يقول عميد أسرة آل أبوملحه محمد بن عبدالوهاب أبوملحه (ابن الشيخ عبدالوهاب محمد أبوملحه ) أحد رجال الملك عبدالعزيز الذين كانوا من المقربين للمؤسس، وكان له دور مشرف إبان التاسيس، رحمهما الله: رافقت والدي رحمه الله، إلى الرياض عام 1372، في زيارة للملك عبدالعزيز للرياض ومكثنا في كنفه ثلاثة أشهر رجب وشعبان ورمضان لمقابلة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وكانت بالنسبة لي المرة الأولى التي أقابل فيها الملك عبدالعزيز وجه لوجه، رحمه الله، برفقة والدي في قصره بالمربع، وكان الوالد كثيراً ما يسامره بالحضور في قصره الذي يجمع كثيراً من الأمراء والوزراء والمستشارين والوجهاء، وكان حينها عمري لم يتجاوز الحادية عشرة، فكنت ملماً بكل ما يدور في مجلس المؤسس وكان الملك عبدالعزيز يتفرد بشخصية نادرة وفريدة، وكنا نشاهد أمامنا ملكاً قائداً ورجلاً شجاعاً وفارساً عظيماً، يحترم ويوقر الكبار ويجلهم، ويرحم ويعطف على الصغار، وكان يسأل ويهتم بكل القبائل والوجهاء وحريص على معرفة أوضاع الناس وأحوالهم، وصحتهم ويتلمس احتياجاتهم ومطالبهم، ويحمل هم المسلمين ويحب الخير للجميع.
أدب المخاطبات الملكية
يضيف محمد أبوملحه أن مخاطبات الملك عبدالعزيز ومكاتباته ومراسلاته للملوك والزعماء والرؤساء والأمراء والوجهاء وعامة شعبه في الداخل أو الخارج تحمل طابعاً فريداً مختلفاً خاصاً تتميز به مراسلات الملك عبدالعزيز دون غيرها، تبدأ مقدماتها بأرق وألطف وأروع العبارات التي تم اختيارها بعناية لتعكس احترام وتقدير المخاطب، والملاحظ أن كثيراً من المراسلات مع والدي، رحمه الله، كانت تبدأ بعبارة «من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى جناب الأخ المكرم الأفخم عبدالوهاب بن محمد أبوملحه سلمه الله وأبقاه» وكانت بعض الوثائق تحمل آراء ومناقشات واستشارات.
هموم المسلمين
يضيف محمد بن عبدالوهاب أبو ملحه قائلاً: أغلب مراسلات ورسائل الملك عبدالعزيز، رحمه الله، تحمل هموم الأمة وحرصه على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهناك عدد كبير من الوثائق المختلفة والمتعددة التي تبين حب الملك عبدالعزيز وحرصه واهتمامه على المسلمين في كل بقاع الأرض وكان يفرح لفرحهم ويحزن ويتألم لحزنهم، وكنا في ضيافة الملك عبدالعزيز نشاهد ونرى كل يوم شيئاً مختلفاً من جامعة القيم وصور حياة الملك العظيم المؤسس الملك عبدالعزيز في كافة تعاملاته وسيرته التي هي بمثابة جامعة كبرى في النبل والعظمة والقيم والإنسانية.
اهتمامه بضيوفه
كان الملك عبدالعزيز، رحمه الله، حريصاً ومهتماً على كل من حوله وكل من يعرفه وكان حريص على راحة ضيوفه وإكرامهم وإنزالهم في أماكن مريحة، ودائم السؤال والاطمئنان على راحتهم وسلامتهم، وأذكر من المواقف أن والدي، رحمه الله، كان يشكو من ألم ألم به في يده اليمنى، وكان يعاني صعوبة شديدة في حركة يده، وعند مقابلة الملك عبدالعزيز وملاحظته، رحمه الله، ذلك على يد والدي، وجه فوراً بتوجهنا إلى المنطقة الشرقية لوجود طبيب متميز هناك، وأوصى بوالدي خيراً لدى أمير المنطقة حينها الأمير عبدالله بن جلوي، رحمه الله، الذي استقبلنا استقبالاً كبيراً، وأقام لنا مناسبة كبيرة، ومنحنا عناية خاصة إذ أهدى لوالدي خادماً خاصاً ومنحه أرضاً كبيرة المساحة، وبعد مدة من عرض والدي للطبيب عدنا إلى الرياض ولقاء الملك عبدالعزيز الذي باشر والدي بسؤال عن صحة يده فأبلغه أنها لا تزال تتعبه، ووجه حينها بأن يتجه والدي إلى الطائف للقاء طبيب آخر، وشاءت الأقدار في وقت لاحق بعد مغادرتنا الرياض وعودتنا إلى منزلنا في أبها، أن يكون عند والدي بعض الضيوف للعشاء، وإذا بصراخ إحدى الخادمات من خلف الباب، طالبة الاستغاثة بعد مشاهدتها ثعباناً ضخماً بالمنزل، وقام الوالد بمتابعته رافضاً مشاركة أحد من الضيوف معه حتى قتله في فناء المنزل، وعلى الفور زال الألم من يد والدي، رحمه الله، وحمد الله على شفائه.
وثائق تاريخية
يشير محمد بن عبدالوهاب أبوملحه إلى أن أغلى الكنوز وأثمنها والإرث العظيم هو تلك الوثائق والمراسلات التي كانت بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومن بعده من الملوك، رحمهم الله، ولذا تم المحافظة عليها من خلال تخزينها بالطريقة الصحيحة التي تضمن المحافظة على بقائها وجودتها وكذلك قمت بجمع كتاب بعنوان «مع الزمان محطات في الحياة» وقد أهديت منه كثيراً إلى ولاة الأمر، كما أن هناك كتاباً آخر تحت الطبع.
الوفاء لوالدي
يؤكد محمد أبوملحه على اعتزازه ومباهاته وافتخاره بالمكانة الكبيرة التي كان يوليها الملك عبدالعزيز لوالده رحمهما الله، قائلاً: «الحب والثقة والمكانة التي كانت لوالدي عند الملك عبدالعزيز رحمهما الله، التي كانت واضحة من خلال المراسلات الكثيرة بين الملك عبدالعزيز ووالدي إضافة إلى ما شاهدته مباشرة من حسن حفاوة استقبال واهتمام خاص وإنزال والدي منزلة رفيعة أثناء وجودنا بالرياض، إضافة إلى كل ذلك توصيات وتوجيهات الملك عبدالعزيز، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، لكل الأمراء الذين تعاقبوا على منطقة عسير وكافة الأمراء الذين تعاقبوا على إمارات المناطق الجنوبية بمكانة والدي لدى الملك عبدالعزيز».
مسيرة مشرقة
واليوم نحتفل معاً في المملكة العربية السعودية بذكرى اليوم الوطني الـ«94» لتوحيدها، حيث يسطر وطننا عاماً جديداً من عمر مسيرته المشرقة والحافلة بالإنجازات والطموح.
نحتفل ووطننا ينافس العالم ويسابقه على مقدمة الدول العظمى، في ظل أمن واستقرار ورغد عيش ونهضة تنموية شاملة في شتى المجالات.. هذه النعم ﺗﺤﻀـﺮ ﻛﻠﻬـﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌـﺔ ﻓـﻲ ذﻛﺮى ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ ﺟﻼﻟـﺔ اﻟﻤﻠـﻚ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ آل ﺳﻌﻮد، ﻃﻴﺐ الله ﺛﺮاه.
في اليوم الوطني نسترجع معه ماضياً أصيلاً ونستشرف مستقبلاً زاهراً، ومع احتفالنا بهذه المناسبة العظيمة في ظل نهضة كبيرة وغير مسبوقة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.
وستبقى، بإذن الله، لهذا اليوم المجيد فرحة لا توصف، وعلى مر السنين، وتوالي الأجيال، نستعد لفرحة الوطن الكبير والمعطاء تمتلئ الأماكن بنشيد الفرح والأماني، والتهاني والحفلات، وتشدو بالمباركات.