طلبة التعليم العالي في الغرب خاصة في أمريكا شكلوا أدوات استشعار لتجاوزات الحق والعدالة سواء كان ذلك في مجتمعاتهم المحلية أو خارج حدود البلاد، كما أثبتت تحركاتهم على مدى العقود الماضية، حيث لم يسلموا من أساليب التكميم والقمع التي استخدمت ضدهم، تماما كما يحدث مع طلبة اليوم، وكأن التاريخ يعيد نفسه.

بدأت الاحتجاجات ضد حرب فيتنام خلال الستينيات، وكان العديد منها بقيادة الطلاب، وعندما انتخب ريتشارد نيكسون في عام 1968، وعد بإنهاء الحرب، ولكن في عام 1970، غزت الولايات المتحدة كمبوديا، وسرعان ما بدأت الاحتجاجات في اليوم التالي، بما في ذلك في جامعة كينت في ولاية أوهايو، وخلال الأيام القليلة التالية، تصاعد التوتر بين الشرطة والمتظاهرين، وفي الرابع من مايو، حاول مسؤولو الجامعة حظر احتجاج مقرر، لكن حوالي 3000 شخص حضروا وكان في استقبالهم 100 من رجال الحرس الوطني لولاية أوهايو مسلحين ببنادق عسكرية، فتح الحرس النار على الطلبة فقتل أربعة طلاب وأصاب تسعة، على إثر ذلك تم إغلاق الحرم الجامعي، ووقع إضراب على مستوى البلاد شارك فيها ما يقرب من 4 ملايين من الطلبة، وفي يناير 1973 تم التوقيع على اتفاقيات باريس للسلام وإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في حرب فيتنام.

في الثمانينيات، بدأت مجموعة من طلاب جامعة كولومبيا في دعوة إدارة الجامعة إلى قطع العلاقات المالية مع الشركات التي تمارس أعمالاً تجارية في جنوب إفريقيا بسبب سياسة الفصل العنصري التي تتبعها، وفي أبريل 1985، قاد الطلاب مظاهرة طلابية استمرت ثلاثة أسابيع ضد استثمارات الجامعة في جنوب إفريقيا، وبعد أشهر من هذا الاحتجاج، صوت مجلس الأمناء على بيع غالبية أسهم كولومبيا في الشركات الأمريكية التي تعمل في جنوب أفريقيا، وبذلك كانت كولومبيا أول جامعة من جامعات النخبة التي تسحب استثماراتها من جنوب إفريقيا، وحذت حذوها جامعة كاليفورنيا، وبيركلي، وكذلك جامعة جونز هوبكنز وجامعة نورث كارولينا، وفي 30 يونيو 1991، ألغي نظام الفصل العنصري رسمياً في جنوب أفريقيا.

اليوم وبسبب ما يحدث من قبل الناشطين حول العالم في محاربة السردية الكاذبة للكيان الصهيوني المحتل، بات نتنياهو يرغي ويزبد ويتحرك بجنون كالفأر المحاصر، حتى أن محاولته لاستخدام معاداة السامية كسلاح أدت إلى نتائج عكسية مذهلة؛ فلقد أصبح من الواضح الوجود اليهودي الكبير بين المتظاهرين؛ فالشباب اليهودي يكتشف وعلى نحو متزايد الحقيقة حول دولة الإبادة الجماعية والعنصرية، وأن معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية، وأن القضية لا تتعلق بدين أو عرق بل تتعلق بالإنسانية.

وعليه فإن ما يحتج عليه طلبة الجامعات :

إلى الآن، والأعداد في تزايد يوميا، تم قتل 40.000 فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ، وأكثر من 70.000 من الجرحى، هذا عدا عن أعداد المفقودين، ونزوح أكثر من 1.2 مليون فلسطيني، و62 % من المنازل مدمرة، كما دمرت جميع الجامعات إلى جانب غالبية المستشفيات والمدارس ودور العبادة، والتسبب بمجاعة بينما يتم حظر المساعدات الإنسانية، والمقابر الجماعية التي تم اكتشافها في قطاع غزة داخل وحول مستشفيين كبيرين؛ مستشفى ناصر ومستشفى الشفاء، وكلاهما تعرضا للهجوم من قبل القوات الإسرائيلية الإرهابية، ومقابر أخرى في بيت لاهيا ودير البلح، واكتشاف أكثر من 400 جثة لشبان ونساء وأطفال تظهر عليها علامات التقييد قبل الإعدام.

بالطبع لا نستغرب أنه بالكاد تذكر المقابر الجماعية في وسائل الإعلام الرسمية في الغرب! لذلك من المهم ألا ندع احتجاجات طلبة الجامعات الأمريكية، على الرغم من أهميتها ومدى تأثيرها ليس فقط على المدى القريب بل على البعيد أيضًا، أن تصرف انتباهنا عن الإبادة الجماعية في غزة، وعن الهجوم البري الوشيك على رفح!

أرسلت «زكا تل أبيب» النداء التالي:

«تحديث سريع حيث أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي للتو عن تعبئة لواءين احتياطيين، استعدادًا لعملية محتملة في رفح بقطاع غزة. ويأتي ذلك في أعقاب انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي مؤخراً من خان يونس في أوائل 7 أبريل.

وهذا الوضع المتصاعد يثير قلقا عميقا ويؤكد الحاجة الملحة للاستعداد. ولا يزال «زاكا تل أبيب» في حالة تأهب قصوى، وعلى استعداد للاستجابة للآثار الإنسانية لهذه الاستعدادات العسكرية ولدعم مجتمعاتنا أثناء وبعد أي عمليات.

ستزودنا مساهمتك الفورية بالموارد الأساسية اللازمة لمساعدة المتضررين بشكل مباشر وتعزيز قدراتنا التشغيلية وسط هذا التهديد المستمر. نأمل أن تستمتع بعيد الفصح الهادئ.»

بالمناسبة هذه «زكا» التي روج أحد منسوبيها الرسميين الأخبار المزيفة عن الاغتصاب وقطع رؤوس الأطفال، والتي تم دحضها من قبل صحفهم الرسمية قبل الناشطين في الغرب. من يقرأ نداءهم يعتقد بأنهم يتحدثون عن الضحايا من الفلسطينيين من جراء عملية رفح المتوقعة، بينما هم يتحدثون عن مجتمعهم فقط بما فيه الجنود! وكأنهم يقولون: «جنودنا سوف يقومون بعمليات القتل والإبادة والتدمير والتهجير، ولكن لا يهمكم أيها الكرماء أنتم فقط افتحوا محافظكم وتمتعوا بعيد فصح هادئ».

غزو جيش الكيان الصهيوني المحتل لرفح على ما يبدو قد بات وشيكاً، رغم أن وزير خارجية الكيان الصهيوني المحتل «كاتس» صرح مؤخرا بأن عملية الاجتياح قد تؤجل إن تم التوصل لاتفاقية؛ أي تأجيل والنية على المواصلة مستمرة! حان الوقت لكي يفتح العالم أعينه ويتخذ الإجراءات اللازمة، لأن كل فأر محاصر يمثل خطرًا، خاصة وأن هذا الفأر قد استلم للتو 17 مليار دولار لمواصلة الإبادة الجماعية.