كانت للسكر سمعة سيئة لعقود من الزمن، حيث ربطت الدراسات بين هذا المُحلي وكل شيء بدءًا من تسوس الأسنان حتى مرض السكري من النوع الثاني وزيادة الوزن. مع ذلك، ليس كل السكر ضارًا، فكل هذا يتوقف على مصدره. ووجد باحثون من هولندا أن مصدر السكر الذي يتناوله الأطفال أكثر أهمية من الكمية التي يستهلكونها عندما يتعلق الأمر بالسمنة.

وقد قدم مؤلفو الدراسة النتائج التي توصلوا إليها في المؤتمر الأوروبي للسمنة في البندقية بإيطاليا.

مصدر السكر

نتائج الدراسة تغير فهمنا للسمنة لدى الأطفال، حيث تكشف أن إجمالي كمية السكر المستهلكة خلال مرحلة الطفولة المبكرة غير ذات أهمية لزيادة الوزن في سن 10 أو 11 سنة، بل مصدر السكر الذي يسهم في تدهور الصحة، فالأطفال الذين يستهلكون السكر بشكل أساسي من الوجبات الخفيفة المحلاة، مثل الكعك والحلويات والحليب المحلى وحليب الشوكولاتة، هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة. مع ذلك، كان السكر من الفاكهة مرتبطا بزيادة أقل في الوزن. بالإضافة إلى ذلك، فإن أولئك الذين حصلوا على معظم السكر من منتجات الألبان السائلة غير المحلاة مثل الحليب واللبن كانوا أقل عرضة لزيادة الوزن أو السمنة.

سكريات داخلية

تعتبر الفواكه ومنتجات الألبان غير المحلاة صحية، فهي تحتوي على كميات عالية من السكريات الداخلية، وهو السكر الذي يوجد بشكل طبيعي في الطعام بدلا من إضافته. يقول جونيانج زو، الأستاذ في قسم علم الأوبئة بجامعة جرونينجن والمركز الطبي الجامعي: «أردنا أن نعرف ما إذا كان مصدر السكر، المضاف أم الجوهري، وكذلك الكمية، يؤثر على احتمالية الإصابة بزيادة الوزن أو السمنة. على الرغم من أن هذا قد تمت دراسته من قبل، فإن النتائج غير متسقة، وهناك نقص في الأبحاث العالية الجودة حول هذا الموضوع».

خطوات الدراسة

جمع الفريق البيانات الصحية من دراسة GEKCO Drenthe، وهي دراسة طولية تتبع الحالة الصحية وتناول السكر للأطفال المولودين في شمال هولندا بين أبريل 2006 وأبريل 2007. وتم ملء استبيان غذائي من قِبل آباء 891 طفلا عندما كان الأطفال في الثالثة من عمرهم. وتم استخدام هذه الاستجابات في حساب إجمالي تناول السكر اليومي، وكمية السكر التي يتم استهلاكها يوميًا من 13 مجموعة غذائية، بما في ذلك الخضراوات والفواكه الكاملة والحبوب واللحوم والبيض والزبدة والحليب والقهوة والشاي والمشروبات المحلاة بالسكر والأطعمة الجاهزة للأكل. وقاست الممرضات طول ووزن الأطفال من سن 3 إلى 10 أو 11 سنة، ثم تم حساب مؤشر كتلة الجسم Z، الذي غالبا ما يستخدم في قياس الوزن بمرحلة الطفولة والمراهقة، لقياس السمنة، وهو يوضح كيف يقارن مؤشر كتلة الجسم لدى الشاب بمتوسط ​​مؤشر كتلة الجسم بالنسبة لعمره وجنسه، إذ إن القيم الأعلى تعني وزنًا أعلى.

نتائج الدراسة

تم حساب درجات مؤشر كتلة الجسم (BMI-Z) لجميع الأطفال، البالغ عددهم 891 طفلًا، ولكن تم تضمين 817 فقط في تحليل حالة الوزن، وتم استبعاد 74 طفلا، لأنهم كانوا يعانون بالفعل زيادة الوزن أو السمنة في سن الثالثة. في المتوسط، تناول الأطفال 112 جرامًا من السكر يوميًا، وهو ما يمثّل 32 % من إجمالي استهلاكهم اليومي للطاقة، البالغ 1388 سعرة حرارية. وكانت المصادر الرئيسية للسكر هي الفاكهة ومنتجات الألبان والمشروبات المحلاة بالسكر والوجبات الخفيفة السكرية. ووجد الباحثون أن 102 طفل كانوا يتمتعون بوزن طبيعي في سن الثالثة أصبحوا يعانون زيادة الوزن أو السمنة عند سن 11 سنة. مع ذلك، فإن إجمالي كمية السكر التي يتم تناولها في ثلاث سنوات لم تكن لها صلة بزيادة الوزن في وقت لاحق خلال فترة المراهقة. مع ذلك، فإن تناول الكثير من السكر من منتجات الوجبات الخفيفة له علاقة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم Z في سن 11 سنة.

تأثير مختلف

وكان العكس صحيحا بالنسبة للفاكهة، فالأطفال الذين تناولوا السكر في الغالب من الفاكهة كان لديهم مؤشر كتلة الجسم Z أقل، وكان الأطفال الذين تناولوا كميات كبيرة من السكر من منتجات الألبان غير المحلاة مثل الحليب واللبن أقل عرضة للإصابة بالسمنة بـ67% في سن 10 أو 11 سنة. ولم تبحث الدراسة في سبب تأثير السكر الناتج عن هذه المنتجات المختلفة على الوزن بشكل مختلف. وتشمل التفسيرات المحتملة إطلاق السكر بشكل أبطأ من الفاكهة مقارنة بالوجبات الخفيفة السكرية، الأمر الذي من شأنه أن يبقي الأطفال يشعرون بالشبع فترة أطول. وهناك نظرية أخرى هي أن السكريات المختلفة تؤثر على الجسم بطرق مختلفة، حيث تستخدم الكعك والحلويات السكروز، بينما تستخدم الفاكهة سكر الفركتوز، وتستخدم منتجات الألبان اللاكتوز. وبغض النظر عن ذلك، ينصح زو الآباء بإعطاء أطفالهم الفاكهة والحليب بدلا من الحليب المحلى والمنتجات الأخرى المضاف إليها السكر.