صاغ مارك أندريسن، صاحب رأس المال الاستثماري في وادي السليكون بيانًا من 5000 كلمة في عام 2023، أعطى فيه رؤية أن التقدم التكنولوجي غير المقيد، يعزز الأسواق، ويوسع إنتاج الطاقة، ويحسن التعليم، ويعزز الديمقراطية.

الملياردير الذي جمع ثروته من خلال المشاركة في تأسيس نتسكيب ــ وهي شركة تعود إلى حقبة التسعينيات وصنعت متصفح ويب رائد ــ يتبنى مفهوما يعرف باسم «التفاؤل التكنولوجي»، وهو يلخصه بالتالي «نحن نعتقد أنه لا توجد مشكلة مادية - سواء خلقتها الطبيعة أو التكنولوجيا - لا يمكن حلها بمزيد من التكنولوجيا».

مصطلح قديم

أوضح سيرام أفل أستاذ مشارك في وسائل الإعلام الرقمية العالمية في جامعة ماساتشوستس أمهيرست، وجان هاردي أستاذ مساعد في الإعلام والمعلومات في جامعة ولاية ميشيجان «إن مصطلح التفاؤل التكنولوجي ليس جديداً؛ حيث بدأ يظهر بعد الحرب العالمية الثانية».

وأضافا أن التفاؤل التكنولوجي هو أداة فظة. فهو يشير إلى أن التقدم التكنولوجي قادر على حل كل مشكلة معروفة للبشر، وهو اعتقاد يُعرف أيضاً باسم مذهب الحلول التكنولوجية.

ويعترض أتباع هذه المقولة على الحواجز أو الاحتياطات المنطقية، مثل تقييد المدن لعدد سائقي أوبر الجدد مثلا لتخفيف الازدحام المروري، أو حماية سبل عيش سائقي سيارات الأجرة الآخرين. وهم يرفضون مثل هذه التنظيمات أو القيود ويعدونها هدامة للإبداعات.

مخاطر عالية

أوضح الأكاديميان أن المخاطر المترتبة على تبني التفاؤل التكنولوجي عالية، ليس فقط من حيث الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في المجتمع، بل هناك أيضا تداعيات سياسية وبيئية واقتصادية لهذه الآراء.

وباعتباره موقفا إيديولوجيا، فهو يضع مصالح أشخاص معينين ــ غالبا أولئك الذين يتمتعون بالفعل بسلطة وموارد هائلة ــ فوق مصالح أي شخص آخر. ومن الممكن أن يتعامى مناصر هذه المقولة عن عمد عن حقيقة مفادها أن أغلب مشاكل المجتمع، مثل التكنولوجيا، هي من صنع البشر.

تغطية لاهبة

يدرك عدد من العلماء تماما التفاؤل التكنولوجي الذي ساد وسائل التواصل الاجتماعي في العقد الأول من القرن الـ21. في ذلك الوقت، كانت وسائل الإعلام تحظى بتغطية كبيرة لهذه التكنولوجيات ــ وكان يروج لها المستثمرون والمخترعون ــ باعتبارها فرصة لربط المنقطعين عن الاتصال وتقديم المعلومات إلى أي شخص قد يحتاج إليها.

ومع ذلك، في حين تقدم وسائل التواصل الاجتماعي حلولا سطحية للشعور بالوحدة وغيرها من المشاكل الاجتماعية، فقد فشلت في معالجة أسبابها البنيوية الجذرية. وقد تشمل هذه التحديات تآكل الأماكن العامة، وانحدار الصحافة، واستمرار الفجوات الرقمية بين المجتمعات.

التكنولوجيا لا تصلح كل شيء

أجرى كل من أفل وهاردي أبحاثاً مكثفة حول مبادرات التنمية الاقتصادية التي تسعى إلى تشجيع ريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا الفائقة في المجتمعات ذات الدخل المنخفض.

وقد سعت البرامج التي تديرها الدولة والشراكات بين القطاعين العام والخاص إلى تضييق الفجوات الرقمية وزيادة القدرة على الوصول إلى الفرص الاقتصادية.

وتتبنى العديد من هذه البرامج عقلية متفائلة بالتكنولوجيا من خلال الاستثمار في إصلاحات لامعة ومثقلة بالتكنولوجيا دون معالجة فجوة التفاوت التي أدت إلى الفجوات الرقمية في المقام الأول.

بعبارة أخرى، ينتشر التفاؤل التكنولوجي في الحكومات والمنظمات غير الحكومية، تماماً كما أثر على تفكير أصحاب المليارات من أمثال أندريسن.

إن حل المشاكل المستعصية مثل الفقر المستمر يتطلب مجموعة من الحلول التي تتضمن التكنولوجيا في بعض الأحيان. لكنها معقدة. وأشارا إلى أن الإصرار على وجود حل تكنولوجي لكل مشكلة في العالم لا يبدو متفائلًا فحسب، بل إنه مناسب أيضًا إذا كنت من بين أغنى الناس على وجه الأرض وفي وضع يسمح لك بالاستفادة من صناعة التكنولوجيا.

ـ متحكمون يقررون أن التكنولوجيا تحل كل المشاكل

ـ معترضون يرون أن التكنولوجيا تساهم في الحلول لكنها لا تقدم كل الحلول

ـ التفاؤل التكنولوجي يناسب الأثرياء والأغنياء فقط ولا يصلح للجميع

ـ وسائل التواصل تقدم حلولا سطحية لعدد من المشاكل مثل الشعور بالوحدة

ـ وسائل التواصل تفشل في معالجة الأسباب البنيوية الجذرية للمشاكل الاجتماعية