بدأت الندوة بتوضيح أهمية التحدث عن ثنائيات الشعر والموسيقى في العالم العربي، مشيرة إلى الفارق بين الثقافة العربية والأوروبية التي تميل إلى تفضيل المعزوفات الموسيقية على قالب "الأغنية". بينما العرب يقدرّون الشعر بشكل خاص إلى حد التقديس. وكان هذا ردًا على انتقادات الموسيقار وليد غلميّة الذي يقول بأن: "اللغة عند العرب طغت عل كل الفنون، ولم تسمح للفنون الأخرى بأن تبرز".
وأشارت بأن قوة اللغة عند العرب لا تعتبر نقطة ضعف، بل قوة يمكن الاستفادة منها في ضخامة الإنتاج الثقافي والموسيقي. وأن الشعب العربي بحد ذاته لا يطرب للموسيقى المجردة من الكلمات وأنها شعوب تستفزها اللغة وتحرّك أشجانها الكلمات الموزونة الرصينة. وأن النهضة الموسيقية العربية لم تكن لتتحقق لولا وجود الأدباء والمثقفين إلى جانب الفنانين، ضاربة أمثلة على هذه الثنائيات مثل الشاعر أحمد شوقي الذي دعم محمد عبد الوهاب وأثّر على ذائقته الشعرية، وأحمد رامي الذي كان مُرشدًا وملهمًا لأم كلثوم، فضلاً عن دور طاهر زمخشري في دعم ابتسام لطفي وغيرها من المطربين.
وتطرقت العرياني إلى استعراض أهم المحطات في مسيرة كاظم الساهر مع نزار قباني، معتبرةً أن هذه الثنائية لم تكن محض صدفة، بل نتيجةً لفهم عميق وأذواق فنية مشتركة بين الشاعر والمطرب. وأوضحت سماح أن كاظم الساهر لا يُعتبر مجرد مغني، بل ملحن استمرت نجاحاته الموسيقية طوال مسيرته الفنية وحتى الآن، وهو أيضًا شاعر يمتلك قدرة فائقة وفريدة من نوعها في التعامل مع كلمات نزار قباني، ويسعى دائمًا لاختيار الكلمات التي تلائم ذوق المستمعين، ويضيف لمساته الخاصة التي تزيد من جماليات القصائد.
كما تناولت العرياني نجاحات كاظم الساهر المستمرة بعيدًا عن قصائد نزار قباني، مشيرةً إلى ألبومه الأخير "مع الحب" الذي ضم أغنيات لشعراء فصحى آخرين، مثل: دارين شبير وجمانة جمال وياسر البيلي، والذي حقق نجاحاً كبيراً، مما أثبت قدرة الساهر على الابتكار والتطوير بعيدًا عن نزار.
في ختام الندوة، أكدت سماح العرياني على أهمية الاستمرار في إعادة احتضان صُنَّاع الأغنية وأن نتوقف عن فصل الشاعر والأديب والمثقف عن المطرب والموسيقي والملحن، وأن ندعوهم جميعًا للعمل سويًا في بيئة واحدة لإثراء الساحة الفنية وتطويرها.