كل شيء في حياتنا ينتهي، وقبل نهاية كل شيء تظهر الحقائق. هذا لا يعني أن الجميع يراها بالطريقة نفسها، بعضهم يراها بإيجابية، والآخر بسلبية، ولكن تظل اللحظات الأخيرة هي التي تظهرنا جميعًا بطريقة مختلفة تمامًا.

بمعنى أن المُكابر سيسمح، والمداهن سينضح، والمجامل سيردح، والقاهر سيخضع، والصامت سيصدح، والعاجز سيفضح. ليست كلمات مصفوفة، أنت الآن واعِ ويمكنك التأكد من ذلك إذا أسقطته على تجاربك، وأيضًا أسقطها على تجارب الآخرين. دائمًا في اللحظات الأخيرة تتغير الشخصيات، والمعطيات، والمنطلقات، بل حتى الرغبات قد تتبدل بعكس ما كانت تمامًا، لكن ما هو السر؟

هل تتذكرون مقالتي بعنوان «نحن مقامرون بالفطرة»؟ هذه المقالة امتداد لها وتأكيد على طريقة عمل العقل البشري. نحن كبشر لدينا أوراق نستخدمها وقت حاجتنا. وهذا يعتمد على الزمان والمكان والحدث، وكل لاعب لديه ورقة رابحة لن يستخدمها إلا في المرحلة الحرجة، وغالبًا تكون المرحلة الأخيرة بالنسبة له، لأن هذه الورقة -في نظره- ستربح بالضرورة، فيحافظ عليها حتى يحتاجها عند اللحظات الأخيرة. اللحظات التي نراها بشكل تلقائي (بداية النهاية)، والنهاية في أعيننا تصنف «خسارة» بطريقة أو بأخرى. لذا كل فرد منا لديه «ورقة رابحة» -من وجهة نظره- لن يستخدمها إلا إذا شعر أنه سيخسر في ما تسمى النهايةـ ويكتشف الأطراف أنهم وكأنهم لم يلتقوا ويعرفوا بعضهم قط، لأن الأطراف أظهروا أوراقهم الرابحة التي لا يعلم بها أحد عن الآخر.

يعتقد البعض أن النهايات تظهر حقيقة معدن الأفراد، وأنا لا أتفق مع هذا أبدًا، وأرى ذلك قمة الجهل. أولًا نحن لسنا معادنًا، وإلا.. لما تم بيعنا بثمن بخس ولا نحن بعنا بأثمن أبخس. لكن النهايات تجعل الإنسان يستسلم لما يخافه أو يفعل ما يحاول الابتعاد عنه، وهنا تظهر المعضلة في التفسير: هل يمكننا أن نقول إن حقيقتنا تكمن في ما نخافه؟ أم إن لحظاتنا الأخيرة ظالمة لنا وهي عكس حقيقتنا؟ حقيقة لا أعلم.

أخيرًا.. في اللحظات الأخيرة -غالبًا- ستفعل ما تحاول الابتعاد عنه، أو ما تخافه، فما هو؟