تعتبر القيادة الإدارية من أهم العناصر التي ترتكز عليها مختلف الشركات والمنظمات في القطاعين العام والخاص لتحفيز الموظفين على العمل وتوجيههم بالشكل الصحيح لتحقيق الأهداف المرجوة، و هناك بعض الصفات أو المهارات التي يجب أن تتوفر في الشخص القيادي، كالذكاء والمعرفة، وفي هذا الجانب نجد أن الذكاء العاطفي من أهم المهارات الرئيسية التي يجب أن يتمتع بها القادة الناجحون في العصر الحديث. ففي عالم متغير ومعقد، لا يكفي للقادة أن يمتلكوا مجرد المعرفة والمهارات الفنية والمهنية. بل يجب أن يكونوا قادرين وملمين بالمهارات التي تمكنهم من فهم وإدارة عواطفهم الخاصة وعواطف الآخرين فهذه المهارات تتضمن الوعي الذاتي، والتعاطف، والتنظيم الذاتي، والمهارات الاجتماعية ومن ثم توجيه هذه العواطف نحو تحقيق الأهداف المشتركة والنجاح المستدام وهذا ما يعرف بالذكاء العاطفي. بصورة عامه إن القائد الذي يمتلك الذكاء العاطفي يستطيع التعامل مع التحديات والضغوط النفسية التي تواجهه في محيط العمل. فهو يتمتع بالقدرة على التحكم في مشاعره والتعامل مع المواقف الصعبة بشكل هادئ ومتزن. يستطيع أيضًا فهم الآخرين وتحليل تفاعلاتهم العاطفية، مما يمكنه من التواصل بفعالية وبناء علاقات إيجابية مع فريقه. فالذكاء العاطفي هو المفتاح السحري للقيادة الفعالة التي يستطيع منها القائد ان يعمل على جوانب مهمه منها إلهام الآخرين، بناء فرق متماسكة، إدارة الصراع، اتخاذ قرارات صائبة والتكيف مع المتغيرات. فالقائد ذوو الذكاء العاطفي العالي قادر على إلهام الآخرين من خلال فهم احتياجاتهم وتطلعاتهم الحالية والمستقبلية، وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم التي في النهاية هذه الأهداف سوف تصب في المصلح العامة للمنشئة او المنظمة. الذكاء العاطفي أيضا يساعد القادة على بناء فرق متماسكة، متناغمة ومتعاونة من خلال تعزيز الثقة والاحترام المتبادل بين أعضاء الفريق. ايضا القائد ذوو الذكاء العاطفي العالي قادر على إدارة الصراع بشكل بناء، من خلال فهم وجهات نظر الآخرين، وإيجاد حلول مرضية للجميع. بالإضافة الذكاء العاطفي يساعد القائد على اتخاذ قرارات أكثر عقلانية ومدروسة، من خلال فهم تأثير عواطفه على عملية صنع القرار. في عالم متغير باستمرار، الذكاء العاطفي يساعد القادة على التكيف مع التغيير، والبقاء مرنين، وإلهام الآخرين على فعل الشيء نفسه. بعد الاطلاع على الجوانب المهمة للذكاء العاطفي للقائد، فهناك مجموعه متنوعة من الأساليب التي تعمل على تطوير الذكاء العاطفي للقائد ومن ضمنها التأمل الذي من الممكن أن تساعد ممارسة التأمل في زيادة الوعي الذاتي والتنظيم الذاتي. بالإضافة لحضور العديد من دورات وورش عمل المصممة خصيصًا لتعزيز الذكاء العاطفي. الحصول على ملاحظات الآخرين حول نقاط القوة والضعف العاطفية سوف تساعد أيضا على تطوير الذكاء العاطفي للقائد. ومن اهم هذه الأساليب هي مراقبة القادة الناجحين الذين يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ مصدرًا قيمًا للتعلم. بعد معرفة ما هو الذكاء العاطفي واهميته للقائد والأساليب التي تعمل على تطوير الذكاء العاطفي، دعونا الان ننظر لأشهر مثالين من الأمثلة المعاصرة عن الذكاء العاطفي والقيادة. فالمثال الأول من هذه الأمثلة المعاصرة هي تجربة المدير التنفيذي الشهير إيلون ماسك، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركات مثل تسلا وسبيس إكس ورئيس مجلس إدارة شركة سولار سيتي. يُشيد بماسك بشكل كبير بقدرته على التعامل مع الضغوط والتحديات العالية في صناعة التكنولوجيا والفضاء. يتميز ماسك بثباته العاطفي وقدرته على تحمل المخاطر والفشل، مما يعكس قدرته العالية على إدارة وتوجيه عواطفه بشكل صحيح. والمثال الاخر للراحل ستيف جوبز، المؤسس المشارك لشركة آبل، أيقونة للذكاء العاطفي في مجال القيادة. كان جوبز يتمتع بقدرة فريدة على تحفيز فريقه وإلهامهم لتحقيق النجاح. كان يستخدم قصص الحياة الشخصية والعواطف للتواصل مع الآخرين ونقل رؤيته وشغفه لمشروعاته. كما كان يتمتع بقدرة استثنائية على التعامل مع الإجهاد والضغوط العالية في صناعة التكنولوجيا.

في النهاية، يعد الذكاء العاطفي أساسًا ضروريًا للقادة الحديثين الذي يساعد في تعزيز القدرة على التعامل مع التحديات والضغوط النفسية، وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين، وتحقيق النجاح المستدام في بيئة العمل المعاصرة. ولكن يجب أن ندرك أن الذكاء العاطفي ليس ميزة مقتصرة على القادة، بل إنه يجب أن تكون جزءًا من ثقافة المنظمة بأكملها.