواء أقصد أن الباغي هو التحالف العربي أم قصد أن الباغي هو الحوثي.
فإن كان يقصد المعنى الأول، فهو إيراني الهوى يتمنى تحقق مشاريعها المعادية للإسلام في بلادنا وفي باقي بلاد المسلمين، ولا ينبغي أن يجعلنا نتهاون في الحذر منه والتباعد عنه نسبته نفسه إلى المقاومة أو الممانعة أو العلم الشرعي أو الفكر الحر.
أما من يرى أن أنصار الشيطان الحوثيين هم البغاة، فقد وصفهم ببعض وصفهم وترفق معهم في غير موضع رفق، فحقيقة أمرهم كحقيقة أمر حزب الشيطان في لبنان، جيش احتلال يريد أن يجعل اليمن مرتهنة لوليهم السفيه في إيران، ولن يكتفي باليمن لتكون محل إفساده؛ بل يريد أن يكون ظهيرًا وعونا لكتائب المجرم الصفوي في جزيرة العرب كما أن حزب إبليس عون وظهير للمجرم الإيراني في سوريا والعراق.
المسرحية واحدة، فكما دارت فصولها هناك يراد لها أن تدور هاهنا. الانتصارات في اليمن ظاهرها لليمن وللتحالف العربي وللسعودية، لكن حقيقتها ومآلاتها تجعلها انتصارات للأمة الإسلامية ضد الصهيونية والصفوية.
الصهيونية التي تزعم إيران عداوتها مع أنها لم تصبها بأذى طيلة جوار بينهما بلغ عمره خمسة وثلاثين عامًا هي عمر حركات حزب الشيطان، وأمل وحماس والجهاد في شمال الكيان الصهيوني وجنوبه ووسطه، ولو سألت عن عدد قتلى الصهاينة في معاركهم الوهمية مع تلك الحركات طيلة ثلاثة عقود لم يبلغوا الخمسين، ولو سألت عن قتلى اللبنانيين والفلسطينيين جرَّاء تلك الحروب الدعائية لبلغوا الآلاف.
إن المشروعين الصفوي والصهيوني على تباينهما، يتقاطعان عند نقطة واحدة، وهي إبادة العرب أو تهجيرهم وصرف البقية التي يُكتب لها البقاء منهم عن دينهم الصحيح، هذه النقطة مشتركة بين الجهتين، إلا أن المكر والكيد الصهيوني أدار الخُطَّة بحيث يقوم الصفوييون بهذا الأمر نيابة عنهم، حتى إذا نجحوا في إضعاف المنطقة وتصفية أكثر أهلها فإن الكيان الصفوي سيسقط من تلقاء نفسه بالتآكل الذاتي، وبذلك تَخلو الساحةُ لهم مع شرق أوسط مهترئ يقتل بعضه بعضًا.
هكذا تفكر إيران وهكذا يفكر حلفاؤها الأخفياء من الصهاينة، فحين يقاتل التحالف بقيادة السعودية الحوثيين فإنه يقاتل إيران، ومن يقاتل إيران فهو يقاتل مشروعًا صفويًّا صهيونيًّا، وبالتالي فهو يقف في وجه من وراءهما، وهي الكتل الداعمة لهذين المشروعين داخل الحكومات الأمريكية والغربية العميقة. وهذا قليل من كثير مما يُفَسِّر التماهي الغربي الأمريكي العجيب مع إيران وحلفائها رغم ما فعلته إيران من عداوات ظاهرية تجاه تلك الدول ابتداء بأزمة الرهائن الشهيرة بعد الثورة الخمينية وانتهاء بالضغط بفضائح الأمم المتحدة وتغطية تهريب إيران للأسلحة عبر ميناء الحديدة ومطار صنعاء، ومشاركة المنظمة الدولية في تسهيل تنقلات قياديي الحوثيين بسيارات الأمم المتحدة، ومرورًا بقتل حزب الشيطان الإيراني لضباط البحرية الأمريكيين سنة ١٩٨٦ وقصف عملائها للسفارة الأمريكية والمنطقة الخضراء في العراق، ثم إعلان الحوثي ليس جماعة إرهابية وشطبهم من قوائم الإرهاب.
تقاطع المشروعين الصفوي والصهيوني هو وحده ما يفسر هذه التناقضات التي تجعل حربنا لأحدهما حرب للآخر. لكي يعلم المسلمون عمق الخطر الإيراني عليهم يجب أن يعلموا أن إيران تستحضر في احتذائها التاريخي تجربتين كلتاهما نجحتا في القضاء على الخير وبناء صروح الشر.
الأولى تجربة فرديناند وإيزابيلا في إسبانيا اللذين أقاما محاكم التفتيش في الجزيرة الأيبيرية حتى استطاعا أن يستأصلا الإسلام والعروبة منها، فقَتلوا ثُلث العرب هناك وهاجر ثلثهم وتنصر الثلث الأخير.
والتجربة الثانية تجربة إسماعيل الصفوي الذي صنع في إيران ما صنعه النصارى في الأندلس فمن لم يقبل أن يُظهر التشيع قسرًا قتل أو هُجِّر، والتجربتان الصفوية والإسبانية متعاصرتان، ففيما كان يقتل السنة في إسبانيا كان يفعل بهم الشيء نفسه في إيران. والمعممون يريدون اليوم أن ينجحوا نجاحًا أضخم من نجاح فرديناند وإسماعيل الصفوي حيث وسعوا رقعة نشاطهم في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ويتلهفون لأي اختلال في النظام الأردني والبحريني والكويتي والإماراتي لتنطلق حشودهم الفاجرة إليه فيصنعوا فيه صنيعهم، وليكونوا أقرب إلى السعودية التي لا يخفون طمعهم في أن تكون بزعمهم خامس العواصم التي يستولون عليها؛ بل إنها عندهم أولى بالمحاربة من الكيان الصهيوني، وقد سمع الجميع المقبور الأثيم الذميم أبو مهدي المهندس وهو يقول الرياض قبل إسرائيل؛ لكن سفهاء أهل الأهواء ولو سمعوا لا يعقلون كحال إسماعيل هنية الذي ينعى بمل صوته وكامل وقاحته هذا الرجل مدعياً أنه شهيد المقاومة !
إن مآلات نجاح الإيرانيين في مشروعهم لا يمكن لعاقل أن يَدَّعي الجهل بها وهي ظاهرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، فإن الدمار الحاصل في هذه البلاد ليس أمرًا فرضته ظروف قاهرة، بل هو دمار مقصود لذاته وجزء من استراتيجية متكاملة، فبالنسبة للصفويين لابد أن تدمر كل البلاد التي يطؤونها كي يتشيع أهلها أو يهاجروا أو يموتوا، وبالنسبة للصهاينة لا بد أن تدمر كل هذه البلاد على يد الصفويين كي لا يكون لهم أعداء يخشون على بقائهم مع وجودهم، إذن فإيران اليوم تعمل من أجل إنشاء إسرائيل الكبرى، والعالم الذي يدعي عداوتها وهو صامت عن مشاريعها النووية.
ولذلك فإن السرور بانتصارات التحالف العربي واجب على كل مسلم لأنها في معركة مآل الانتصار فيها حماية الإسلام والمسلمين لا حماية شعب بعينه أو دولة بعينها، فكل الدول مستهدفة وإن كان الإعلام يحاول أن يحصر القضية في السعودية.
المعركة الآن في اليمن والحسم ينبغي أن يكون قبل كل شيء بيد اليمنيين، فهم أولى بوطنهم، ولن يكون ذلك ممكناً في ظل أدنى خصومة بينهم، نقرأ ونسمع في مواقع التواصل الاجتماعي ضجيجًا بين اليمنيين حول القوات الفاعلة في هذه الانتصارات من هي؟ ثم تتشقق الخصومات إثر أي جواب، وأتمنى ألا تصل آثار ما يثار من لغط إلى الصامدين في الميدان، لأن هذا لغط فتنة يفرح بها أعداء اليمن ويعملون على إذكائها، لأن الوحدة والإيثار هما ريح النصر، كما قال تعالى ﴿وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم وَاصبِروا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرينَ﴾.
لذلك فليكف اليمنيون أقلامهم وألسنتهم عن كتابة وقول كل كلمة لا يحسب لها حساباً، وليكفوا أسماعهم عن أصوات تنبح أو تُنَبح ليس مرادها إلا انتصار إيران وهوان العرب وعز الصهاينة، وإن لبسوا جلود الحملان على ظهور الضباع والثعالب.
إن هذه الحرب يقف فيها تحالفان في مواجهة بعضهما، الأول التحالف العربي المسلم والآخر التحالف الصفوي الصهيوني، وإذا كان ثَمَّة مقام يصلح أن نقول فيه: من ليس معنا فهو ضدنا، فإنما هو هذا المقام، فمن لم يقف مع التحالف العربي بقيادة السعودية، فهو مع التحالف الصفوي الصهيوني بقيادة الكيان الصهيوني وتنفيذ الكيان الصفوي وإن أعجبك قولهم.
لديَّ الآن قاعدة تمحص من حقيقةُ أمرهِ العداوةُ للسعودية وإن كان يدَّعي الصداقة، كما تمحص من حقيقته الصداقة لنا وإن كان هناك الكثيرون يشكون في أمره.
هذه القاعدة هي أن من هو مسرور بانتصارات التحالف العربي الذي تتشرف بلادي السعودية بقيادته فهو صديق، وإن اعترى صداقته سوء فهم طارئ أو مواقف سلبية جاءت نتيجة هوى أو حظوظ نفس أو جاءت في سياق ظروف تاريخية وفكرية اختلطت عليه فيها الأمور، ومن هو مستاء منها فهو عدو حاقد، وليس عدوا لبلادنا وحسب، بل هو من حيث يعلم أو لا يعلم عدو للإسلام وأهله، وإن تغلفت هذه العداوة بالكثير من التأويلات الشيطانية التي يُزين إبليس فيها الباطل لأهله.
وذلك أن الانتصار على الحوثي انتصار على ذراع مهم للعدوَيْن الصفوي الإيراني والصهوني العبري؛ وقد يكون التحالف الصفوي الصهيوني خافيًّا عند الكثيرين، لكنه حقيقة انكشف العديد من أوراقها، والتاريخ كفيل بكشف الباقي؛ المهم أن المعركة مع الحوثيين هي جبهة واحدة فقط من جبهات الصراع الوجودي الإسلامي العربي مع الصفويين والصهاينة، ومن لا يسره انتصار التحالف العربي في هذه الجبهة فهو عدو للإسلام وليس عدوًا لدول التحالف العربي وحسب وإن تزيا بزي المفكر الحر أو زي الشيخ الفقيه، فإن هويته الفكرية أو العلمية لا تعني شيئًا ما دام يقف مع الحوثيين أو يدَّعي الحياد، أو يُفتي بما يُهوِّن من الجذور العقدية لهذا الصراع كمن يفتي بأن حرب السعودية وتحالفها العربي للحوثيين حرب فتنة وبغي، سواء أقصد أن الباغي هو التحالف العربي أم قصد أن الباغي هو الحوثي.
فإن كان يقصد المعنى الأول، فهو إيراني الهوى يتمنى تحقق مشاريعها المعادية للإسلام في بلادنا وفي باقي بلاد المسلمين، ولا ينبغي أن يجعلنا نتهاون في الحذر منه والتباعد عنه نسبته نفسه إلى المقاومة أو الممانعة أو العلم الشرعي أو الفكر الحر.
أما من يرى أن أنصار الشيطان الحوثيين هم البغاة، فقد وصفهم ببعض وصفهم وترفق معهم في غير موضع رفق، فحقيقة أمرهم كحقيقة أمر حزب الشيطان في لبنان، جيش احتلال يريد أن يجعل اليمن مرتهنة لوليهم السفيه في إيران، ولن يكتفي باليمن لتكون محل إفساده؛ بل يريد أن يكون ظهيرًا وعونا لكتائب المجرم الصفوي في جزيرة العرب كما أن حزب إبليس عون وظهير للمجرم الإيراني في سوريا والعراق.
المسرحية واحدة، فكما دارت فصولها هناك يراد لها أن تدور هاهنا. الانتصارات في اليمن ظاهرها لليمن وللتحالف العربي وللسعودية، لكن حقيقتها ومآلاتها تجعلها انتصارات للأمة الإسلامية ضد الصهيونية والصفوية.
الصهيونية التي تزعم إيران عداوتها مع أنها لم تصبها بأذى طيلة جوار بينهما بلغ عمره خمسة وثلاثين عامًا هي عمر حركات حزب الشيطان، وأمل وحماس والجهاد في شمال الكيان الصهيوني وجنوبه ووسطه، ولو سألت عن عدد قتلى الصهاينة في معاركهم الوهمية مع تلك الحركات طيلة ثلاثة عقود لم يبلغوا الخمسين، ولو سألت عن قتلى اللبنانيين والفلسطينيين جرَّاء تلك الحروب الدعائية لبلغوا الآلاف.
إن المشروعين الصفوي والصهيوني على تباينهما، يتقاطعان عند نقطة واحدة، وهي إبادة العرب أو تهجيرهم وصرف البقية التي يُكتب لها البقاء منهم عن دينهم الصحيح، هذه النقطة مشتركة بين الجهتين، إلا أن المكر والكيد الصهيوني أدار الخُطَّة بحيث يقوم الصفوييون بهذا الأمر نيابة عنهم، حتى إذا نجحوا في إضعاف المنطقة وتصفية أكثر أهلها فإن الكيان الصفوي سيسقط من تلقاء نفسه بالتآكل الذاتي، وبذلك تَخلو الساحةُ لهم مع شرق أوسط مهترئ يقتل بعضه بعضًا.
هكذا تفكر إيران وهكذا يفكر حلفاؤها الأخفياء من الصهاينة، فحين يقاتل التحالف بقيادة السعودية الحوثيين فإنه يقاتل إيران، ومن يقاتل إيران فهو يقاتل مشروعًا صفويًّا صهيونيًّا، وبالتالي فهو يقف في وجه من وراءهما، وهي الكتل الداعمة لهذين المشروعين داخل الحكومات الأمريكية والغربية العميقة. وهذا قليل من كثير مما يُفَسِّر التماهي الغربي الأمريكي العجيب مع إيران وحلفائها رغم ما فعلته إيران من عداوات ظاهرية تجاه تلك الدول ابتداء بأزمة الرهائن الشهيرة بعد الثورة الخمينية وانتهاء بالضغط بفضائح الأمم المتحدة وتغطية تهريب إيران للأسلحة عبر ميناء الحديدة ومطار صنعاء، ومشاركة المنظمة الدولية في تسهيل تنقلات قياديي الحوثيين بسيارات الأمم المتحدة، ومرورًا بقتل حزب الشيطان الإيراني لضباط البحرية الأمريكيين سنة ١٩٨٦ وقصف عملائها للسفارة الأمريكية والمنطقة الخضراء في العراق، ثم إعلان الحوثي ليس جماعة إرهابية وشطبهم من قوائم الإرهاب.
تقاطع المشروعين الصفوي والصهيوني هو وحده ما يفسر هذه التناقضات التي تجعل حربنا لأحدهما حرب للآخر. لكي يعلم المسلمون عمق الخطر الإيراني عليهم يجب أن يعلموا أن إيران تستحضر في احتذائها التاريخي تجربتين كلتاهما نجحتا في القضاء على الخير وبناء صروح الشر.
الأولى تجربة فرديناند وإيزابيلا في إسبانيا اللذين أقاما محاكم التفتيش في الجزيرة الأيبيرية حتى استطاعا أن يستأصلا الإسلام والعروبة منها، فقَتلوا ثُلث العرب هناك وهاجر ثلثهم وتنصر الثلث الأخير.
والتجربة الثانية تجربة إسماعيل الصفوي الذي صنع في إيران ما صنعه النصارى في الأندلس فمن لم يقبل أن يُظهر التشيع قسرًا قتل أو هُجِّر، والتجربتان الصفوية والإسبانية متعاصرتان، ففيما كان يقتل السنة في إسبانيا كان يفعل بهم الشيء نفسه في إيران. والمعممون يريدون اليوم أن ينجحوا نجاحًا أضخم من نجاح فرديناند وإسماعيل الصفوي حيث وسعوا رقعة نشاطهم في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ويتلهفون لأي اختلال في النظام الأردني والبحريني والكويتي والإماراتي لتنطلق حشودهم الفاجرة إليه فيصنعوا فيه صنيعهم، وليكونوا أقرب إلى السعودية التي لا يخفون طمعهم في أن تكون بزعمهم خامس العواصم التي يستولون عليها؛ بل إنها عندهم أولى بالمحاربة من الكيان الصهيوني، وقد سمع الجميع المقبور الأثيم الذميم أبو مهدي المهندس وهو يقول الرياض قبل إسرائيل؛ لكن سفهاء أهل الأهواء ولو سمعوا لا يعقلون كحال إسماعيل هنية الذي ينعى بمل صوته وكامل وقاحته هذا الرجل مدعياً أنه شهيد المقاومة !
إن مآلات نجاح الإيرانيين في مشروعهم لا يمكن لعاقل أن يَدَّعي الجهل بها وهي ظاهرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، فإن الدمار الحاصل في هذه البلاد ليس أمرًا فرضته ظروف قاهرة، بل هو دمار مقصود لذاته وجزء من استراتيجية متكاملة، فبالنسبة للصفويين لابد أن تدمر كل البلاد التي يطؤونها كي يتشيع أهلها أو يهاجروا أو يموتوا، وبالنسبة للصهاينة لا بد أن تدمر كل هذه البلاد على يد الصفويين كي لا يكون لهم أعداء يخشون على بقائهم مع وجودهم، إذن فإيران اليوم تعمل من أجل إنشاء إسرائيل الكبرى، والعالم الذي يدعي عداوتها وهو صامت عن مشاريعها النووية.
ولذلك فإن السرور بانتصارات التحالف العربي واجب على كل مسلم لأنها في معركة مآل الانتصار فيها حماية الإسلام والمسلمين لا حماية شعب بعينه أو دولة بعينها، فكل الدول مستهدفة وإن كان الإعلام يحاول أن يحصر القضية في السعودية.
المعركة الآن في اليمن والحسم ينبغي أن يكون قبل كل شيء بيد اليمنيين، فهم أولى بوطنهم، ولن يكون ذلك ممكناً في ظل أدنى خصومة بينهم، نقرأ ونسمع في مواقع التواصل الاجتماعي ضجيجًا بين اليمنيين حول القوات الفاعلة في هذه الانتصارات من هي؟ ثم تتشقق الخصومات إثر أي جواب، وأتمنى ألا تصل آثار ما يثار من لغط إلى الصامدين في الميدان، لأن هذا لغط فتنة يفرح بها أعداء اليمن ويعملون على إذكائها، لأن الوحدة والإيثار هما ريح النصر، كما قال تعالى ﴿وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم وَاصبِروا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرينَ﴾.
لذلك فليكف اليمنيون أقلامهم وألسنتهم عن كتابة وقول كل كلمة لا يحسب لها حساباً، وليكفوا أسماعهم عن أصوات تنبح أو تُنَبح ليس مرادها إلا انتصار إيران وهوان العرب وعز الصهاينة، وإن لبسوا جلود الحملان على ظهور الضباع والثعالب.
إن هذه الحرب يقف فيها تحالفان في مواجهة بعضهما، الأول التحالف العربي المسلم والآخر التحالف الصفوي الصهيوني، وإذا كان ثَمَّة مقام يصلح أن نقول فيه: من ليس معنا فهو ضدنا، فإنما هو هذا المقام، فمن لم يقف مع التحالف العربي بقيادة السعودية، فهو مع التحالف الصفوي الصهيوني بقيادة الكيان الصهيوني وتنفيذ الكيان الصفوي وإن أعجبك قولهم.