تحولت ليلة الحناء، وهي مناسبة تقليدية ذات طابع اجتماعي وثقافي عميق، تُقام عادةً للاحتفال بالعروس قبل زفافها، وتختلف طقوسها من مجتمع إلى آخر، إلى أن تصبح أحيانًا استعراضًا مُبالغ فيه يؤدي إلى خسائر مالية، حيث باتت تكلف أسرة العروس 40 ألف ريال لدى بعض تلك الأسر.

الحناء والزي المديني

ترى مايا الغامدي، وهي تعمل «محنية» أن التجهيز لحناء العروس يتم بتحضير الحناء في وعاء خاص وتزيينها بنقوش جميلة باستخدام عصا الحناء أو «الطاسة» وهي وعاء توضع فيه الحناء.


وقالت «تستخدم الحناء على اليدين والقدمين مع زخارف فنية جميلة تميز العروس قبل الدخلة»، مشيرة إلى أنها «تقوم بتلبيس العروسة زيًا تقليديًا حسب كل منطقة، مثل الثوب الأبيض، أو الفستان المغربي، وتزيينها بالذهب أو الفضة والزي المديني».

وأضاف «تختلف تكلفة الزي حسب نوعه، فتتراوح تكلفة الزي المديني لليلة الحناء من 3500 حتى 4000 ريال، والزي الجنوبي نحو 2500 ريال، والزي الطائفي حوالي 3000 ريال».

وأشارت إلى أن ليلة الحناء المديني تعد من أغلى الليالي، وهي من التقاليد الجميلة التي تشتهر بها المدينة المنورة وتعد من مراسم الزواج التقليدية.

وبينت أن «ليلة الحناء يدعى إليها الأهل والأصدقاء، يتم تحضير الحناء فيها بطريقة خاصة، وهي تتميز بطقوسها الخاصة التي تجمع بين الأجواء الدينية والاحتفالية، حيث يرتدي الحضور الملابس التقليدية، وتقدم فيها أنواع متنوعة من الأطعمة والحلويات المحلية التي يتم تقديمها في هذه المناسبة التي قد يصل مجموع تكاليفها إلى 40 ألف ريال».

دي جي وحناء

بينت مشغلة الدي جي هند الرحيلي أن «طلب مشغلة الدي جي في ليلة الحناء عادة يكون من قبل أهل العروسة، وتصل تكلفته إلى 4 آلاف ريال»، موضحة أن أغلب الأمهات يفضلن تجهيز ليلة الحناء لبناتهن بطريقة تدهش الحضور، وهناك تنافس كبير بين الأسر في هذه الليلة، حتى أن بعضهن تفضل الاستعانة بفنانة مشهورة (طقاقة) قد تصل كلفتها إلى ما يقارب الـ20 ألف ريال».

تجارب شخصية

شرحت عادلة فالح وهي سيدة زوجت ابنتها أن «ليلة الحناء باتت تشكل عبئًا كبيرًا على الأسر نتيجة التكاليف المبالغ فيها»، موضحة أن التباهي في ليلة الحناء يعود إلى حب البعض للظهور واعتقادهم أن تنظيم ليلة حناء فاخرة يعكس المكانة الاجتماعية للأسرة، إلى جانب وجود المنافسة حيث تقارن بعض العائلات احتفالاتها مع غيرها، ما يدفعها إلى إنفاق مبالغ كبيرة إلى جانب الضغوط الاجتماعية التي تشكلها توقعات المجتمع المحيط، والتي قد تجبر أهل العروسة أحيانًا على الإنفاق غير المبرر».

ضغوط مالية

يجزم الاستشاري الاجتماعي بدر الأحمدي أن ليلة الحناء ومبالغاتها تضع الأسر تحت الضغوط المالية، وتدفعها من أجل الاستدانة واستنزاف المدخرات، وغالبًا ما تشهد هذه الليلة إهدارا للموارد مثل استخدام الطعام مرة واحدة، وترك الباقي عبر التخلص منه في حاويات القمامة».

وأكد أن «التباهي بهذه الليلة أفسد جو البساطة وأفقدها الطابع التقليدي والحميمي للاحتفال».

وتابع «من أجل تحقيق التوزان لا بد من تحديد ميزانية مسبقة، والالتزام بها لتجنب الإنفاق غير المبرر، والتركيز على البساطة عن طريق الاهتمام بجو الاحتفال، ولا بد من العودة إلى الطقوس التقليدية مثل إقامة الحفلة في المنزل، أو ضمن أجواء عائلية».

وأشار إلى أهمية التوعية المجتمعية، ونشر ثقافة الاعتدال، والتذكير بجوهر المناسبة وترك التبذير.

المبالغة تهدر القيمة

تعتقد المستشارة الأسرية دلال منصور أن «ليلة الحناء فرصة للاحتفال والفرح، لكن المبالغة تفقدها قيمتها الحقيقية وتحوّلها من لحظة سعادة إلى عبء مالي واجتماعي»، موضحة أن «ليلة الحناء تُعد من التقاليد الجميلة والمحببة في كثير من الثقافات، لكنها قد تخلق بعض التحديات».

وأشارت إلى أن «من بين التحديات التكلفة المرتفعة التي تنجم عن الديكورات، الطعام، الملابس التقليدية، والضيافة، كما أن قرب موعدها من موعد الزفاف يؤدي إلى إرهاق العروس بسبب التزاماتها العديدة في هذه الفترة، وقد تشعر العروس أو عائلتها بالضغط للالتزام بتقاليد معينة، حتى لو لم تكن مناسبة أو مرغوبة بالنسبة لهم».

وأضاف «من التحديات كذلك الإسراف والتبذير في بعض الأحيان، بحيث يتم الإنفاق على أمور غير ضرورية فقط لإظهار الفخامة، مما قد يُسبب الشعور بالندم لاحقًا وقد ينتج عن ذلك التوتر والخلافات العائلية».

إنفاق زائد

تحدد منسقة الاحتفالات مرام ماهر أن أشد ما يواجهها في تنسيق قاعة الاحتفال لليلة الحناء هو الإنفاق الزائد لتنظيم حفلات ضخمة، وقالت «بعض العائلات تقيم حفلات كبيرة جدًا لليلة الحناء تشمل أعدادًا ضخمة من المدعوين، وتكون مشابهة لحفل الزفاف من حيث التنظيم والنفقات والملابس الفاخرة باهظة الثمن مثل القفاطين أو العباءات الفخمة، مع إضافة كثير من الإكسسوارات، وكذلك تعدد أنواع الحناء في بعض الأحيان، حيث يتم استخدام أنواع متعددة من الحناء، أو مزج الحناء مع مستحضرات غريبة لجعل التصاميم أكثر تعقيدًا، إلى جانب التكاليف المبالغ فيها للخدمات مثل توظيف مصممات ومصففات شعر ومنسقات للقيام بترتيبات مع اختيار فنانة للحفل، ما يؤدي إلى إنفاق مبالغ طائلة».

وأوضحت أن هناك بعض الأسر تحرص على تقديم الهدايا والمجاملات للحضور حيث يتم تبادل هدايا باهظة بين العائلة والأصدقاء، مما يزيد من التكاليف الإجمالية لهذه الليلة.

لماذا ترتفع تكاليف ليلة الحناء؟

التنافس والمباهاة بين الأسر والاعتقاد أن تنظيم ليلة فاخرة يعكس مكانة الأسرة

ضغوط اجتماعية تشكلها توقعات المجتمع المحيط

إهدار الموارد المتمثل بإهدار كميات كبيرة من الطعام

الحرص على الديكوارت المميزة والملابس التقليدية

تنظيم حفلات ضخمة تشمل أعدادًا ضخمة من المدعوين

الاستعانة بمصممات ومصففات شعر ومنسقات للحفل

تقديم الهدايا الباهظة والمجاملات للحضور