جدد موسم شهر رمضان، وارتفاع الطلب خلاله على العمالة المنزلية، جدل سوق استقدام العمالة، والشكاوى من هروب العاملات، وارتفاع حدة الطلب على خدماتهن، خصوصًا مع توالي الأنباء عن سحب تراخيص عدد من المكاتب وإيقاف نشاط مكاتب أخرى من قبل الجهات الرقابية.

في المقابل، أعلنت مكاتب الاستقدام شكواها، مؤكدة أنها تعاقب على ما ليس لها فيه ذنب، وأنها تدفع أحيانًا ثمن أمزجة أرباب عمل العمالة دون أن يكون تذمر هؤلاء بسبب منها أو بسبب عمالتها المؤجرة لهم.

وعلا صوت تلك المكاتب مع الموسم الرمضاني الذي تحول ـ حسب رأيهم ـ إلى موسم لارتفاع عدد المخالفات والمشكلات التي يترتب عليها نتائج سلبية على مستوى تقييم العمل، أو حتى فرض الجزاءات، ومنها إيقاف خدمات بعض مكاتب الاستقدام.

وما بين معوقات ومشكلات تتعلق بالعامل المنزلي وحقوقه، وبمكاتب الاستقدام ومطالبها، برزت ظواهر جديدة في عالم الاستقدام، أثرت بشكل كبير على هذا القطاع، بعضها زعزع ثقة المواطن من جانب، وبعضها تسبب في أزمات للمكاتب.

وفيما اشتكى كثيرون من ارتفاع أجور العمالة المنزلية خلال الموسم الرمضاني، ومن هروب هروب العاملات المتكرر خلاله، رفعت المكاتب مطالبها للتخفيف من عقوبات منصة «مساند»، وتخفيض الغرامات المكلفة، فضلًا عن سوء التقييم الشهري المؤثر على تصنيف المكتب، وبالتالي قلقه من خسارة سمعته المهنية، وإيقاف خدماته.

ازدياد الحاجة

تزداد الحاجة وتصبح ملحة أكثر لخدمات العمالة المنزلية في الشهر الفضيل، وتشهد مكاتب الاستقدام استعدادًا له وخلاله حركة نشطة لتوفير العاملات، إلا أن ذاك النشاط يأتي مصحوبا كذلك بالكشف عن أوجه متعددة لمخالفات يترتب عليها جزاءات وعقوبات جسيمة، انتهت غالبًا بإيقاف خدمات مكاتب الاستقدام وسحب تراخيص مزاولة المهنة، وفي أقل تقدير دفع الغرامات وتلقي الإنذارات.

وأعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن حزمة قرارات حاسمة انعكست على المستوى الحقوقي والتنظيمي وحتى الاجتماعي، وشهدت بداية الشهر الحالي عقوبات بالجملة على مكاتب استقدام، حيث أعلن عن سحب تراخيص 21 مكتبًا، وإيقاف نشاط 4 مكاتب أخرى.

وتنوعت أسباب المخالفات، من عدم الالتزام بقواعد ممارسة الاستقدام، وعدم إعادة المبالغ للعملاء المستحقين للتعويض، وتشغيل عمالة مخالفة، وكذلك دفع تكاليف الاستقدام خارج منصة مساند.

وكانت منصات التواصل الاجتماعي قد شهدت في الآونة الأخيرة مجموعة من الشكاوى والاعتراضات حول جودة الخدمات في المكاتب، وسرعة التعامل مع مشاكل العاملات سواء على مستوى الأسعار، أو حتى مشكلة الرواتب الشهرية، أو عمل التأجير اليومي، وصولا لمشاكل التفويض، وتأمين البدائل في حال الهروب.

في المقابل، طالبت مكاتب الاستقدام بإعادة النظر موضوعيًا والوقوف ميدانيا على مشاكل العمالة الخارجة عن سيطرة إدارة المكاتب، والتعاون مع المكاتب لمعالجتها عوضًا عن فرض عقوبات رأى بعض المكاتب أنه لا ذنب له فيها.

شكوى الأسعار والمحدودية

مقابل شكاوى كثيرين من ارتفاع أسعار العاملات المنزليات خلال الشهر الفضيل، بيّن يونس العبندي، مدير أحد مكاتب الاستقدام في محافظة القطيف «لم تعد شكازى ارتفاع الأسعار منطقية أو واردة، لقد كانت صحيحة في السابق وكانت تأتي نتيجة لزيادة الطلب وقلة العرض، وهذا طبيعي مثلها مثل أي منتج أو خدمة، ولكن الأمر اختلف حاليًا، فلا يمكن لأي مكتب رفع الأسعار لأن وزارة الموارد البشرية و«مساند» وضعا حدًا أعلى لأسعار الاستقدام لكل بلد، وبالتالي لا تستطيع المكاتب أن تزيد من السعر كما كانت تفعل في السابق».

تهم في غير محلها

يواصل العبندي الرد على شكاوى استغلال مكاتب الاستقدام، واتهامها بتشجيع الخادمات على الهروب، وقال «لا شك أن هروب الخادمات يزيد قبل موسم رمضان، حيث تنشط عصابات التهريب التي تهرّب العاملات بهدف المتاجرة بهن».

وعما يتعلق بتهمة تشغيل المكاتب لعمالة مخالفة، قال «لا أعتقد أن مكاتب الاستقدام تقوم بذلك، بل تقوم به عصابات تنتشر في البلد، وأغلبها من جنسيات أفريقية ومن إندونيسيا، حيث يكثر هروب هذه الجنسيات»، مؤكدًا أن «مكاتب الاستقدام هي المتضرر الأول والرئيس من هذه العمالة المخالفة والعصابات التي تعمل على تشغيلها».

واستدرك «تساعد مكاتب الاستقدام الجهات المعنية على محاربة تشغيل العمالة المخالفة، والتبليغ عن العصابات التي تقوم بإيوائهم وتشغيلهم».

وأضاف «أحذر المواطنين والمواطنات من التعامل مع أي أشخاص غير مصرح لهم بمزاولة تقديم الخدمات العمالية للغير، كما أطلب منهم التأكد من أن العاملة تعمل لدى الجهة التي تقدم هذه الخدمة، وتكون هي صاحب العمل، ولا تعمل تحت اسم أي شخص آخر».

وأكمل «تقوم وزارتا الداخلية والموارد البشرية بجهود كبير للحد من ظاهرة هروب العاملات وتشغيل العمالة المخالفة عبر التفتيش والمتابعة والرقابة وتقف مكاتب الاستقدام معها يد بيد».

وحول البلدان الأكبر طلبًا لاستقدام العمالة المنزلية منها، أوضح أنه وفقًا لإحصائيات مكتبه ما زالت الفلبين تحتل المركز الأول في الطلبات، تليها إثيوبيا ثانية، ثم كينيا ثالثة، وقال «مؤخرًا فتحنا الاستقدام من باكستان، أما الاستقدام من سريلانكا وبنجلاديش فإنه مكلف جدًا لأن المكاتب الخارجية في هذه الدول تتطلب أسعارًا عالية».

وعن السائقين، قال «على مستوى طلبات استقدام السائقين ما زالت الهند تتصدر المركز الأول، تليها الفلبين ثم باكستان، فيما ما يزال الطلب قليلًا من البلدان الأخرى».

انحدار في الجودة

لم ينكر العبندي تراجع جودة العمالة التي باتت تقدم للمملكة، وقال «بعد انخفاض أسعار الاستقدام في السنة الأخيرة؛ لاحظنا انحدارا في جودة العمالة المقدمة من المكاتب الخارجية، وعدم توفير الأعداد الكافية من العمالة والتي انخفضت بشكل كبير، وبات هناك شحّ كبير في سوق الاستقدام، كما انخفضت مستويات الخدمات المقدمة من قبل المكاتب بشكل ملحوظ، حيث اضطرت إلى تخفيض تكاليفها عبر تقليل عدد الموظفين، وإلغاء بعض الخدمات، وتقليل المصاريف بشكل عام، مما انعكس سلبًا على الخدمات المقدمة للعميل من قبل المكاتب».

متاعب المكاتب

من جانبه، ذكر أحمد الشويخ، وهو إداري مكتب استقدام أن إدارات المكاتب تعاني كثيراً أمام أنظمة منصة «مساند» المشددة، مؤكدًا أن تلك الأنظمة وضعت المكاتب تحت رهبة الخسارة، وقلق العقوبة، وقال «لعل أبرز الانعكاسات السلبية هو أثرها على التقييم الشهري الذي أطلقته المنصة على مكاتب الاستقدام المطالبة بأن تحقق المتطلبات والاشتراطات بشكل دوري للحصول على أفضل تصنيف».

وأضاف «تفرض كثير من العقوبات على مشاكل لاحول للمكاتب فيها ولا قوة، وتتضاعف عقوبة المخالفة من وحدة إلى أكثر، وهو عامل يسهم في إيقاف خدمات المكتب بلا وجه حق».

وبتفصيل أكثر، قال «فقدنا حس المنافسة السوقية في تسعير قيمة العمالة المنزلية بين المكاتب وذلك بعد توحيد الأسعار، مع الالتفات لجانب مهم جداً وهو محاولات بعض المكاتب استقطاب العملاء من خلال خفض القيمة السوقية للعاملة كنوع من العروض، وهي وسيلة لا تؤتي ثمارها بكل تأكيد».

وأردف «كما أن توحيد مدة الاستقدام لمختلف الجنسيات ليس موفقًا، فمدد الاستقدام تختلف وفقًا لأنظمة بلد العاملة، وكذا تختلف الإجراءات التي قد تطول أو قد تنتهي في مدة قصيرة، فبينما يمكن استقدام العاملات من الجنسية الأفريقية في غضون أسبوعين أو شهر كأقصى حد، ترتفع مدة استقدام العاملات من شرق آسيا بشكل كبير، وهو ما لا يتوافق مع ما فرضته منصة «مساند» كمدة محددة لاستقدام العاملة حيث يؤثر تأخر الإجراءات لبعض الجنسيات ويقود إلى فرض غرامات على المكتب بعد تجاوز المدة».

مساند لا يساند

أكد الشويخ أن منصة «مساند» تفتقر للعمل التعاوني التكاملي الذي ينظر بموضوعية لمشاكل المكاتب، ونوه إلى أن العقوبات التي يخضع لها المكتب تؤثر في التقييم الشهري وتجعله سلبيًا وهنا يبدو الأمر بحاجة لإعادة النظر فيها ودراستها ومعرفة مالها من أثر في عمل وأداء المكتب الذي يظهر في تقييم «مساند» منخفضاً أمام عراقيل لا حول له فيها، إضافة الى تغليظ العقوبة لتشمل مخالفتين في واحدة، ففي حين تكون المخالفة مخالفة تأخير مثلًا، تجدها تفتح بابًا لمخالفة التقصير في تصنيف المكاتب وانخفاض المستوى، مستشهدًا بمشكلة أخرى يواجهها المكتب وهي إلغاء العميل لعقد العاملة، وقد يكون ذلك لعدة أسباب من بينها سبب نفسي يتمثل بعدم ارتياحه للعاملة، أو لمستوى العمل وما شابه، ولكن المكتب يتحمل جزاء ذلك الخلل وإلغاء العقد، وكأنه هو المقصر والمسؤول الأول في ارتفاع عدد العقود الملغاة من العملاء، ويترتب عليه عقوبة أخرى بخفض التقييم، وبالتالي التصنيف، وصولًا إلى إيقاف الخدمات وسحب الترخيص».

حفظ الحقوق

أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منذ فترة منصة «مساند»، للتأكد من تطبيق الأنظمة والقرارات الصادرة منها بما يضمن الحفاظ على الحقوق سواء للمواطن أو حتى أصحاب العمل ومنه للعامل أو العاملة، وذلك بإشراف مباشر منها، مستهدفةً رفع أداء مكاتب الاستقدام من ناحية الأداء والأسعار، ومن ذلك مراجعة تكاليف الاستقدام وحوكمة الأسعار، كما كثفت العمليات الرقابية للحد من التلاعب في عملية الاستخدام، واختصرت منصة «مساند» رحلة في خطوات بسيطة، تبدأ من اختيار مهنة العمالة وجنسيتهم، حتى وصولهم للعميل.

إلزامية التأمين

من جانبهم، شدد مواطنون على أهمية خدمة التأمين على عقود العاملات بحيث يمكن التعويض عن الهروب أو الوفاة، وكذلك التعويض في حال عدم التزام صاحب العمل بسداد المستحقات المالية للعامل، بحيث تضع شركات التأمين إجراءات مناسبة لمعالجة المشاكل التي قد تواجه صاحب العمل أو العامل نفسه.

عقوبات ترتب على مخالفات الاستقدام

ـ غرامة الإعلان عن الخدمات بطريقة مخالفة لأنظمة الوزارة (3000 ريال)

ـ غرامة عدم الالتزام باستقبال وايواء العمالة المستقدمة عند الوصول (1000 ريال)

ـ التعاون في إسناد مهام استقدام العمالة مع جهات غير مرخص لها بمزاولة أي من الأنشطة المنصوص عليها في قواعد الوزارة (4000 ريال)

ـ عدم الالتزام بالأسعار التي تحددها الوزارة أو الأسعار المعلنة في الموقع المعتمد من الوزارة (10000 ريال)

ـ ممارسة نشاط الاستقدام أو التوسط فيه أو تقديم الخدمات العمالية دون ترخيص (30000 ريال)

أبرز الحالات التي يغطيها التأمين على عقود العمالة المنزلية

* تعويض صاحب العمل

1ـ تعويضه في حالات الهروب أو رفض العمل

2ـ تعويض نفقات استقدام العامل المنزلي البديل نتيجة عجز أو وفاة العامل أو إصابته بأمراض مزمنة وحرجة

3ـ تعويضه عن مصاريف إعادة الجثمان والمتعلقات والممتلكات الشخصية في حالة وفاة العامل

* تعويض العامل

1ـ تعويض دفع الرواتب في حال عجز صاحب العمل

2ـ التعويض في الحالات الطارئة