تحوّلت الرياضة إلى صناعة، وتجارة، واقتحمت عالم الاقتصاد والاستثمار من أوسع الأبواب، وأصبحت الفعاليات والمهرجانات فيها من الترفيه والمتعة، ما يجذب «السائح الرياضي». وباتت لغة المال المحرك الأساسي لكل القطاعات، حتى تشكّل مفهوم «السياحة الرياضية»، التي تعد ثروة حقيقية، وتعد هذه الحصة كبيرة نسبيا، فوفقًا لأرقام منظمة السياحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، من مجلة كي بي إم جي، فإن السياحة الرياضية تستقطب حول العالم، ما بين 12 و15 مليون سائح أو زائر كل عام، وتشكل 10% من صناعة السياحة في العالم، كما تحقق إيرادات قدرت بحوالي800 مليار دولار أمريكي.

المراقب للمشهد الرياضي في المملكة، يجد أن المملكة تسير في طريق السياحة الرياضية، ولعل كأس السعودية 2023، في نسختها الرابعة التي ينظمها نادي سباقات الخيل، على ميدان الملك عبدالعزيز في الرياض، هو خير شاهد على ما نقول، بدليل مجموع جوائزها التي تبلغ 35.35 مليون دولار، والمشاركات العالمية والتغطيات الإعلامية، وقد تحدث عن ذلك الأمير بندر بن خالد الفيصل رئيس مجلس إدارة هيئة الفروسية، رئيس مجلس إدارة نادي سباقات الخيل: هذه النسخة من البطولة شهدت تغطية إعلامية استثنائية، وصلت إلى نحو نصف مليار نسمة، وهذا يعكس حجم المشاركات الدولية غير المسبوقة هذا العام، بما يؤكد أن شعار «نسابق العالم» قد تحقق بالفعل».

ومن يشاهد كبريات القنوات الإعلامية، مثل «سي أن أن»، ووسائل التواصل الاجتماعي، سيدرك أن حروب الدول اليوم هي في التنافس على تسويق مدنها، كوجهات سياحية أو استثمارية، ولعل كمية الإعلانات التجارية والحملات التسويقية المدفوعة، التي تصممها مجالس وهيئات السياحة والاستثمار هي خير دليل.

شاهدنا في الحفل تناغما للتراث والثقافة في حفل الفروسية، تأنقت فيه فنانات ومشاهير، بأزياء شعبية وتراثية، واتبع الحاضرون رجالاً ونساءً قواعد هيئة الأزياء السعودية الخاصة باللباس، بل وحتى المطبخ السعودي كان حاضرا بقوة في كأس السعودية. في المقابل، فرضت مدن وملاعب أوروبية، نفسها وجهات سياحية رياضية، تدرّ على خزينة بلادها أموالاً طائلة، إذ يشير تقرير المعهد الوطني الإسباني، الذي نشرته صحيفة «ماركا»، إلى أن عدد السيّاح الذين زاروا إسبانيا لأغراض رياضية، في سنة واحدة، بلغ 10 ملايين سائح أدرّوا على الاقتصاد في البلاد 12 مليار دولار، منهم 1.2 مليون زائر لملعب «سانتياغو برنابيو» الخاص بنادي ريال مدريد، الذي يعتبر رابع أكثر المعالم زيارة في العاصمة الإسبانية. ووفقا لأرقام المجلة كي بي إم جي فإن المملكة تساهم في القطاع الرياضي حاليا بنحو 2.0% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، في حين يساهم قطاع السياحة بنحو 3%، وفقًا لوزارة الرياضة ووزارة السياحة، وبحلول عام 2030، من المستهدف أن تساهم الرياضة بنسبة6.0 %من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، والسياحة بنسبة 10%، وتعد السياحة الرياضية واحدة من أكثر المجالات الواضحة للنمو في القطاعين.

أخيرا أقول: النجاح الفريد لهذه النسخة من كأس السعودية، يفتح لنا الطريق لتطوير قطاع السياحة الرياضية في السعودية، والاستفادة من أقصى قدر من إمكاناتها.