واختلف محللون في رؤيتهم لمستقبل الطفل العنيد، حيث رأى البعض أنه ليس ذاك الطفل السيء، وهم يرون في عناده بعض الإيجابيات قبل النظر إلى السلبيات.
ويؤكد بعضهم أن الطفل العنيد هو مشروع قائد في المستقبل، فيما يرى آخرون في عناده، على الأخص حين يكون زائدًا بعض الشيء، مرضًا نفسيًا يجب تداركه منذ وقت مبكر حتى لا يتفاقم ويستمر مع الطفل كلما تقدم في العمر.
احترام عقل الطفل
يجزم أخصائي علم النفس فراس القاسم أن العناد يختلف من طفل إلى آخر، وتمنى أن يتم التعامل مع الطفل العنيد على نحو خاص، واضعًا ما يمكن أن نطلق عليه وصفة للتعامل مع هذا الطفل، تتضمن كلا مما يلي:
1ـ الإصغاء للطفل وعدم الجدل معه.
فالطفل لا يتعمد العناد، ولا يقصد إثارة الغضب، لكنه يحاول أن يخبرك شيئًا من وراء هذا العناد كله لذا لا تتوقع أن يسمع طفلك كلامك ويهتم لاحتياجاتك إن لم تسبقه بالإصغاء إليه أولًا.
2ـ احترام عقل الطفل بلا أوامر.
قد تعمل طريقة إعطاء التوجيهات والأوامر مع الطفل حتى جيل السنتين ونصف السنة كأقصى حد، ثم بعد ذلك عليك أن تدرك حاجتك إلى تفسير الهدف من وراء الطلب أو الأمر الذي تصدره.
3ـ منحه خيارات.
حدد الخيارات المتاحة وامنح الطفل العنيد شرف الاختيار.
4ـ احتفظ بهدوئك.
إن صب الغضب على الطفل يجعله يقف وحيدًا أمام مشاعره التي لا يستطيع معالجتها لوحده كما أن الغضب لا يساعده في شرح أهدافه، وبالتالي لن يؤثر غضبك إيجابيًا على المدى البعيد حتى وإن انصاع طفلك لأوامرك حاليًا.
5ـ لغة المشاركة.
يحب الطفل أن يشعر أنه شريك للأهل وأنه يتحمل المسؤولية مثلهم، لذا قد تجد أن لغة الشراكة فعالة جدًا مع طفلك، وعندما تجد صفات إيجابية في طفلك امدحها وشجعه كي يستمر في التحلي بها فقد يشعر باهتمامك دون الحاجة إلى اللجوء للتصرفات السلبية.
نعمة الطفل العنيد
تقول أخصائية علم النفس، تذكار قاسم الكستبان أن «الطفل العنيد نعمة، لأن عناده يدل على أنه طفل طبيعي وشخصيته تنمو بشكل سليم ومتزن خاصة في العمر المبكر من سنتين أو ثلاث سنوات، على العكس عندما يكون الطفل مطيعا 100% فهذا يدل على وجود خلل في نمو شخصيته وتطورها واستقرارها، وعلى الوالدين أن يتصرفا التصرف الصحيح السليم مع عناد الأطفال، فعندما تأتي الأم وتطلب من طفلها فعل شيء معين وهو يلعب ومنشغل بألعابه ويرفض ذلك، فهذا ليس عنادًا بل هي أتت في وقت غير مناسب له، وعلى الأم أن تختار الوقت المناسب لتطلب من طفلها الشيء الذي تريده».
وتابعت «على الأم أن تكون هادئة ومثقفة من ناحية موضوع عناد الأطفال، وأن تقرأ في ذلك كثيرًا، لأن الطفل في السنتين الأوليين من عمره يعتمد عليها اعتمادًا تامًا وهو مطيع وتابع لها في كل شيء يفعله، لأنه يظن أنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا دونها، وبعد السنتين تنصدم الأم بعناد طفلها المفاجئ وعصبيته المفاجئة، وأصبح يريد أن يختار كل شيء بنفسه ويفعل كل شيء بنفسه وأشياء كثيرة، ولكن على الأم أن تكون هادئة ومرتاحة لأن طفلها بدأ يستوعب بأنه منفصل عن والدته وأنه مستقل ويستطيع فعل الأشياء بنفسه، واكتشف أن لديه القدرة على اتخاذ القرارات، وعلى الأم والأب عدم كسر شخصية طفلهم وكسر ثقته بنفسه وعليهم تعزيز ذلك بعدة طرق متعددة ومنها:
1ـ عدم تقييد الطفل وإجباره بأوامر غير ضرورية بحجة كسر عناده.
2ـ عدم التعامل القاسي معه وتعنيفه سواء بالعنف اللفظي أو الجسدي.
3ـ غمر الطفل بالحنان والدفء العاطفي من قبل والديه.
4ـ تقديم خيارات متعدده ليختار وعدم فرض خيار واحد فقط وإجباره عليه.
التمرد والمقاومة
يعرّف مختصون في الشؤون الأسرية، الطفل العنيد بأنه ذاك الطفل الذي يبدي تمردًا ومقاومة شديدة في التعامل مع الأوامر والقواعد المفروضة عليه، ويظهر سلوكًا سلبيًا وعنيدًا بشكل متكرر، مما يمكن أن يكون تحديًا للآباء والمربين.
ويرى هؤلاء أن لعناد الطفل سلبياته، ومنها أنه يصعب التحكم فيه، حيث يكون من الصعب إقناع الطفل العنيد بالقواعد والتوجيهات والتعامل معه بشكل إيجابي، ومنها كذلك تأثير السلبي على الأسرة، حيث يمكن له أن يسبب توترًا وصراعات داخل الأسرة، ويمكن أن يتسبب سلوكه في انتشار الضغط والتوتر بين أفراد الأسرة، ومنها كذلك التأثير على التعليم حيث يمكن أن يواجه الطفل العنيد صعوبات في الالتزام بقواعد المدرسة والتركيز في الصف، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على تقدمه الأكاديمي».
إيجابيات لا تنكر
يؤكد مختصون في الشؤون الأسرية أنه مقابل السلبيات التي يفرضها العناد بالنسبة للطفل، فإن لعناده إيجابياته، ومنها قوة الشخصية، حيث يمكن أن يكون الطفل العنيد شخصية قوية ومصممة، حيث يعبر عن آرائه واحتياجاته بشكل قاطع.
ومن الإيجابيات كذلك الإبداع والتفكير الذاتي، فقد يكون الطفل العنيد مبدعًا ويمتلك قدرات تفكير ذاتية عالية، حيث يبحث عن طرق بديلة للتعبير عن نفسه.
حلول التعامل
عن حلول التعامل مع الطفل العنيد، يقول هؤلاء المستشارين إن ذلك يتم عبر جملة من الخطوات ومنها:
1ـ التواصل الفعال:
يجب على الآباء والمربين التفاعل مع الطفل العنيد بطريقة إيجابية وفعالة، والاستماع إلى مشاكله ومخاوفه.
2ـ وضع قواعد واضحة:
ينبغي وضع قواعد وتوجيهات واضحة للطفل العنيد، وتوضيح العواقب المحتملة لعدم الامتثال.
3ـ تعزيز الإيجابية:
ينبغي تعزيز السلوك الإيجابي للطفل العنيد من خلال الثناء والمكافأة عند الامتثال للقواعد والتعاون.
4ـ التعامل بهدوء وصبر مع سلوك الطفل العنيد، وتجنب الانفعال والعقاب العنيف.
5ـ تقديم المجال للاختيار، والمزيد من المساعدة والدعم للطفل لفهم مشاعره واحتياجاته، وتعزيز ثقته بالنفس.
6ـ ينبغي تحديد حدود واضحة للسلوك المقبول وغير المقبول، والتمسك بها بثبات.
7ـ استخدام الأساليب التربوية الإيجابية، حيث يجب تجنب العقاب الجسدي أو الانتقادات القاسية، واستخدام الثناء والتشجيع لتعزيز السلوك المرغوب.
8ـ البحث عن أسباب السلوك العنيد، فقد يكون هناك أسباب مؤلمة أو ضغوط عاطفية تؤدي إلى سلوك الطفل العنيد، لذا يجب محاولة فهم الأسباب العميقة والتعامل معها بشكل مناسب.
التحدي
يشير المختصون الأسريون إلى أن التعامل مع الطفل العنيد قد يكون تحديًا، وقد يستدعي الأمر استشارة متخصصين في التربية النفسية أو الطب النفسي للحصول على إستراتيجيات ودعم إضافيين.
السلوك المضطرب
يوضح المستشار الأسري يوسف الشحي أن حالة العناد والعصبية عند الصغار من أنواع السلوك المضطرب التي تنم عن مشاعر النفور من الأشخاص المحيطين به، وهذا السلوك قد يصدر من الطفل عن وعي، وأحيانًا عن غير وعي، فتكون تصرفاته على شكل عادة يمارسها، حيث يحتاج الطفل العنيد والعصبي من التربويين، الاهتمام والعناية القصوى وعدم الاستسلام أمام هذا السلوك المضطرب بل الإسراع في علاج الطفل وعدم تعويده على نيل مطالبه بكثرة البكاء والإلحاح، وهذا السلوك يجب ألا يتجذَّر في النفس وألا يتكوَّن في ذهنه أنّ جميع أفراد الأسرة رهن أهوائه ورغباته، ولذلك على الوالدين ترويض الطفل على طاعتهما وكسب السلوك المحبب للشخصية.
وبينت أنه تجدر الإشارة إلى خطورة سلوك العناد والعصبية فهو ينتقل بالعدوى بين الأطفال، وبالتالي يصبح هذا الطفل مثالًا يُقتدى به من قبل أقرانه ولا شك أن العناد والعصبية لهما أسباب مرضية ونفسية وتربوية واجتماعية.
أسباب العناد
أولا: مرضية
ـ اضطرابات في الغدة الدرقية
ـ اضطرابات تُصيب الجهاز الهضمي
ـ الصرع.
ثانيًا: نفسية
ـ اتصاف الوالدين بهذا السلوك أو أحدهما، فيقلد الطفل صورة حية لسلوكٍ مُتّبع.
ـ عدم إشباع رغبات الطفل واحتياجاته المعتدلة والمنطقية.
ثالثًا: اجتماعية
ـ قسوة الأسرة على الطفل وتعنيفه لأبسط الأسباب باللوم أو السب أو الضرب.
ـ التدليل الزائد للطفل وتلبية جميع رغباته، فيعتاد على الأنانية وحب الذات.
ـ التفريق في المعاملة بين الأبناء وتفضيل أحدهم على الآخرين.
ـ الاضطراب الأسري وغياب الدفء والحنان والعطف الذي يحتاجه الطفل، وعدم التواصل معه وسماع أفكاره ومقترحاته.
رابعًا: تربوية
ـ تقييد حركة الطفل، بسبب ضيق مساحة المنزل، أو كثرة المقتنيات التي لا يستطيع الاقتراب منها.