يُعتبر الزواج مرحلة محورية في حياة الإنسان، حيث تتداخل العواطف مع المسؤوليات الاجتماعية والصحية، وعندما يكون أحد الشريكين مصابًا بالسرطان، تثار تساؤلات حول مدى تأثير المرض على الحياة الزوجية، وإمكانية عيش حياة طبيعية.. فهل يمكن التغلب على هذه التحديات، أم أن السرطان يشكل عائقًا أمام الزواج؟.

يرتبط السرطان بالكثير من المشاعر، سواء للمصاب أو لأفراد أسرته، لكن مع التقدّم الطبي، أصبح المرض قابلاً للعلاج في العديد من الحالات، ولم يعد بالضرورة حاجزًا أمام الزواج، هناك اعتقادات خاطئة ترى أن السرطان يؤدي حتمًا إلى الوفاة أو يمنع الحياة الطبيعية، لكن الواقع يثبت أن العديد من المرضى يتعافون أو يتعايشون معه لفترات طويلة.

جوانب صحية


أبان استشاري الأورام، الدكتور عبدالرحمن اللغبي، أنه عند التفكير في الزواج، يجب مراعاة بعض الجوانب الصحية، ومنها مرحلة التشخيص والمرض والخطة العلاجية، الآثار الجانبية وتقليل آثارها، وكذلك الوضع النفسي والمجتمعي. قال اللغبي إن الأزواج يمكنهم بناء حياة مستقرة من خلال التواصل الصريح والمبكر، حيث من الضروري مناقشة تأثير المرض على الحياة الزوجية والتخطيط المشترك للمستقبل، كما يلعب الدعم العاطفي والنفسي من الشريك دورًا مهمًا في تعزيز الصحة النفسية للمريض، ما ينعكس إيجابًا على تجربته في العلاج والمتابعة. تساعد استشارة الأطباء قبل الزواج في فهم أي مضاعفات محتملة والتخطيط للحفاظ على الخصوبة والإنجاب، كما أن الاستشارات الجينية تساعد في تسهيل مهمة الفحص الجيني، وبناء خطة استشارية خاصة بالزوجين تناسب الجينات التي يحملونها في حال كان التشخيص مرتبطًا بجين معين.

حماية الخصوبة

أضاف اللغبي أنه فيما يتعلّق بحماية الخصوبة لدى الرجال والنساء، تتوافر حلول فعالة لحماية الخصوبة أثناء تفعيل الخطة العلاجية، بالنسبة للرجال، يمكنهم تجميد الحيوانات المنوية أو استخلاصها جراحيًا، إضافةً إلى تقنيات لحماية الخصيتين أثناء الإشعاع، أما النساء فيمكنهن تجميد البويضات، أو تجميد الأجنة، أو تجميد أنسجة المبيض، وكذلك الحماية بالعلاج الهرموني لتقليل الضرر الناجم عن العلاج الكيميائي في حال كان العلاج الكيميائي جزءًا من الخطة العلاجية الخاصة بالمريض.

دعم عاطفي

هناك العديد من الحالات التي أثبتت أن السرطان ليس عائقًا أمام الزواج، بل قد يكون تجربة تعزز قوة العلاقة، فهناك من تزوجوا بعد التعافي، ومن وجدوا في الدعم العاطفي للشريك دافعًا للالتزام بالخطة العلاجية وتحقيق التعافي، أكد اللغبي أن السرطان ليس حاجزًا أمام الزواج، لكنه يتطلب تفهّمًا وتخطيطًا مشتركًا بين الطرفين بالتنسيق مع الفريق الطبي المعالج من مختصين في الجوانب المختلفة للحالة الصحية الخاصة بالمريض، مع الوعي الصحي والدعم النفسي، واتباع التوصيات الطبية المنصوح بها، يمكن للمصابين بناء حياة زوجية ناجحة ومستقرة.

مرحلة مهمة

بدوره، أشار الدكتور صائل الضيوفي، الباحث في جينوم الأورام والليوكيميا، إلى أن الزواج يعد مرحلةً مهمة في حياة الإنسان، حيث يسعى الجميع إلى بناء أسرة مستقرة تقوم على الحب والتفاهم، ولكن عندما يكون أحد الطرفين مصابًا بمرض السرطان، تثار العديد من التساؤلات حول إمكانية الزواج، ومدى تأثير المرض على العلاقة الزوجية والصعوبات التي قد تواجه الطرفين.

مرحلة العلاج

قال الضيوفي إن تأثير السرطان على الزواج يختلف بناءً على نوع المرض ومرحلة العلاج المتبع، بعض أنواع السرطان تتطلب علاجات مكثفة مثل الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي، مما قد يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للمريض، كما أن بعض العلاجات قد تسبب آثارًا جانبية مثل التعب المزمن وفقدان الخصوبة، وهو ما قد يؤثر على قرارات الإنجاب، مع ذلك، هناك تطورات طبية تساعد في تحسين جودة الحياة للمصابين، مما يجعل الزواج خيارًا ممكنًا وليس مستحيلًا.

تحديات نفسية

أضاف الضيوفي أن المصابين بالسرطان يواجهون تحديات نفسية، مثل القلق والاكتئاب، والخوف من رفض الطرف الآخر أو فقدان الدعم العاطفي، كما أن المجتمع قد يحمل بعض التصورات الخاطئة عن المرض، مما قد يجعل المريض يشعر بالعزلة أو الخوف من عدم القبول، لذا، فإن وجود شريك متفهم وداعم يمكن أن يكون عاملًا مهمًا في تحسين الصحة النفسية للمريض وتعزيز ثقته بنفسه.

إدراك الحالة

شدد الضيوفي على أنه برغم التحديات فإن الزواج من شخص مصاب بالسرطان يمكن أن يكون ناجحًا، إذا بُني على التفاهم والصراحة، من الضروري أن يكون الطرف الآخر مدركًا لحالة المريض، وأن يتم التواصل بشكل واضح حول التوقعات والتحديات، كما أن الدعم النفسي والاجتماعي من العائلة والأصدقاء يساعد في تخفيف الضغوط، وجعل العلاقة أكثر استقرارًا، الزواج من شخص مصاب بالسرطان ليس مستحيلًا، بل يمكن أن يكون علاقة ناجحة إذا وُجد التفاهم والدعم المشترك، والأهم هو أن يكون الطرفان على دراية بالتحديات المحتملة، وأن يتعاملوا معها بروح إيجابية وبحب متبادل، فالحياة الزوجية الناجحة تعتمد على التفاهم والاحترام أكثر من أي شيء آخر.