عشنا في حقبة ماضية تسلط فيها تيار الصحوة على المجتمع، وحرم الكثير عليه بل طوع أحكام الشريعة الإسلامية حسب عقيدته، وهدم مفهوم الحقوق والحريات وضيق الحياة ومظاهر العيش بل ودمر جودة الحياة والرفاهية في المجتمع.

وكان هذا التيار بمنتميه والمتعاطفين معه والسامعين له والثانيين ركبهم له يحرمون القانون لأنه وفق عقيدتهم هو الحكم بغير ما أنزل الله! وأن هذه القوانين ما هي إلا تشبه بالكفار ومن أعمال الشياطين وتغريب للمجتمعات المسلمة وأصبح كل سلوك لا يتوافق مع منهجهم محرمًا ويتوجب العقاب عليه.

ومن الأسس التي رسخها هذا التيار الفاسد أحقيته في الحديث في كل شأن وعن كل مجال وحيال كل تخصص علمي، فأصبحوا أطباء وعلماء فلك وفيزيائيين وكيميائيين وغيرها الكثير، هدموا العلوم وهدموا المعرفة وحرموا ما أحله الله- سبحانه وتعالى- ووصل بهم الحال آنذاك لتحريم الابتعاث والدراسة في الخارج.

نعيش اليوم في حالة تشبه تلك الحقبة ولكن بمفاهيم أخرى وبأنماط مختلفة وبأشكال أكثر حداثة، تتمثل هذه الحالة بالتجريم بدلا من التحريم! منبعها محامون وقانونيون ومستشارون شرعيون! البعض منهم مُرخص! والبعض الآخر من باب تزكية ثمره علمه! والبعض الآخر منتحلًا !! والقاسم المشترك في العبث أنه متبني مقولة «جدعنه مني» فأصبحنا نعيش ونستمع لظاهرة «هبد» منقطع النظير من كثير من المحامين يتنامى معها الافتئات على القانون.

القوانين تصدر من خلال السلطة التشريعية وبناء على أداة تشريعية متمثلة بالمراسيم الملكية وهي واجبة التطبيق والإلزام، يقابل هذا القانون الافتئات عليه بمصطلح «الهبد» والذي يصنع على شكل أفكار مشوهة ويؤخذ عن أهواء وإفرازات ومعتقدات من لدن البعض تحمل في عمقها سوء الغايات!

القوانين الصادرة عن الدولة بسلطتها التشريعية يلزم لفهمها وتطبيقها مختص، نهل من هذا العلم العظيم، بينما الافتئات على القانون بمصطلح «الهبد» شر أحاط بنا لا يلزم معه اختصاص ولا دراسة ولا درجة علمية!! ولذلك علينا جميعًا أن ندرك بأن القانون علم ويجب علينا أن ننظر ونمحص في من نأخذ منه هذا العلم.

إن خطورة الافتئات على القانون عواقبه وخيمة على المجتمع، وفيه نيل من سيادة القانون وقوته، مما يحتم محاسبة مرتكبيه، وتفعيل كل أدوات الرقابة التي تضمن الحد من هذا العبث، لينعم المجتمع وأفراده بممارسة طبيعته وحقوقه كما أراد له القانون.