طريقة تناول الأزمة، جعلت المراقبين ينظرون إليها بتفسيرات مختلفة، تخضع في مجمل تحليلاتهم للجوانب السياسية والاقتصادية والإعلامية والقيادية والحزبية والثقافية، وكذلك الشعارات كالديمقراطية، وبأساليب مختلفة. ولعلنا نناقش الأزمة من خلال تساؤلات حول كيف تم التعامل مع الرأي العام؟ فالنخب السياسية وقادة الرأي العام عندما تتعلق الأمور بقيادة الجمهور وحشد التأييد لقضية معينة، وفي لحظة معينة، وأزمة كتلك الأزمة، تحاول أن تلتف على الجماهير بأساليب التطمين والتضامن مع الضحية والترافع عنه كمحامين بجميع المنابر حتى احتواء القضية ومن ثم إدارتها، وهذا ما حدث بالفعل، فتم العمل بتهيئة الجمهور عن طريق، الاعتراف السريع بالخطأ الفادح وتسميته بمسماه وهو (العنصرية)، وبالتالي كسبت رضا الجماهير من خلال رسائل مثل، أن «العنصرية لا مكان لها في ديمقراطيتنا» حسب حديث رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن. كانت هذه الخطوة بمثابة حجر الأساس لاحتواء المشاعر الغاضبة، وهو الاعتراف بالمشكلة ونقاط التقاطع التي يمكن الانتقال منها إلى الجانب الآخر، فعندما نريد أن ندخل الأفكار والتغيير ببطء إلى روح الجماهير وعقلياتهم، وكسبهم يمكننا اللجوء بشكل أساسي إلى أحد الأساليب، والتي تم استخدامها في هذه الأزمة وهي، أولًا: أسلوب التأكيد في كل محاجة عقلانية، يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في عقلية الجماهير، وهو (الاعتراف بالخطأ) المرتكب وبالعنصرية التي مورست ضد الفرنسيين من أصل إفريقي الذين هم جزء من النسيج الفرنسي، ومكون أساسي. الأمر الثاني، هو تكرار الرسالة وبصور وطرق مختلفة، وتمثلت من خلال قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: إنه «صُدم» من «كلمات لا تطاق»، أيضًا معاقبة الجمعية الوطنية الفرنسية، العضو، بمنعه مؤقتًا من دخول البرلمان، وخفض ما يتقاضاه خلال شهرين وتُعد هذه العقوبة الأشد صرامة في البرلمان، ومنعه من حضور الجلسات البرلمانية لمدة 15 يومًا.
جميع هذه الأمور تعد تكرارًا للرسالة بأساليب مختلفة لكسب تأييد الجمهور لدى الشعوب الغربية، التي يقول عنها نابليون:(إنه لا يوجد إلا شكل واحد جاد من أشكال البلاغة هو: التكرار وبأساليب مختلفة)، وبمضمون واحد، فالشيء المؤكد يصل -عن طريق التكرار- إلى الرسوخ في النفوس إلى درجة أنه يقبل كحقيقة يؤمن بها، فعندما نكرر الشيء، ينتهي به الأمر إلى الانغراس في تلك الزوايا العميقة للاوعي. ومن ضمن هذا التكرار، الوقفات الاحتجاجية ضد العنصرية، وكان كارلوس مارتينز بيلونغو أحد الذين وقفوا مع زملائه في البرلمان، في إشارة واضحة إلى الاعتراض على التجاوزات العنصرية، ولكن تم تأطيرها في سياق خرق للقانون، أكثر منها سلوكًا ثقافيًا جماهيريًا بين الحكومة والشعب، وتم بناء على ذلك التعامل معها كقضية لها إجراءاتها. استطاع البرلمان الفرنسي قيادة الجماهير وإدارة هذه الأزمة بخنقها قانونيًا.