«كُل ما يُعجبك.. والبس ما يُعجب الناس».. مثل قديم يؤمن كثيرون بمضمونه، لكن اللافت أن كثيرين يعجبهم أكل الأشياء غير المألوفة، على الأخص لحوم كائنات غريبة، ينفر منها كثيرون من أبناء الجيل الجديد، لكن القدامى يرون أكلها بمثابة الموروث.

ولبادية المملكة صولات وجولات في مواجهة بنادق الجائعين، وتناولهم لمأكولات غريبة كانت بمثابة الجوائز والمغانم في ظاهرة بدأت تنخفض تدريجيًا في السنوات الأخيرة مع ظهور تشريعات جديدة تحجّم الصيد حفاظًا على توزان البيئة وحماية الكائنات المهددة بالاندثار، ما يقود إلى توقعات باندثار تام لتلك المأكولات الغريبة في المستقبل خصوصًا أن الجيل الحالي بات يستهجن وجودها في المطبخ المحلي.

قائمة طويلة

تتضمن قائمة الأكلات الغربية التي يقبل عليها البعض في المملكة لحوم «الضبان» و«الجرابيع»، و«الجراد»، جنبًا إلى جنب مع لحوم «الغزلان» و«الأرانب»، وطيور السمان والحبارى.

ولا تبدو هذه الأكلات غربية على بلد نشأ مواطنوه على عادات البادية وتقاليدها، واعتبر الصيد فيه بمثابة رياضة الملوك.

وينشط القنص والصيد في موسم الشتاء خصوصًا أنه الفصل الملائم بشكل كبير لما يسمى «الكشتات» وطلعات البر والتخييم.

مذاهب العشق

ما لا يستوعبه كثيرون من الجيل الحالي، هو فكرة صيد الضبان والجرابيع وطبخها وأكلها، ويرون أن هذه الظاهرة باتت قديمة وغريبة، رغم أن هناك من يمارسها ويتفاخر بها، باعتبارها هواية متأصلة، مطبقين بذلك المقولة السائدة «والناس فيما يعشقون مذاهب»؛ فقد وصل بهم عشق الصيد إلى الركض لساعات خلف حيوانات زاحفة، والعبث في جحور لحيوانات لا يعلمون مدى عمقها أو ما يمكن أن تصل إليه أيديهم من كائنات سامة أو حشرات مؤذية، في محاولة لإظهار القوة والقدرة والمهارة في تتبع الحيوان المراد اصطياده، فضلاً عن متعة المطاردة للظفر بالفريسة.

هواية أم عبث

تباينت ردود الأفعال المجتمعية إزاء صيد الضب والجربوع، وغيرها من الحيوانات البرية إذ يراها البعض نوعًا من العبث بالطبيعة، وتندرج تحت بند الصيد الجائر، مع ما تشهده هذه البيئة من انخفاض في نسبة تكاثر بعض كائناتها مقابل قضاء وقت في اللهو والترفيه، فيما يراها آخرون هواية قديمة، ونوعًا من أنواع الرياضة، ويستنكرها فريق ثالث، لا يجد مبررًا لفكرة تناول كائن حي بهذا الشكل والهيئة على اعتبار أنها كائنات مقززة.

رهان المستقبل

في المقابل، يرى ناشطون مهتمون بالحفاظ على الطبيعة، أن الصيد الجائر للغزلان أو الأرانب أو بعض الطيور، أو حتى الجرابيع والضبان، كان سببًا أساسيًا للتراجع الكبير في أعداد المكونات الحيوانية الموجودة في البيئة.

وتساءل كثيرون عن مستقبل صيد الضبان والجرابيع، ويقولون إن كانت هذه ظاهرة جلية في الأجيال السابقة، فإن جيل التكنولوجيا وشباب المستقبل يأنفون من مطاردتها والتهامها، وبالتالي فإن المطبخ المحلي في طريقه لفقدان هذا النمط الغذائي بفعل كل المتغيرات الجديدة على مستوى الوعي والعلم، ناهيك عن جملة التشريعات التي باتت تمنع الصيد وتحمي الكائنات الفطرية في محميات صار اقتحامها بمثابة الجرم الذي يعرض صاحبه لعقوبات شديدة.

الضب في مأمن

على الجانب الصحي، أثبتت النشرات التوعوية والندوات العلمية والدراسات، أن تناول بعض لحوم هذه الحيوانات له سلبياته الصحية، وعلى سبيل المثال، فإن لحم الضب قد يصيب الإنسان بالجلطات، نظرًا لاحتوائه على نسبة عالية جدًا من الكوليسترول.

ولعل هذا ما يفسر أيضًا إصدار الجهات المعنية لأنظمة صارمة وحازمة تمنع صيده من باب حماية الحياة الفطرية.

وتخضع هواية الصيد حاليًا إلى لوائح وتعليمات صارمة، ضمن إطار تنظيمي جديد، خوفًا من انقراض بعض الكائنات الحية، وحدوث اختلال في التوازن البيئي، الذي ستكون له انعكاساته السلبية.

محميات ولائحة

نشرت وزارة البيئة والمياه والزراعة لائحة واضحة تهدف إلى حماية الحياة الفطرية وبالأخص الكائنات المهددة بالانقراض، وتعمل على تنظيم أنشطة الصيد، وإتاحة منافذ لهواة الصيد لممارسة هواياتهم بطريقة سليمة وآمنة.

وبحسب ما ورد في اللائحة التنفيذية لصيد الكائنات الفطرية الحيوانية البرية لنظام البيئة، فإن متعة أكل الغزال ستنسفها فكرة سداد غرامة صيد غزال الريم البالغة 25 ألف ريال، أو غرامة صيد غزال المها الوضيحي، التي تبلغ 70 ألف ريال، أما وجبة للأرنب البرية المشوية، فقد تكلف صائده 18 ألف ريال، فيما تكلف قيمة طبخ ضب بري 3000 ريال، أما السمان، وهو الأقل، فتصل غرامة صيده 1500 ريال.

غرامات صيد

غزال الريم

الغرامة 25 ألف ريال

غزال المها الوضيحي

الغرامة 70 ألف ريال

الأرنب البري

الغرامة 18 ألف ريال

الضب البري

3000 ريال

السمان

الغرامة 1500 ريال