وتمكّن المعرفة المناخية الدول من الحصول على مزيد من الأمن والحماية، وتنمية قواعدها العسكرية، بعدما نمت المعرفة العلمية الحديثة بتأثير تغير المناخ جزئيا خلال سباق التسلح في الحرب الباردة، واختبار الأسلحة النووية.
وتشير الروابط بين علوم المناخ والمجمع الصناعي العسكري الأمريكي إلى أن الحوكمة العالمية للمناخ من المرجح أن تظل مدفوعة بمصالح كل دولة وما تحتاجه لأمنها.
القطب الشمالي
إلى جانب تداعيات الأسلحة النووية، كان علم المناخ مدفوعًا أيضًا بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في القطب الشمالي، حيث بدأ الجيش الأمريكي في التركيز على القطب الشمالي بعد أن رأى ميزة الطقس البارد على «قوة الدفاع» للقوات السوفيتية (الفيرماخت)، وهو اسم القوات المسلحة الموحدة لألمانيا في الحرب العالمية الثانية، حيث كان القطب الشمالي طوال الحرب الباردة بمثابة منطقة عازلة وخط أمامي للتجسس والمراقبة العلمية للاتحاد السوفيتي.
وستكون القواعد القطبية الشمالية، مثل قاعدة ثول الجوية في جرينلاند (قاعدة جوية عسكرية تابعة للقوات الجوية الأمريكية)، بمثابة محطة للتزود بالوقود، وموقع لنظام الإنذار المبكر البالستي، ومنشأة للتحكم بالأقمار الصناعية. لكن قاعدة ثول الجوية كانت أيضًا نقطة انطلاق للاستكشاف الجليدي والجيولوجي، حيث استضافت مرافق أبحاث الأرصاد الجوية والغلاف الأيوني.
حاجز إستراتيجي
ركز ضغط المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة وتمويل البحث العلمي هيمنة الولايات المتحدة بالتراضي على الأراضي الدنماركية، حيث مول الجيش الأمريكي الأبحاث المتعلقة بالثلوج والجليد والتربة الصقيعية من أجل فهم كيفية تشغيل وصيانة المنشآت في البيئة القاسية في جرينلاند. بينما قدمت الحاجة إلى معلومات استخباراتية حول التضاريس زخمًا إضافيًا لأبحاث المناخ.
وكان «معسكر القرن»، وهو قاعدة أبحاث علمية عسكرية تقع على بُعد 150 ميلا شرق قاعدة ثول الجوية، بمثابة نقطة محورية لمثل هذه الأبحاث. وفيه، تمكن العلماء من استخراج ودراسة أول نواة جليدية عميقة في 1966، لدراسة الاحتباس الحراري القطبي. وعلى الرغم من أن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي لم يكن يُعتقد في البداية أنه مصدر قلق عام وكبير، فإن الجيش الأمريكي كان مهتمًا بالتغيرات في الغطاء الجليدي بالقطب الشمالي بسبب تأثيره المحتمل على المنشآت العسكرية، فضلا عن التأثير الإضافي على الغطاء الجليدي كحاجز إستراتيجي للاتحاد السوفيتي.
تكنولوجيا المراقبة
تستمر أيضًا الروابط غير الواضحة بين علوم المناخ والأمن القومي اليوم مع تقنيات مراقبة الأرض، حيث تُستخدم تكنولوجيا المراقبة عبر الأقمار الصناعية في دراسة مجموعة من العوامل البيئية مثل فحص الغطاء الجليدي، ومستويات ثاني أكسيد الكربون، وقياس الزراعة والتحضر، التي يمكن بعد ذلك أن تستخدم في مواجهة «التحديات العالمية». مع ذلك، فإن «المنظور الكوكبي» الذي توفره تقنيات المراقبة هذه يتشكل أيضًا من خلال سياسات التحكم في البيانات التي يمكن تقييدها بسبب مخاوف الأمن القومي، ويمكن أن تؤثر المراقبة الجغرافية بشكل أكبر على مراقبة الحدود وإنفاذها.
والهدف من الاعتراف بالصلة بين الوعي بتغير المناخ وسباق التسلح النووي هو تسليط الضوء على أهمية الدولة في إنتاج المعرفة وتطوير التكنولوجيا، حيث يخطئ المعلقون التقدميون حين يتصورون أنه نظرا لأن تغير المناخ ذو طبيعة عالمية فسوف تكون هناك استجابة عالمية موحدة.
الحرب الباردة
جاء الوعي والمعرفة الحديثة بتغير المناخ نتاجا تاريخيا للحرب الباردة التي ولد فيها علم المناخ، جزئيًا، من الحاجة إلى القياس والتخطيط والترشيد، وتقييم القدرات التفجيرية للأسلحة النووية. وعلى الرغم من أن الدراسة العلمية لدرجة حرارة مناخ الأرض يمكن إرجاعها إلى القرن الـ19، فإن التطورات في القرن الـ20 هي التي شكلت بشكل مباشر فهمنا الحديث لتغير المناخ.
سباق التسلح
تطورت طوال فترة الحرب الباردة المعرفة العلمية والتكنولوجيا جنبًا إلى جنب مع الجيش، وكان سباق التسلح في الخمسينيات، واختبار القنابل الذرية في الهواء الطلق هما اللذان أديا إلى زيادة الوعي العام بالتساقط النووي والمناخ نفسه للمرة الأولى.
ففي الأيام الأولى للحرب الباردة، لم يكن لدى علماء الأرصاد الجوية سوى القليل جدًا من المعلومات حول كيفية عمل العمليات المناخية، وكانت لديهم فكرة أقل بكثير عن كيفية تأثير الاختبارات الذرية عليها.
وعكست الصحف المعاصرة في أمريكا المخاوف من أن قوة الأسلحة النووية نفسها تثير تساؤلات حول التأثيرات المحتملة على الطقس، ما يثير مخاوف «الغبار الذري».
كما نشأ خوف «الشتاء النووي» من التحقيقات القائمة على نماذج التأثيرات الجوية للحرب النووية. بالتالي، فإن الخوف من «الشتاء النووي» أسهم في تنمية الوعي العام حول التأثيرات الأوسع نطاقا للأسلحة النووية، وتأثير البشرية على البيئة، باعتبارها قضية عالمية تتعلق بالغلاف الجوي، حيث كانت تجارب الأسلحة النووية والخوف من التداعيات النووية حافزين للنمو في أبحاث استنفاد الأوزون، وتعميم العلاقة بين الأسلحة النووية والغلاف الجوي. كما أدى اختراع الأسلحة النووية للمرة الأولى إلى خلق وعي عام وواسع النطاق بقدرة البشرية على التأثير على الغلاف الجوي، وتشكيل المناخ.
ما هو الشتاء الذري
أثر بيئي افتراضي عن حالة الطقس التي يمكن أن تعقب أي حرب نووية
يتوقع فيه أن يسود طقس بارد على مدى أشهر أو سنوات
ينجم الطقس البارد نتيجة الغمام والهباب الناتج عن الانفجارات النووية
نشطت هذه النظرية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي