تعهد دونالد ترمب، خلال ولايته الرئاسية الثانية، بإنهاء الحرب في أوكرانيا «خلال أربع وعشرين ساعة». ورفض المحللون الرئيسيون تصريحات الرئيس، ووصفوها بأنها مبالغ فيها، ولكن هناك احتمال قوي بأن يعود ترمب إلى المكتب البيضاوي، لذلك ينبغي لخبراء السياسة الخارجية أن يأخذوا تصريحات الرئيس السابق على محمل الجد، وأن يقيموا كيف يمكن لإدارة ترمب أن تتعامل مع أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث غزا بوتين أوكرانيا في عهد كل من أوباما وبايدن، لكنه لم يهاجمها عندما كان ترمب رئيسا، الذي صرح بأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا «لم تكن لتحدث أبدًا تحت قيادته».

إستراتيجية بايدن

ويعترف عدد من الخبراء الغربيين بنقاط الضعف في إستراتيجية بايدن بأوكرانيا، التي شجعت بوتين على شن الغزو في المقام الأول، حيث أسهم انسحاب بايدن الفاشل من أفغانستان إلى قرار بوتين بإعادة مهاجمة أوكرانيا. كما أن محاولات بايدن الضعيفة لتحقيق «الردع المتكامل»، والتهديد بفرض عقوبات، وتقديم المساعدات لأوكرانيا، فشلت في تحقيق هدفها المقصود المتمثل في ردع عدوان بوتين.


وفي أعقاب غزو بوتين، اتبع بايدن إستراتيجية مفرطة الحذر في زمن الحرب. وبدلا من تحديد هدف النصر بوضوح، تعهد بمساعدة أوكرانيا «طالما استغرق الأمر»، وهو ما أثار تساؤل الخبراء: ما هي المدة التي يستغرقها القيام بذلك؟.

وكان ينبغي على بايدن أن يزود أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها لتحقيق الفوز بسرعة، لكنه بدلا من ذلك كان خائفا من «التصعيد» الروسي المحتمل، وقدم تنقيطا حذرا من الأسلحة. وعارض بايدن توفير العديد من أنظمة الأسلحة الرئيسية مثل الدبابات والطائرات والمدفعية بعيدة المدى قبل أن يغير رأيه، والنتيجة هي أن أوكرانيا كان لديها ما يكفي من الأسلحة للقتال، ولكن ليس ما يكفي لتحقيق النصر.

واعتمدت إستراتيجية بايدن على إنفاق مليارات الدولارات فقط من أجل التوصل إلى مأزق دموي وغير حاسم.

مبدأ ترمب

في المقابل، واستنادا إلى تصريحاته العامة فقط، يمكن للمرء أن يتنبأ بأن مبدأ ترمب مختلف تمامًا بالنسبة لأوكرانيا، حيث ذكر أنه سيستخدم علاقته الشخصية مع زيلينسكي وبوتين في التفاوض على تسوية للصراع «في يوم واحد». وقد يكون الإطار الزمني ليوم واحد طموحًا للغاية، حيث لم يعرب بوتين ولا زيلينسكي عن اهتمامهما بالتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، ويبدو أن كلا الجانبين يعتقدان أنهما ما زالا قادرين على تحقيق الانتصار في ساحة المعركة.

لكن النهج الذي يقترحه ترمب قد يغير هذه الحسابات، حيث قال: «سأقول لبوتين: إذا لم تتوصل إلى اتفاق، فسنمنح أوكرانيا أكثر مما حصلت عليه في أي وقت مضى إذا اضطررنا لذلك».

وقد ذهب الخبراء إلى أن تصرفات ترمب السابقة تجعل هذا التهديد ذا مصداقية. ففي أثناء وجوده في منصبه، أظهر ترمب استعداده لتجاوز الحدود، حيث رفع القيود التي فرضها عهد أوباما على قواعد الاشتباك في القتال ضد «داعش»، وقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

لذا يقول الخبراء إنه إذا رفض بوتين التفاوض، فربما يزيل ترمب القيود التي فرضها عهد بايدن على نقل الأسلحة، ويمنح أوكرانيا الأسلحة التي تحتاجها للفوز، بما في ذلك الأسلحة بعيدة المدى لضرب شبه جزيرة القرم وروسيا، حيث إن مواجهة بوتين احتمال التعرض لهزيمة عسكرية مكلفة ستجعله يفضل المفاوضات.

وتابع ترمب في ذكر إستراتيجيته لإحضار كييف إلى الطاولة: «سأقول لزيلينسكي: عليك أن تعقد صفقة لا أكثر»، فلا تستطيع أوكرانيا أن تنجح إلا بفضل الدعم الغربي واسع النطاق، واحتمال خسارتها المساعدات من شأنه أن يشكل لها حافزا قويا للتفاوض.

وقف النار

إن وقف إطلاق النار على طول الخطوط الحالية والمفاوضات اللاحقة من شأنهما أن يحافظا على سيادة أوكرانيا الديمقراطية الراسخة في الغرب والقادرة على الدفاع عن نفسها، وستحتفظ كييف بمطالباتها المعترف بها دوليا بالسيادة على كامل أوكرانيا. ومن شأن وقف الأعمال العدائية أيضا أن يسهل توفير ضمانات أمنية موثوقة، بما في ذلك العضوية المحتملة في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لردع روسيا عن استئناف الصراع. وعلى الرغم من أن هذه النتيجة أقل إرضاءً من النصر العسكري الكامل (الذي يرجح بأنه غير قابل للتحقيق)، فإنها تمثل هزيمة إستراتيجية لروسيا، وتعزيزا للأمن القومي الأمريكي والتحالف الغربي.

ويزعم بعض الجمهوريين أن الصراع في أوكرانيا مسألة أوروبية لا أهمية لها بالنسبة للولايات المتحدة من الناحية الإستراتيجية. وكما تعزز تعليقاته العامة، فإن ترمب لا يوافق على ذلك، فهو يرى إنهاء الحرب قضية رئيسية في السياسة الخارجية، وهي قضية يخطط لإنجازها في اليوم الأول.

إستراتيجية ترمب لإنهاء الحرب:

- يرى أنه يستطيع وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا

- يرغب في عقد صفقة مع كل من الرئيس الروسي بوتين والرئيس الأوكراني زيلينسكي

- سيضغط على الجانب الروسي بالتهديد بتسليح أوكرانيا بلا قيود

- سيضغط على الجانب الأوكراني بوقف الإمدادات والمساعدات الغربية لهم

وقف القتال والمفاوضات اللاحقة يمنح أوكرانيا:

- المحافظة على سيادة أوكرانيا الديمقراطية

- ستحتفظ كييف بمطالباتها المعترف بها دوليا بالسيادة على كامل أوكرانيا

- يسهل توفير ضمانات أمنية موثوقة، بما في ذلك العضوية المحتملة في «ناتو»

- تمثل هزيمة إستراتيجية لروسيا، وتعزيزا للأمن القومي الأمريكي والتحالف الغربي