إن ما صرح به من تطمينات، والتي صدرت من قيادة الثورة تجعل محبين السلام والتقدم والازدهار لسورية يشعرون بالاطمئنان، ويدفع الجميع للتعامل فيما فيه مصلحة الجميع. وأول هذه التصريحات هو الابتعاد عن الإقصاء، ودعوة جميع أطياف الشعب السوري في المشاركة في بناء الدولة، وهذا يدعم موقف القيادة السورية المؤقتة على المستوى الشعبي والمستوى الدولي، وكذلك عدم السماح بوجود السلاح خارج سيطرة الدولة، ودمج الفصائل المسلحة في الجيش السوري، وعدم شن حرب أو المشاركة فيها في هذه الظروف، ونبذ الطائفية وعدم العودة إلى الخلف والسير إلى الأمام في بناء سورية جديدة تجعل منها دولة محورية في العالم العربي، وسينعكس ذلك على الدول المجاورة وعلى الأمن الإقليمي والدولي.
إن التحول السريع والمفاجئ في سورية جعل أغلب الدول تتريث في اتخاذ موقف لأن مثل هذه التحولات المفاجئة لا يجب التعامل معها بطريقة سريعة لما لها من أبعاد كثيرة يجب دراستها بعناية، ولكن ما شاهدناه من بعض الدول العربية والعالمية التي بادرت في التواصل مع القيادة المؤقتة في سورية، وعلى راسها المملكة العربية السعودية يتضح بأن هناك دراسات حديثة ومستمرة للبيئة الإستراتيجية الإقليمية والدولية، تجعل من هذه الدول، من خلال متابعتها الدائمة للأحداث، تتخذ المواقف بشكل أسرع وأفضل.
ويجب على الدول اللحاق بهذا القطار المتجه إلى دمشق لتشكيل موقف عربي موحد، وتعزيز التوازن الإقليمي والتقليل من النفوذ الأجنبي، والعمل على سد الفجوات الأمنية التي تستغلها الجماعات المتطرفة والقوى الإقليمية الساعية إلى توسيع نفوذها في المنطقة.
إن التعامل مع الكيانات والشعوب هو الأهم في هذه المرحلة، وهو الأجدر في المستقبل، والشعب السوري في أمس الحاجة هذا اليوم للتعاون العربي لتخفيف المعاناة التي وقع تحت وطأتها قرابة نصف قرن من حكم الدكتاتورية الأسدية، ويساعد في بناء الثقة مع النظام الجديد، ويدفعه إلى تبني سياسات معتدلة وقومية، بعيدًا عن الأجندات الأجنبية.
إن سياسة ملء الفراغ الإيجابي والقومي العربي مع سورية في هذه المرحلة تعكس فهمًا استراتيجيًا لأهمية الحفاظ على سورية الأرض والإنسان والمصالح العربية المشتركة، ويعزز الاستقرار الإقليمي والدولي.