«الشيطنة» والتي تعني باختصار الدعاية السلبية المكثفة، وضخ كم هائل من المعلومات السلبية والمغلوطة عن أشخاص وكيانات. هذا المصطلح موجود ومستخدم قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وحينها الإعلام التقليدي كان يلعب دورًا مختلفًا في هذه العملية. ففي الإعلام التقليدي (مثل الصحافة المقروءة، التليفزيون، والراديو)، كانت شيطنة الأشخاص والمنظمات وحتى الدول تتم عادة من خلال تغطية معينة للأخبار أو التحليلات التي تصور شخصيات أو جماعات معينة بصورة سلبية أو تهدف إلى النيل من سمعتهم. ولكن بسبب القيود التي كانت تفرضها القوانين والمعايير الأخلاقية، كانت الشيطنة غالبًا أكثر ضمنية وأكثر تنظيمًا. وقيودها أكثر. فكانت وسائل الإعلام تمارس أجندتها من خلال التغطية السلبية المتكررة، والتركيز بشكل غير متوازن على الجوانب السلبية لشخص معين أو جماعة معينة، وهنا يمكن أن يتشكل تصور عام عن هؤلاء الأفراد على أنهم «أشرار» أو يمثلون خطرًا على المجتمع. أو التقليل من أحقيتهم في كل شيء وذلك بالتلاعب بالمعلومات. والإعلام التقليدي كان يستخدم أحيانًا الأسلوب الانتقائي في تقديم المعلومات، حيث تقديم تصريحات أو أفعال معينة خارج سياقها أو بشكل مجتزأ، ما يؤدي إلى تشويه الحقيقة وتقديم صورة سلبية غير عادلة. والتركيز على الفضائح لتكون النتيجة على فترات متباعدة صناعة صورة نمطية مشوهة حول المستهدفين وضحايا هذه الشيطنة.

ورغم أن الإعلام التقليدي كان يؤدي دورًا في شيطنة الأشخاص، فإن تأثيره كان أبطأ وأقل شمولية مقارنة بما نشهده اليوم مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي. فتجسيد الأشخاص على أنهم الشر بعينه أصبح صنعة احترافية ومتاحة مع الأسف للجميع وهنا مكمن الخطورة. حيث يتمثل الخطر في أن هذه التصورات قد تؤدي إلى تصرفات غير عادلة أو عنيفة تجاه الأفراد أو الجماعات المستهدفة، بالإضافة إلى تعزيز التعصب والعدوانية.

اليوم مع الانتشار السريع للمعلومات يمكن أن تنتشر المعلومات المغلوطة بسرعة كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي. هذه السرعة تُسهل تشويه سمعة الأشخاص أو الجماعات من خلال تضخيم الأخطاء أو التركيز على نقاط معينة بطريقة غير منصفة. بالإضافة إلى الخوارزميات التي تستخدمها هذه الشبكات والتي غالبًا ما تدفع بالمحتويات المثيرة للجدل أو التي تثير ردود فعل عاطفية قوية إلى الواجهة. هذا يعزز التفاعل بين المستخدمين ويؤدي إلى إنشاء صورة «نحن ضدهم»، حيث يعتبر الطرف الآخر عدوًا أو شريرًا. مع المزيج من التحريض الجماعي والقدرة على التعبير السريع والمباشر وبلا قيود ولا حدود، فتنطلق حينها رحلة الشيطنة من التنمر إلى العدائية والإقصائية.


إجمالاً، شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة خصبة لشيطنة الأشخاص بسبب التفاعلية العالية وسرعة انتشار المحتوى. لذا يجب الحذر عند التعامل مع المعلومات المنتشرة على هذه المنصات، والتأكد من صحتها قبل إصدار الأحكام. والملامة الأكبر على من أضاع سنوات من عمره في التعليم.