أزمة صحية
ومنذ اندلاع الهجوم في 26 يناير، سقط أكثر من 700 قتيل وأصيب نحو 3 آلاف آخرين، بحسب مسؤولين محليين. مستشفى *بيثيسدا* وحده يستقبل أكثر من 100 مريض يوميًا، متجاوزًا طاقته الاستيعابية التي تبلغ 250 سريرًا، مما أدى إلى اكتظاظ شديد، حيث يضطر المصابون إلى تقاسم الأسرة أو الاستلقاء على الأرض بانتظار العلاج.
وفي مستشفى *كييشيرو*، وصلت نسبة الإشغال إلى أكثر من 200% في بعض الأيام. يقول جوني كاسانجاتي، أحد الجراحين، إنه أجرى عمليات إزالة 48 رصاصة في يوم واحد. كما يعاني المستشفى من نقص حاد في الإمدادات الطبية، مع توقف شحنات الأدوية والمواد الحيوية بسبب سيطرة المتمردين على الطرق والمطار الرئيسي في غوما.
تقول فيرجيني نابوليتانو، منسقة الطوارئ لدى منظمة *أطباء بلا حدود*: «لقد انقطعت الكهرباء بالكامل عن المدينة، وتعرضت مخزوناتنا الطبية للنهب. لا نعلم إلى متى يمكننا الصمود بهذا الوضع».
صراع محتدم
ويرتبط التصعيد الأخير بصراع عرقي طويل الأمد، حيث تزعم حركة «إم23» المتمردة أنها تدافع عن عرقية التوتسي الكونغولية، بينما تتهم رواندا الجيش الكونغولي بالتعاون مع ميليشيات «القوات الديمقراطية لتحرير رواندا» التي تضم عناصر من الهوتو المتهمين بالمشاركة في الإبادة الجماعية عام 1994.
في حين سيطرت «إم23» على غوما عام 2012 قبل أن تنسحب تحت الضغط الدولي، فإن الوضع اليوم أكثر خطورة، حيث تعلن الجماعة أنها تسعى للتقدم نحو العاصمة كينشاسا، معتبرة أن الحكومة الكونغولية «دولة فاشلة».
تكدس الجثث
ومع امتلاء المستشفيات، تواجه المشارح أزمة في استيعاب العدد المتزايد من القتلى. يقول جولز كافيتيه، المدير الطبي لمستشفى «الأمومة الخيرية»:
«كان لدينا 66 جثة هنا، تم نقل 56 منها إلى المستشفى الإقليمي، لكننا بحاجة إلى إيجاد حل سريع لمنع تحلل الجثث وانتشار الأمراض».
وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من أن النزوح الجماعي وتكدس الجثث قد يخلق بيئة مثالية لتفشي الأمراض مثل الكوليرا وحمى الضنك. أكثر من 22 ألف إصابة بالكوليرا و12 ألف إصابة بالحصبة سجلت في العام الماضي، مما يزيد من تعقيد الأزمة الصحية في المنطقة.
تدخلاً عاجلاً
ومع استمرار القتال، يزداد الوضع في غوما سوءًا، حيث تتراجع قدرات المستشفيات على الاستجابة، وتنقطع الإمدادات، ويُترك السكان بين نيران الصراع والجوع والمرض. في ظل هذه الظروف، يدق العاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر، مطالبين بتدخل عاجل لمنع حدوث كارثة إنسانية لا تحمد عقباها.