وروت تاتيانا المحاسبة البالغة 38 عاما، أنها بعدما أمضت أسابيع مختبئة في طابق تحت الأرض في وسط ماريوبول ومقتل والدها في ضربة صاروخية، قررت مغادرة المدينة لإنقاذ ابنتها البالغة 9 سنوات.
وفي غياب شبكات الهاتف النقال وأي وسيلة أخرى للتواصل، استغلت فرصة توقف في عمليات القصف للتوجه إلى نقطة تجمع حددتها السلطات والاستعلام عن إمكانات المغادرة. وأبلغها مسؤولون عن عمليات الإجلاء عينتهم السلطات الموالية للروس عندها أن المغادرة ممكنة باتجاه روسيا فقط.
وروت عبر الهاتف من ريغا في لاتفيا حيث باتت لاجئة مع عائلتها «صدمنا لأننا لم نكن نريد التوجه إلى روسيا. كيف نتوجه إلى بلد يريد قتلنا؟».
ترحيل قسري
منذ أسابيع عدة تتهم السلطات الأوكرانية موسكو بأنها «نقلت بطريقة مخالفة للقانون» أكثر من مليون أوكراني إلى روسيا وإلى مناطق تقع في شرق أوكرانيا ويسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الروسي ميخائيل ميزينتسيف هذا العدد. لكن موسكو تؤكد أن هدفها الوحيد هو السماح للمدنيين بـ«الخروج من المناطق الخطرة».
ويضطر بعض المدنيين أحيانا بحكم الأمر الواقع إلى التوجه إلى روسيا إذ إن المعارك تحول دون تمكنهم من اجتياز خط الجبهة.
قصف مستمر
أسفرت عمليات قصف استمرت 3 أشهر عن مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص بحسب كييف، القوات الروسية هي التي اتخذت القرار نيابة عنهم.
وأكدت الأوكرانية تاتيانا البالغة 46 عاما التي طلبت تغيير اسمها لحماية عائلتها «عندما يقول لك رجل مسلح إن عليك القيام بشيء ما لا يمكنك أن ترفض». وقد تمكنت من الانتقال بعدها إلى لفيف في أوكرانيا قرب الحدود مع بولندا.
وبعد عبور حاجز، نقلت عائلتها أولا إلى مدينة نوفوازوفسكم الصغيرة التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا على بعد حوالى 40 كيلومترا شرق ماريوبول حيث أمضوا 4 أيام في مدرسة ومن ثم إلى ستاروبيشيفيه على بعد 80 كيلومترا شمالا في المنطقة الانفصالية.
وانتهى بهم المطاف في مركز ثقافي مكتظ «حيث كان الناس ينامون أرضا على قطع قماش» وفق ما أكدت سفيتلانا مضيفة «أسوأ ما في الأمر رائحة الأقدام النتنة والأجساد القذرة التي لازمت مقتنياتنا رغم عمليات الغسل المتكررة».
بعد 3 أيام على ذلك خضعت العائلة لجلسة «تحقيق» تشكل مرحلة إلزامية.
واضطرت العائلة في مبنى تابع للشرطة الانفصالية الموالية لروسيا إلى الرد على أسئلة خطية لمعرفة إن كان لديهم أقارب في الجيش الروسي وأخذ بصامتهم وهواتفهم الذكية للتحقق منها.
وفي قاعة أخرى اضطر الرجال إلى خلع ملابسهم للتحقق من غياب الأوشام الوطنية أو الإصابات خلال القتال.
وروت سفيتلانا «اضطر زوجي إلى خلع كل ملابسه باستثناء سرواله الداخلي والجوارب. وقد حذفنا كذلك كل الصور وشبكات التواصل الاجتماعي عن هواتفنا» خشية من عمليات انتقامية بسبب «مواقفنا المؤيدة لأوكرانيا».
إبعاد
ما إن وصلت إلى روسيا حتى وجهت عائلة تاتيانا إلى تاغانروغ على بعد نحو 100 كلم من ماريوبول. وعندما وصلت إلى المكان طلبت منها السلطات الروسية التوجه بالقطار إلى فلاديمير على بعد أكثر من 1000 كلم شمالا.
وبفضل أصدقاء روس تمكنت عائلة تاتيا من التوجه أخيرا إلى موسكو ومنها استقلت حافلات متجهة إلى لاتفيا وإستونيا حيث كانوا يعرفون أن اللاجئين الأوكرانيين يلقون استقبالا حسنا.
وأكدت تاتيانا «عندما وصلنا إلى لاتفيا شعرنا أخيرا أننا أحرار».