لذا وفي ظل الإجماع الدولي الرافض، يبدو أن خطة ترمب ليست أكثر من محاولة يائسة لإعادة تسويق مشاريع استعمارية بغطاء أمريكي.
انحياز واضح
ولطالما أظهرت سياسات ترمب انحيازه الكامل لإسرائيل، لكن اقتراحه الأخير يعكس توجهًا أكثر تطرفًا، حيث يدفع باتجاه سياسة استيطانية جديدة تسعى إلى تفريغ غزة من سكانها الفلسطينيين وإعادة توطينهم في أماكن أخرى، في انتهاك صريح للقوانين الدولية والإنسانية.
ومؤيدو ترمب، الذين يشملون شخصيات يمينية متطرفة في إسرائيل والولايات المتحدة، يدفعون بخطاب شعبوي لا يختلف عن الخطابات الاستعمارية القديمة، متجاهلين الحقائق التاريخية والإنسانية على الأرض. حيث قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لترمب في البيت الأبيض: «أنت تقول أشياء يرفض الآخرون قولها. وبعد أن يندهش الناس، يحكّون رؤوسهم ويقولون:أنت تعلم أنه على حق».
وشكر وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بيزاليل سموتريتش، المسؤول عن الموافقة على الاستيطان، ترمب على تعليقاته.
وقال بيني غانتس، السياسي الوسطي والجنرال السابق الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه بديل أكثر اعتدالاً لنتنياهو، إن الاقتراح أظهر «تفكيرًا إبداعيًا وأصليًا ومثيرًا للاهتمام».
نهج فاسد
وفي كلمة ترمب زعم أن الولايات المتحدة ستقوم «بتفكيك جميع القنابل غير المنفجرة، وتسوية الموقع بالأرض، والتخلص من المباني المدمرة، وخلق تنمية اقتصادية توفر عددًا غير محدود من الوظائف». لكنّ خطته قوبلت برفض دولي قاطع، حيث وصفها دبلوماسيون بأنها استمرار لنمط ترمب في تشجيع انتهاك القوانين الدولية لصالح حلفائه المتطرفين في إسرائيل. وبأنه مخطط استعماري جديد بغطاء أمريكي. ومن الواضح أن هذا الاقتراح لم يكن سوى امتداد للنهج الفاسد الذي اتبعه ترمب في الشرق الأوسط، حيث سعى إلى شرعنة الاحتلال الإسرائيلي وتقويض حقوق الفلسطينيين. بل إن مراقبين وصفوا خطابه بأنه يحمل نبرة استعمارية تعيد إلى الأذهان مشاريع الهيمنة التي لطالما دافعت عنها الأنظمة اليمينية المتطرفة.
إدانات دولية السعودية: «موقفنا ثابت لا يتزعزع».
سارعت المملكة العربية السعودية إلى رفض الفكرة، مؤكدة أن أي محاولات لإعادة رسم مستقبل غزة دون الفلسطينيين أنفسهم أمر مرفوض تمامًا. وأكدت أن تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم يمثل «انتهاكًا صارخًا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني»، في إشارة واضحة إلى أن الاقتراح الأمريكي ليس أكثر من محاولة لشرعنة الاستيطان الإسرائيلي عبر دعم أمريكي.
بريطانيا: «يجب السماح للفلسطينيين بالعودة»
في موقف حاسم، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن الفلسطينيين «يجب أن يُسمح لهم بالعودة إلى ديارهم وإعادة البناء»، مضيفًا أن خطة ترمب تتجاهل صور الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى الأنقاض، مما يعكس مدى انفصال الاقتراح الأمريكي عن الواقع الإنساني.
روسيا: «لا تسوية إلا بحل الدولتين»
أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن تسوية القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتم إلا عبر حل الدولتين، مشيرًا إلى أن موسكو ترفض أي اقتراح ينتهك هذا المبدأ. كما شدد على أن الدول العربية، مثل مصر والأردن، رفضت بشكل قاطع فكرة التهجير القسري التي طرحها ترمب.
ألمانيا: «الخطة غير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي» وصفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اقتراح ترمب بأنه «غير مقبول على الإطلاق»، مؤكدة أن«غزة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، تمثل أساس دولة فلسطينية مستقبلية»، محذرة من أن تنفيذ خطة التهجير القسري سيؤدي إلى موجة جديدة من المعاناة والكراهية.
فرنسا: «انتهاك خطير للقانون الدولي»
حذرت فرنسا من أن أي تهجير قسري للفلسطينيين في غزة سيكون بمثابة «اعتداء على التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني وتهديدًا لحل الدولتين»، مشيرة إلى أن باريس ستواصل العمل لضمان إعادة إعمار غزة دون انتهاك حقوق سكانها.
معارضة فلسطينية حازمة: «المقاومة مستمرة»
وفي غزة، رفضت الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي، المقترح الأمريكي، ووصفته بأنه «عنصري ومرفوض»، مؤكدين أن الفلسطينيين لن يغادروا أرضهم مهما اشتدت الضغوط. كما أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أن أي عملية إعادة إعمار يجب أن تتم دون إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم.
تركيا والصين: رفض واضح لأي تهجير قسريأكدت تركيا على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان أن «مجرد التفكير في تهجير الفلسطينيين من غزة أمر خاطئ وسخيف»، مشددًا على ضرورة الالتزام بحل الدولتين. أما الصين، فقد أعادت التأكيد على أن غزة يجب أن تخضع للحكم الفلسطيني، ورفضت أي محاولات لفرض تغييرات ديموغرافية قسرية.
خطوات تطبيق إستراتيجية النهج الاستيطاني:
1. خلق أمر واقع:
التوسع التدريجي في المستوطنات أو البنية التحتية لإيجاد حقائق يصعب تغييرها.
2. التمييع القانوني:
استخدام قوانين محلية ودولية بطرق ملتوية لإضفاء شرعية على الاستيطان.
3. القضم التدريجي: فرض وجود سكاني تدريجي لتقليل أي مقاومة مفاجئة.
4. إعادة تشكيل الديموغرافيا: تهجير السكان الأصليين أو تقييد نموهم مقابل توطين مستوطنين جدد.
5. القوة الناعمة: تبرير الاستيطان عبر حملات إعلامية ودبلوماسية لتغيير الرأي العام الدولي.