مع مرور 200 يوم على الحرب في أوكرانيا، استعادت البلاد مساحات واسعة من الجنوب والشرق، في هجوم مضاد طال انتظاره ووجه ضربة قوية لروسيا.

وبدأ الهجوم المضاد في الأيام الأخيرة من شهر أغسطس، وركز في البداية على منطقة خيرسون الجنوبية، التي اجتاحتها القوات الروسية في الأيام الأولى من الغزو.

ولكن مثلما أعادت موسكو توجيه الانتباه والقوات هناك، شنت أوكرانيا هجومًا آخر شديد الفعالية في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية.


وفي مواجهة احتمال محاصرة مجموعة كبيرة من قواتها، أمرت موسكو بسحب القوات من خاركيف، في تغيير جذري في حالة القتال، التي شكلت أكبر تحد للكرملين منذ أن شن الغزو في 24 فبراير. فيما تم إغلاق آخر مفاعل عامل في محطة الطاقة النووية زابوريزهزيا في أوكرانيا، وهي الأكبر في أوروبا، وذلك للحد من خطر حدوث كارثة إشعاعية وسط القتال المستمر.

وأصبحت هذه الخطوة ممكنة بعد إعادة توصيل المحطة بشبكة الكهرباء في أوكرانيا.

التفوق في المناورة

وذكر ميكولا سونهوروفسكي، الخبير العسكري في رازومكوف: «استغل الجيش الأوكراني نقل الجزء الأكبر من القوات الروسية إلى الجنوب، ويحاول توجيه مسار الحرب، متفوقًا في المناورة وإظهار براعة كبيرة». وأضاف أن المكاسب السريعة التي حققتها أوكرانيا «مهمة لاقتناص زمام المبادرة ولرفع معنويات القوات».

وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالجيش في خطاب، قائلا إنه استعاد حوالي 2000 كيلومتر مربع «أكثر من 770 ميلا مربعا» من الأراضي حتى الآن هذا الشهر، كما سخر من موسكو بشأن انسحابها، قائلاً إن الجيش الروسي «يظهر أفضل ما يمكنه فعله - يظهر ظهره» و«اتخذوا خيارًا جيدًا للهرب».

خسائر فادحة

تكبد الجانبان خسائر فادحة في أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال قائد الجيش الأوكراني الشهر الماضي إن ما يقرب من 9000 من جنود البلاد قتلوا أثناء القتال. وبينما لم تبلغ موسكو عن خسائرها منذ مارس، فإن التقديرات الغربية تشير إلى أن عدد القتلى يصل إلى 25 ألف قتيل، و رفع الجرحى والأسرى والهاربون إجمالي الخسائر الروسية إلى أكثر من 80 ألفًا. كما سعت أوكرانيا إلى حشد السكان للوصول إلى جيش نشط قوامه مليون شخص، بينما استمرت روسيا، على النقيض من ذلك، في الاعتماد على مجموعة محدودة من المتطوعين، خوفًا من أن تؤدي التعبئة الجماهيرية إلى تأجيج السخط وإزعاج الاستقرار الداخلي.

تدفق الأسلحة ومع استمرار الحرب، يلعب التدفق المتزايد للأسلحة الغربية خلال الصيف الآن دورًا رئيسيًا في الهجوم المضاد، مما يساعد أوكرانيا بشكل كبير على تعزيز قدرتها على الضربات الدقيقة.

وقالت أوكرانيا إنه منذ بدء الهجوم المضاد، استعادت قواتها أكثر من 30 مستوطنة في منطقة خاركيف.

وفي منطقة خيرسون، وسعت القوات إلى طرد القوات الروسية من موطئ قدمها على الضفة الغربية لنهر دنيبر، وهي نقطة مرجعية محتملة لتوغل موسكو في عمق أوكرانيا. وكانت مدينة خيرسون، وهي مركز اقتصادي عند التقاء نهري دنيبر والبحر الأسود، ويبلغ عدد سكانها قبل الحرب حوالي 300 ألف نسمة، أول مركز سكاني كبير يسقط في الحرب.

كما قامت القوات الروسية باقتحام منطقة زابوريزهيا في أقصى الشمال، حيث استولت على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وتم إغلاق آخر مفاعلاتها الستة بعد تشغيلها في «وضع الجزيرة» المحفوف بالمخاطر لعدة أيام لتوليد الكهرباء لأنظمة التبريد الحيوية بالمحطة بعد استعادة أحد خطوط الكهرباء.

وأقامت موسكو إدارات عميلة في المناطق المحتلة، وقدمت عملتها، ووزعت جوازات سفر روسية، وأعدت للاستفتاءات العامة المحلية لتمهيد الطريق للضم، لكن الهجوم المضاد أفسد هذه الخطط، حيث قال مسؤول كبير مدعوم من موسكو في خيرسون إن التصويت هناك يجب تأجيله.

نظرة على المصنع بعد 200 يوم من الحرب الروسية:

- أثار القتال بالقرب من المحطة مخاوف من حدوث كارثة، مثل كارثة تشيرنوبيل في عام 1986.

- احتلت القوات الروسية المحطة، وهي واحدة من أكبر 10 محطات طاقة ذرية في العالم، منذ الأيام الأولى للحرب.

- تبادلت أوكرانيا وروسيا اللوم في قصف المحطة، الذي أصاب بشكل متكرر خطوط الكهرباء وبعض المعدات المساعدة.

- يمكن ان يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى تعطيل أنظمة التبريد الضرورية لسلامة المفاعلات.

- يمكن أن تكون مولدات الديزل للطوارئ غير موثوقة.بعد أن تم تعطيل خطوط النقل بالمنشأة

- بقي مفاعل واحد فقط يعمل لتزويد أنظمة التبريد بالطاقة وغيرها من المعدات المهمة

- قالت شركة الطاقة النووية الأوكرانية Energoatom إن استعادة أحد خطوط الكهرباء، التي تربط المحطة بشبكة الكهرباء في البلاد سمحت للمهندسين بإغلاق آخر مفاعل عامل لها.

- قالت إنرجواتوم إن هذه الخطوة ضرورية لمنع حدوث موقف، يتعين فيه على المحطة الاعتماد حصريًا على مولدات الديزل للطوارئ، للحفاظ على برودة المفاعلات ومنع حدوث انهيار نووي.

- أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي لديها خبيران في المحطة، أن مفاعلها الأخير قد أُغلق بعد استعادة الطاقة الخارجية.