هذه الشجرة لها صور ورموز متعددة، تتقاطع مع بعضها في حياتنا، نشاهدها، نلمسها أينما كنا، وفي مقدمتها أوراق التقويم «الرُزنامة»، نُقلبها كلما رحل يوم بأفراحه وأحزانه، ومعها الساعات بدقائقها وثوانيها، الفصول الأربعة، فقد الأحبة والأصدقاء، تصرم الأعوام، تبدل الأحوال.
وحين يأتي التفكر في أسرار خلق الإنسان، ودوره في الكون الفسيح، ورحلته في الحياة منذ ولادته حتى الموت، يرتفع تلقائيا مؤشر الصفاء الذهني، والقناعة الروحية، والرضا التام، وتتعزز فرصة استغلال الأيام والليالي القصيرة في الأثر والتأثير الإيجابي، والتقرب إلى الخالق سبحانه وتعالى.
ويُنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجه - قوله في مخاطبة للإنسان وقدرته على التأثير والمبادرة: «دواؤك فيك وما تُبصر، وداؤك منك وما تشعر، وتحسب أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر».
وفي كتابه «القرآن.. محاولة لفهم عصري»، أشار الدكتورمصطفى محمود -يرحمه الله- إلى حقيقة علمية اكتشفها العلماء منذ عقود عن «الجينوم البشري».
وقال: «إنه يتألف من ثلاثة مليارات حرف كيميائي، وهو ما يملأ خمسة ملايين صفحة، وكل هذا في حيز صغير متناهي الصغر، في نواة الخلية، يحتوي على مقررات هذا المخلوق الإنساني، وصفاته البدنية، وحظه من الصحة، والمرض، والقوة، والضعف، ومواهبه، وملكاته، وما سيجري عليه من أحوال..!!».
ولا شك أنها حقائق علمية تُزيدنا إيمانا بالله العظيم عالم الغيب والشهادة الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه، وتدفعنا أيضا إلى استثمار الأوقات في الخير للمجتمع، والإسهام في بناء الوطن.
وأكد خالد عبدالرحمن العك في كتابه «غاية حياة الإنسان كما يصورها الدين والعلم» أنه كلما ارتقى الإنسان في العلم، ولطف فكره بالفهم، ونفذ عقله في أسرارالكون، تمزقت دون روحه حُجُب المادة، وازداد يقينا وبصيرة في الوصول إلى غاية الحياة، التي من أجلها خُلق الكون والإنسان.