شاهدت المقطع الذي تسأل فيه مذيعة قناة «بي. بي. سي» ضيفها المحلل السياسي عن سياسة بايدن في أوكرانيا، وما التحدي لروسيا في هذا الأمر؟، فجاءت إجابة الضيف أنه يريد أن يتحدث عن الأمر الأهم، وهو أن القناة لم تدفع المستحقات التي عليها للعاملين فيها لعامين. هذا المقطع، وعلى الرغم من أنه لم يتجاوز الدقيقة، فإنه أثار الكثير من اللغط والضجة في مواقع التواصل. والحقيقة أنني لا أتعجب مما أقدم عليه المحلل السياسي من الخروج للناس بهذه الصورة التي قد تهز من صورته وسمعته مستقبلا، لأن الدافع وراء هذا الخروج كان أكبر من أن يسيطر عليه ويتحكم فيه كشخص.

وهنا أرغب في أن أكتب عن نظرية الدافعية التي يتوجب أن يرجع لها المديرون والقادة في المنظمات والمؤسسات المختلفة. أسس هذه النظرية شخص اسمه رنسيس ليكرت. فبعد مشاهدته اختلافا وتباينات في الكفاءة الإنتاجية في عدد من التنظيمات، بدأ البحث في هذه الظاهرة، وحاول أن يتعرف على مسبباتها، ووجد في النهاية أن العامل الأساسي وراء هذه الاختلافات في الإنتاجية هو أن المديرين الذين يطبقون النظم الإدارية الحديثة، القائمة على مفاهيم الدافعية الذاتية، يختلفون عن المديرين الذين يطبقون النظم الإدارية القديمة، القائمة على أن الإنسان يشبه الآلة في العمل، وأنه دون مشاعر أو أحاسيس، حيث ينجح المدير الأول ويفشل الثاني.

لذا يقول: إن هناك أربعة أسس للنظم الحديثة،

الأول: يجب القضاء على الإسراف والانخفاض في الإنتاجية من خلال استخدام أسلوب التنظيمات الوظيفية المرنة.

الثاني: لا بد من تحديد معدلات للأداء، وإيجاد أهداف لأي عمل.

الثالث: لا بد من قياس العمل المحقق، ومقارنته مع الأهداف المقررة.

الرابع: لا بد من استخدام أساليب الميزانيات ومحاسبة التكاليف في الرقابة. ولما كانت الدافعية هي النقطة الحرجة التي انطلقت منها هذه الأسس الأربعة، فإنه كان من المهم معرفة أن العوامل الدافعة للعمل تقوم على أربع نقاط: عوامل تتعلق بالدوافع الاقتصادية، وعوامل تتعلق بالدوافع الذاتية مثل الإنجاز والتقدم والترقية، وعوامل تتعلق بالأمان والضمان، وعوامل تتعلق بالتجديد والابتكار.

لذا يا سيدي القائد في المنظمة، أيا كانت، إن فهمك هذه العوامل، وبناءك إدارتك على الأسس التي جاءت قبلها، وبالتالي معرفتك الأشخاص العاملين معك، وما هي الأمور التي تحركهم وتدفعهم للأمام، وضمانك استمرار دافعيتهم للعمل، سيضمن لك نجاحا متميزا في مسيرتك المهنية بشكل كبير.

وأعتقد أنك هنا عرفت ما هي الدوافع التي أجبرت المحلل السياسي على التكلم أمام الملايين من الناس على مسؤوليه، وكشفه أحد أخطائهم الفادحة.