إن تناولنا بعض المعطيات في الحياة بشاعرية؛ فإننا نجزم أن الفرق بين الحلم والواقع شعرة، خيط واهن رفيع حتى يصبح الحلم معجزة يندر أن تتحقق، لأنها حينما كانت فكرة لم تكن مُتوقعة بالأساس. ولكن ماذا أن يعني أن تحلم في وطن عظيم كالمملكة العربية السعودية؟ ماذا أن تكون مجريات حياة كاملة قبل بضع سنوات مجرد حلم وأمنيات بعيدة وحسرات ساخنة، صارت واقعا معاشا اليوم؟

لن تتركك المملكة العربية السعودية سادرا في استحالة الأحلام كثيرا، ولن ترحب في قاموسها الجديد إلا بالطامحين في مستقبل ينافس المستحيل الذي غادرته من بضع سنوات. أما الواقع؛ فهو حكاية أخرى لا تقاس بالمشاعر ولا بفضول الكلمات. واقعٌ الفارق فيه لغة الأرقام، وقوائم البيانات والإحصاءات، واقع يستند على التخطيط الدقيق، والرؤى الثاقبة التي يتضافر فيها جهد المجد، وخبرات الخبراء وعلوم العارفين.

لا غرو إذا أن نقول بكل ثقة في عيدنا الوطني الثالث والتسعين إننا نحلم ونحقق، نتمنى ونحصل على أمنياتنا تباعا. فالحلم شرارة فكرة؛ ستتحور لواقع محقق ومعاش. والأمنيات تترجم لعمل محكم نجني ثمره ولو بعد حين.


كل هذا الحديث السابق لا يمكن أن يكون هو أيضا مجرد رصفٍ شاعري من قلب محب لوطنه يبحث عن سانحة وقت لكتابته في يومه الوطني، بل هو رهان وقائع لو استعرضناها بين عام الوطن الـ92 وعامه الحالي الـ93 لوجدنا العشرات من المشاريع التي أُعلنت، والإنجازات التي تحققت، والخطط التي وضعت لأعوام قادمة حافلة بالأحلام والإنجازات كما يجب. مشاريع وإنجازات في كافة المجالات والقطاعات والجهات في مداها الشاسع، مع حضور سياسي رصين له مكانته وقيمته في العالم كله، وقوى ناعمة تصوّب أنظار العالم بانبهار وشغف إلى هذه المملكة الفتية في أعوامها الثلاثة بعد التسعين. وهذا ما نجزم أنه سيتحقق تباعا دون حدود للحلم ولا كلل لتحقيقه منذ هذا العيد إلى العيد القادم والذي يليه والذي يليه إلى ما يشاء الله ونحن ننعم بقيادة واعية وحكيمة، نظرها صوب المستقبل، ومجدها ضارب في العراقة والأصالة، وواقعها إنجاز وعطاء ومحبة متبادلة بين شعب طموح وقيادة عظيمة، طموحٌ لم يكن ليتحقق لولا تلك العظمة التي تتسنم هذا الانطلاق نحو المجد والعلياء.

كل عام ووطننا الحبيب في خير ومحبة ونماء، كل عام ونحن معه نحلم بما نشاء وكيفما نشاء دون أن نتعثر بالمستحيل، نحقق رؤيتنا، ونرفع رايتنا ونقود العالم نحو الخير والريادة.