دشن مغردو «تويتر» وسمًا جديدًا حمل اسم إحدى المذيعات العربيات، بسبب دفاعها المستميت - في برنامجها - عن الرجال وتصويب هجومها وتعنيفها للنساء. وعرضوا بعض مقاطع فيديو مثل حادثة ضرب «عروس الإسماعيلية» على يد زوجها قبل أشهر، ظهرت فيه قائلة بأنّ «ضرب الحبيب زبيب، وظلّ راجل ولا ظلّ حيطة». استنكر المغردون هذا النوع من الخطاب، واعتبروه إهانة وتحقيرًا وتقليلًا من شأن المرأة.

السؤال: ما الجذور الفكرية لهذا الخطاب الذكوري ذا الصوت الأنثوي والذي تشبهه صاحبته بالصوت الشتوي؟

كنت أتساءل، هذا الخطاب ليس جديدًا ولكن لماذا لاقى هذا الصدى الكبير؟! أليس هذا الخطاب مشابه لحد كبير لنصائح جداتنا لأمهاتنا، وتصبيرهن على العنف الموجه إليهن، نصائح مغلفة بالحزن والأسى لمساعدة بناتهن على النجاة، لماذا هذا الغضب الكبير؟ في نظري أن السبب الحقيقي لهذا الاستياء هو أن المذيعة اتخذت من العنف خطابًا حضاريًا عصريًا جميلًا، وكأنها تريد القول ها أنا ذي سيدة جميلة مودرن، بكل طواعية مني أوافق، وبكل ضرس قاطع، على هذا الفكر الذكوري الذي ينتهك حقوق المرأة، وهنا مكمن الخطورة عندما يصبح هذا الانتهاك من صميم حقوق الإنسان.

الفكر الذكوري في واقعه لا يرتبط بجنس الرجل والمرأة، فمثلا مفاهيم المروءة والشهامة والشرف والبطولة، يفترض أن يتحلى بها الإنسان رجلًا كان أو امرأة، لكننا في مجتمعاتنا الذكورية، نقصر هذه الصفات على الرجال، ليأتِ العنف والوصاية والتحكم بالآخر، وفرض السيطرة نتاج هذه العقلية.

الرجل عندنا هو «سي سيد»، وابنه الصغير ذو السبع سنوات نائبه، فيمارس الصغير أبوته على أمه وأخواته ويقرر مصيرهن!

من رحم هذه العقلية تولد النساء ذوات العقلية الذكورية اللاتي يدعمن هذه الأفكار والقيم.

المرأة ذات الفكر الذكوري تقول، إن الرجل عديم الشهامة والشرف إلا إذا فرض وصايته علينا، وكأنها تعلن للملأ أنها غير قادرة على تشكيل أخلاقياتها ولا التصرف طبقًا لفكرها، هي تقر أنها بحاجة مستمرة للإرشاد الأخلاقي، والضرب هو أحد أنواع التوجيه والإرشاد، وكأنها طفلة صغيرة غير مؤهلة لقيادة حياتها.

أخيرًا أقول: عنف الأنثى للأنثى أو أيًا كان نوع العنف، محرم في الشرائع السماوية، وتداوله بهذه الصورة البائسة يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان في كل الاتفاقيات والأعراف الدولية.