ويقر الكاتب الدكتور شاهر النهاري بأن كتّاب الرأي عجزوا عن بناء جسور للتواصل مع القراء، وأن أقلام كثيرين منهم أصابها الجفاف، وفضل عدد منهم الانطواء، بعدما كانوا يقودون الرأي العام، وكان لهم تأثيرهم على مستوى الوطن ككل.
اختلاف المزاج
يوضح النهاري أن مزاج القراء اختلف كثيرًا، وقال «منذ بدايات ظهور مواقع التواصل الاجتماعي ضاقت صفحات الصحف على كُتّاب الرأي، وكانت كثير من الصحف تُشترى لقوة صفحات الرأي فيها، لكن الحال تغير اليوم، فالمقالات مهما نُسقت وكتبت بطرق وأرواح مبتكرة فإنها تعود إلى كاتبها مطفأة الوهج لقلة من يقرؤونها، فقد أصبح المتلقون سمعيين بصريين لا تشدهم الحروف ولا تهمهم المعاني وحبكة البديع، واستساغوا عنها ديناميكية النشاز، والمرح، أو كما يقال: أي كلام يا عبدالسلام».
ورأى النهاري أنه «يمكن للصحف أن تسهم في إعادة الثقة للكاتب، وأن تمكّنه وتطور أدواته، وربما تساعده على صناعة المحتوى العصري المميز الجامع بين القيمة الفكرية والأدبية والعلمية والثقافية وبين ما يطلبه الجيل الحالي، وهي عملية وطنية تعمل على رفع مستوى المتلقي بحيث يدرك الفارق بين المحتوى المؤصل والعميق، وبين التهريج والمبالغات والتفسخ، والكاتب بمفرده لن يستطيع صنع ذلك دون دعم وثقة وتمكين من جهة ثقافية كريمة فاعلة مهتمة».
ركوب الموجة
رفض النهاري كذلك استسلام كاتب الرأي وميله إلى ركوب موجة العصر السوشالية، وقال «لا ينبغي على كاتب الرأي أن يخاطر بتاريخه، أو يدخل في منافسة غير متكافئة مع من يكرسون التفاهة، ولو زج بهذا الأتون فلن يبلغ مبلغ هؤلاء، ولن ينتصر عليهم، وسيصبح صورة مزيفة هزيلة مضحكة عما يفعلون، وهنا سيفقد الكثير ليس من ثقافته وحسب، ولكن من نفسه، اللوامة».
أدوات
أرجع الكاتب الدكتور علي العنزي، أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود سابقا، الفجوة بين القارئ وكاتب الرأي إلى الأدوات المستخدمة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وقال «على الصحف مسؤولية كبيرة، حيث يجب عليها توفير كل الأدوات والإمكانات التي تستطيع من خلالها تقريب القارئ من كاتب الرأي، إذ يجب عليها أن تستثمر حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها لتحقيق هذا الغرض».
منافسة قوية
لم يعف العنزي كتاب الرأي كذلك من المسؤولية في هذا الجانب، وقال «هناك مسؤولية يتحملها كذلك كاتب الرأي الذي عليه أن يتلمس اهتمامات جيل القراء ومتابعي شبكات التواصل الاجتماعي، وأن يواكبها ويتفاعل مع قرائه، مع ملاحظة أن القارئ اليوم يريد الاختصار وليس التطويل في مقالات الرأي، ويحتاج أن يصل إلى الخلاصة في أسرع وقت، وأن يواكب متطلبات القارئ من خلال الأدوات التي يتصفحها هذا القارئ».
وتابع «كان كاتب الرأي في السابق هو العين والأذن، لكن الأدوات اختلفت اليوم، وعليه أن يتوافق معها».
سرعة الحدث
يعد العنزي توجه القارئ إلى شبكات التواصل الاجتماعي بسبب سرعتها في النقل والتحديث والخيارات الكثيرة التي توفرها مثل النسخ والتصوير وغيرها، ويقول «سابقا كان القارئ يستطيع الحصول على صحيفة أو صحيفتين أو أكثر بقليل في اليوم، أما اليوم فإن القارئ يستطيع من خلال منصات شبكات التواصل الاجتماعي أن يتصفح كثيرًا من المواقع والصحف، وبالتالي صارت مهمة كاتب الرأي أصعب في الإمساك بالقارئ وإغرائه بالمتابعة».