استمعت إلى لقاء برنامج سقراط مع المستشار في الديوان الملكي محمد التويجري، ولن أتحدث عن اللقاء بحد ذاته، بقدر ما سأتحدث عن تجربته التي سردها كمرشح سعودي لمنظمة التجارة العالمية.

الحقيقة أنه أعجبني توصيفه لوضع المنظمة، ومبادرة السعودية في محاولة إصلاحها، وبالتالي ترشيح المملكة له كشخصية سعودية قادرة على الفوز برئاستها. شدني حديثه عن رؤية القيادة إلى أهمية المشاركة في هذه المنظمات الدولية ومحاولة التأثير في صناعة قراراتها.

والتويجري يتحدث في اللقاء؛ كانت تدور في ذهني المحاضرة التي ألقاها غازي القصيبي في جامعة البحرين بعد فشله في الوصول إلى رئاسة اليونيسكو.

غازي يقول، إنه هو وحده يتحمل مسؤولية ما حصل، لأن دولته أعطته دعمها بالكامل، وأشقاؤه العرب أيدوه تأييداً منقطع النظير، ولذلك يرى أنه كلياً أو جزئياً يتحمل مسؤولية ما حدث، لأن العدالة تقتضي أن يتحمل المرشح المهزوم قسطه من المسؤولية، وقريباً من هذا الرأي كذلك تحدث التويجري.

في تلك الهزيمة التي دارت رحاها قبل أكثر من عشرين عاما. عزا غازي فوز المرشح الياباني إلى عدد من العوامل، يقول: إن اليابان خططت بشكل بعيد المدى لهذا الأمر، وكذلك استخدمت كل الأسلحة في معركتها الانتخابية، وأيضاً هي فازت لأنها استطاعت أن تقرأ الواقع الدولي بشكل جيد في ذلك الوقت، وهي أيضاً حالت بشكل واضح دون ظهور خصم قوي، وكذلك اعتمدت على مصادر معلومات دقيقة، وأخيراً ركزت على الهدف الأساسي فقط.

بعد استماعي لحديث التويجري، وبعد ربط العوامل التي تحدث عنها غازي، أجد من الحقيقة أن أقول، إن المملكة سعت وبكل قوة إلى أن تطبق العوامل التي انطلقت منها اليابان في تلك المرحلة، وأجد أكثر من ذلك أنه كان هناك دعم منقطع النظير من ولي العهد في هذا الموضوع، لأنه وبحسب كلام التويجري؛ أن الأمير كان يُعرض عليه تقرير يومي من الفرق العاملة مع المرشح عن ماذا حدث وماذا يحدث على أرض الواقع في هذا الملف.

وأنا أستمع لهذا الجزء الخاص من اللقاء كنت مستمتعاً جداً بمشاركة المجتمع لكواليس ما حصل في هذا الموضوع، لأن مشاركة الناس لما حدث، يعطي الموضوع اهتماماً أكبر، ويجعلهم على اطلاع بما تقدمه القيادة من اهتمام كبير في صناعة الرأي العالمي تجاه المملكة وتجاه هذا الإقليم من العالم. أيضاً مشاركة الناس، ستصنع بلا شك أجيالاً ستعمل وبكل جد إلى أن تنجح في الوصول إلى رئاسة هذه المنظمات العالمية، ولذا كلي أمل أن تكون هناك جهة مهمتها فقط أن ترصد المواقع العالمية في تلك المنظمات وتبدأ بتدريب الشباب السعوديين على الفوز بها. بحيث يصبح لدينا في السعودية معرفة كاملة عن هذه المنظمات، ولدينا القدرة على قراءتها ومعرفة اتجاهاتها، وبالتالي نكون قادرين قبل سنوات من أي انتخاب على ترشيح المرشح الأمثل مع ضمان نجاحه، بإذن الله.

أعجبني جداً حديث محمد التويجري عن وجود تقرير مفصل من 100 ورقة حول هذا الموضوع، ولعله كتب في توصياته، إنشاء مركز أو لجنة خاصة ملحقة بالديوان أو الخارجية، مهمتها صناعة القادة السعوديين العالميين. وبالمناسبة، لعله من الجميل جداً إعادة الاستماع لمحاضرة غازي التي أشرت إليها بداية المقال.