العصامية كلمة رنانة وجميلة، ومعناها بكل بساطة أن الإنسان يبدأ من الصفر، وفي بعض الحالات (من تحت الصفر)، ويعتمد على نفسه وجهده واجتهاده حتى يصل للقمة.

هناك العشرات من القصص العصامية لأناس عانوا الفقر والتهميش، ومنهم مؤسس تطبيق الواتساب، جان كوم المولود في كييف حيث رافق والدته إلى كاليفورنيا عندما كان في 16 من عمره، اكتسب قوته كعامل للنظافة في متجر محلي، وفي العام 2009، شارك في تأسيس أكبر خدمة مراسلة للهاتف المحمول في العالم «واتساب»، والتي اشترتها شركة «فيسبوك» مقابل 22 مليار دولار في العام 2014 وتقدر ثروته حاليًا 9.1 مليارات دولار، أما إمبراطور صناعة النظارات الإيطالي ليوناردو ديل فيكيو ، فقد كان ضمن 5 أطفال أرسلوا إلى دار للأيتام، لعدم وجود من يهتم به، وعند عمر 14 عامًا عمل في مصنع لقطع السيارات وبعدها عمل في مصنع للنظارات، وقد بُتِر طرف إصبعه بآلة التقطيع في ذلك المصنع، وحاليا تقدر ثروته بـ 22.2 مليار دولار.

أما لعشاق القهوة فنتذكر هوارلد شولتز منصب المدير التنفيذي لشركة «ستاربكس» كان والده سائق شاحنة ونشأ في إسكان خيري اجتماعي، وتبلغ ثروته الآن 4.7 مليارات دولار.


بالمقابل هناك مليارديريات خرجوا من أسر ميسورة الحال مثل بيل جيتس الذي كان والده محاميا وأمه عملت في بعض مجالس إدارة بعض الشركات والبنوك، وإليون ماسك كانت والدته عارضة أزياء مشهورة، أما والده فكان مهندسا محترفا ويتمتع بمعدل ذكاء خارق، ولكن لم يعبهم قط أنهم خرجوا من أسر ميسورة فقد وصلوا إلى قمة النجاح بعد تعب وجد واجتهاد، ولكن ذلك لم يدفعهم إلى سرد قصص درامية عن الجوع والفقر والمعاناة في محاولة تمثيل العصامية بأبشع معانيها.

أرجو أن نكون من المتوازنين بالطرح فليس من (العيب) أبدا أن تولد (ميسورا)، وأن تستغل نفوذ معارفك وأقاربهم بشكل قانوني لتنمية ثرواتك، وأن تعترف أن بدايتك كانت من (المليار) وليس من (الصفر).

ومن العيب أن تتصنع العصامية وتسهب في الخطابات الحماسية والتحرر من (عبودية الوظيفة)، وتحاول التغرير بالآلاف من الشباب الذين قد تأخذهم الحماسة والتهور و(ريادة الأعمال)، إلى غياهب الديون والسجون.

وبعد انتشار العصامية (المليونية) بالأيام السابقة مررت بتغريدة كتبت بماء من ذهب تقول: ( كنت أبغى أبدأ من الصفر، لكن لقيت كل الأصفار مخلصة حتى أولاد التجار خذوها فقررت أبدأ من واحد).