من خلال حالات سابقة مثل استهداف روسيا لانتخابات الولايات المتحدة لعام 2016، وكذلك الصين للمتظاهرين في هونغ كونغ، فضلًا عن المشككين في فعالية لقاحات فيروس كورونا عام 2019. كذلك تناولت الدراسة طريقة تقنيات التزييف، مشيرة إلى كونها فيديوهات تحمل لقطات معدلة صناعيًا، يتم فيها تعديل الوجه أو الجسم المصور رقميًا لتظهر كشخص أو شيء آخر.
ولكن الجرائم لم تكتف بهذا الحد بل تجاوزت إلى حتى الأعمال الفنية، فالجريمة الرقمية أصبحت متاحة بشكل كبير، فبحسب تأكيد سيرغي شيكفيش الخبير لدى «تشاك بوينت» حيث بين أن البعض يستخدم بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي ونصوص تشات جي بي مع لمسة فنية لأدوات ذكاء اصطناعي أخرى على غرار «دال- إي» Dall-E، الذي يحول النصوص إلى لوحات رقمية لبيعها فيما بعد على مواقع تجارية مثل إيتسي.
هذه الأعمال الفنية المزورة درّت أرباحا تصل إلى 9 آلاف دولار.
كذلك تقنية Deepfakes التي يتم استخدامها من قبل شبكات الإجرام لإنشاء مقاطع فيديو بواسطة الذكاء الاصطناعي لأشخاص حقيقيين مثل الفيديو الذي تم تسجيله للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما خلال عام 2017.
إن نوعية الجرائم التي يمكن أن تستخدم قد تتعدى حدود التوقعات لأن مثل هذه التقنية قد توفر جهد الكثير من المجرمين من حيث المكان فهي لا تحتاج إلى شخص خبير في تقنية المعلومات وبناء الخوارزميات والتي أصبحت مطلبا كبيرا في وقتنا الراهن، كذلك تعطيل المنظومات التي يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي، وكتابة الأخبار الملفقة بواسطة الذكاء الاصطناعي، واستخدام الأنظمة الذاتية القيادة كأسلحة، كلها مجالات محتملة لجرائم قد يسهِّل الذكاء الاصطناعي ارتكابها في المستقبل. هذا ما كشفه الاجتماع العالمي المشترك بين الإنتربول ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة، المتعلق بالذكاء الاصطناعي والموجّه لأجهزة إنفاذ القانون، إذن في ظل هذه التعقيدات التقنية السريعة والتسابق التقني ما بين المجرمين الرقميين من جانب ورجال القانون ومن يكافحون الجريمة من جانب آخر، للحيلولة دون وقوع مثل هذا الكوارث الإجرامية، فلا بد من العمل على عدة جهات، عبر: أولًا التعامل مع الجماهير وزيادة الوعي الرقمي ومعرفة المستهدف للمجرمين الرقميين وزيادة الوعي لهم بطرق مختلفة حتى يدركوا مثل هذه المسائل الإجرامية التي قد يقعون فيها. الأمر الثاني الجوانب القانونية وتجريم مثل هذه القضايا سواء محليا أو دوليا وتجريم من يقف خلف مثل هذه القضايا سواء أكان أفرادا أو مؤسسات أو حتى دول، وحشد التأييد في ذلك وتفعيل هذه القرارات التي تصدر من المنظمات الدولية أو المحلية، الأمر الثالث هو توسيع البحث والدراسات حول التنبؤات التي ممكن أن يتم استخدام مثل هذه التقنية في الجرائم فيها؛ فكما أن الأدوية عادة ما تصاحبها أضرار جانبية يحذر منها ويعرف كيف التعامل معها، كذلك هذه التقنية لها أضرار جانبية عندما يتم استخدامها من قبل المجرمين، فلا بد من التعامل معها بطرق أكثر احترافية، وهذا يعتمد بشكل كلي على الدراسات والبراهين والأدلة، الأمر الأخير بناء قدرات وكفاءات تتعامل مع الذكاء الاصطناعي واستخداماته كمحترفين لصد الغزاة الرقميين، وأن يتم العمل على أساس الوقاية والخطط الإستراتيجية أكثر منه على ردة الفعل التي عادة ما تكون غير مدروسة بشكل كلي.