الملاحظ أن الهيئات والمراكز الحكومية الناشئة حديثا لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، أنها تقدم رواتب وامتيازات وظيفية من تأمين طبي VIP للموظف وأسرته ووالديه وتعليم لأطفاله بما قد يصل إلى 3 أو 4 أضعاف الميزات التي تقدمها الجهات الحكومية التي تعمل بسلم رواتب الموظفين التقليدي. فالمقارنة بين المبالغ الإجمالية المنفقة كرواتب للموظفين في الجهات الحكومية الجديدة، ومقارنتها على سبيل المثال بمبالغ الهدر المالي الذي تهدره بعض الجهات الحكومية على مبانٍ غير مستغلة - على سبيل المثال - قد تكون أضعاف مبالغ تلك الرواتب المرتفعة في الجهات الحكومية الجديدة. هنا ظهر أن الموظف متى تم تحفيزه بالدخل المرتفع والمميزات التي تجعله مستقرا أسريا ومجتمعيا أنها تزيد من شغف انتمائه لمؤسسته، فيكون قادرا على ابتكار حلول تحد من الهدر المالي، وتمنع رداءة جودة التشغيل، وهنا تتضح هذه النظرية الإدارية.
فما أحوج القطاع غير الربحي لتطبيق هذه النظرية، كونه أعلى القطاعات الثلاثة دورانا وظيفيا بسبب الرواتب المتدنية. فبحسب دراسة لمستشار للموارد البشرية ظهر أن متوسط البقاء الوظيفي لموظفي الجمعيات الأهلية على وجه الخصوص لا يتعدى 6 أشهر، وهذا يشكل خطرا على مستقبل القطاع الذي أعطي في السنوات الأخيرة من التسهيلات والدعم من قيادتنا الرشيدة ما لم يعط في عشرات السنين الماضية مجتمعة. فازدهار هذا القطاع ومعدل توسعه دليل على أهميته في إيجاد الحلول للتحديات المجتمعية من حولنا في كل المجالات، سواء الصحية أو البيئية أو الثقافية أو الرياضية، أو تحسين جودة الحياة من حولنا بشكل عام.
ما أريد قوله باختصار إنه بالتمرس في علم الإدارة، فإن خفض الرواتب لا يعني ترشيد الاستهلاك بل إن (زيادة الرواتب من ترشيد الاستهلاك).