في إطار الروابط الأخوية والتاريخية الراسخة، والعلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع قيادتي المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وشعبيهما الشقيقين، وما يربط بينهما من أواصر القربى والمصير المشترك، وسعيا إلى تطوير التعاون الإستراتيجي، وتعزيز التكامل في مختلف المجالات، وبناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، حفظه الله، قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، بزيارة رسمية لمملكة البحرين يومي 5 ــ 6 / 5 / 1443هـ، الموافق 9 ــ 10 / 12 / 2021م.
وقد عقدت جلسة مباحثات رسمية بين صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حفظه الله، وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله. واستعرضا العلاقات التاريخية الراسخة، وسبل تطويرها وتنميتها في كل المجالات، لتعزيز مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
مستجدات الأوضاع
كما بحث صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مستجدات الأوضاع التي تشهدها المنطقة، وأكدا وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ولما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين والأمن والسلم في المنطقة والعالم.
وأكد الجانبان مضامين «إعلان العُلا»، الصادر في 5 يناير 2021م، الذي نص على التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر 2015م وفق جدول زمني محدد ومتابعة دقيقة، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية، والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف، بما يعزز من تضامن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واستقرارها، وتعزيز دورها الإقليمي من خلال توحيد المواقف السياسية، وتطوير الشراكات السياسية مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، وقوة دول المجلس وتماسكها، ووحدة الصف بين أعضائه.
وتبادل الجانبان وجهات النظر حول المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية. وأكدا العمل على تنسيق مواقفهما، بما يخدم مصالحهما، ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
كما أكدا دعمهما تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وفقا لحل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.
الأزمة اليمنية
وأكد الجانبان تطابق وجهات نظرهما حول مواصلة جهودهما، لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، يقوم على المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216»، ومبادرة المملكة العربية السعودية، لإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق، بما يحفظ لليمن الشقيق وحدته وسلامته وسيادته واستقلاله، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية. وأدانا استمرار ميليشيات الحوثي الإرهابية في استهداف المطارات والأعيان والمنشآت الحيوية بالمملكة العربية السعودية.
وفي الشأن العراقي، رحب الجانبان بنجاح العملية الانتخابية. وأعربا عن تمنياتهما بتشكيل حكومة عراقية تستمر في مواصلة العمل من أجل أمن العراق واستقراره وتنميته، والقضاء على الإرهاب، وإيقاف التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية.
كما رحب الجانبان بما توصل إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان من تفاهمات. وأكدا استمرار دعمهما كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في السودان، وتمنياتهما للسودان وشعبه الشقيق بالاستقرار والازدهار.
وفي الشأن اللبناني، أكد الجانبان حرصهما على أمن واستقرار ووحدة الأراضي اللبنانية، وأهمية إجراء إصلاحات شاملة، تضمن تجاوز لبنان أزماته، وحصر السلاح على مؤسسات الدولة الشرعية، وألاّ يكون لبنان منطلقا لأي أعمال إرهابية، وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة كـ«حزب الله» الإرهابي، ومصدرا لآفة المخدرات المهددة سلامة المجتمعات.
وفي الشأن السوري، أكد الجانبان أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، ويدعمان في هذا الشأن جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم «2254»، وإيقاف التدخلات والمشاريع الإقليمية التي تهدد وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها. وأكدا وقوفهما إلى جانب الشعب السوري، وضرورة دعم الجهود الدولية الإنسانية في سورية.
وفي الشأن الليبي، أكدا أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية وفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يحافظ على مصالح الشعب الليبي، ووحدة الأراضي الليبية، ويعزز الأمن والسلم في المنطقة. كما أكدا ضرورة سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا.
وفيما يتعلق بأفغانستان، أكد الجانبان ضرورة دعم الأمن والاستقرار في أفغانستان، وعدم السماح بوجود ملاذات آمنة للإرهابيين والمتطرفين فيها. وندد الجانبان بأي أعمال تستهدف تجنيد اللاجئين الأفغان في مناطق الصراع المختلفة. وعبّرا عن أهمية دعم جهود الإغاثة والأعمال الإنسانية في أفغانستان. وفي هذا الصدد، ثمّن الجانب البحريني دعوة المملكة إلى اجتماع وزاري استثنائي لدول منظمة التعاون الإسلامي، لمناقشة الوضع في أفغانستان، الذي سيُعقد في جمهورية باكستان الإسلامية بتاريخ 19 / 12 / 2021م.
الملف النووي
كما أكّدا أهمية التعاون والتعامل بشكل جدّي وفعال مع الملف النووي والصاروخي لإيران بجميع مكوناته وتداعياته، بما يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتأكيد مبادئ حُسن الجوار، واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية، وتجنيب المنطقة كل الأنشطة المزعزعة للاستقرار. ويطالبان، في هذا الشأن، الأطراف المعنية بمراعاة مصالح دول المنطقة وأمنها واستقرارها.
وأكدا عزمهما تعزيز التعاون في جميع القضايا السياسية، وبلورة مواقف مشتركة، تحفظ للبلدين الشقيقين أمنهما واستقرارهما، وأهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات في كل المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للبلدين الشقيقين وشعبيهما، وشعوب المنطقة والعالم أجمع.
وفي جو سادته روح الأخوة والتفاهم والثقة المتبادلة، عُقد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي - البحريني، برئاسة مشتركة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين، وشارك فيه من الجانبين أصحاب السمو الملكي والسمو والمعالي والسعادة أعضاء المجلس.
نتائج متميزة
استعرض الجانبان النتائج المتميزة التي تحققت من خلال اجتماعات لجان المجلس الفرعية المنبثقة منه. وعبر الجانبان عن ارتياحهما حيال ما تم إنجازه خلال التحضير لاجتماع الدورة الثانية للمجلس، تحقيقا لأهدافه المنشودة.
وفي هذا الإطار، تم إطلاق عدد من المبادرات التي تسهم في تعزيز التشاور والتنسيق المستمر بين وزارتي خارجية البلدين، وتنسيق المواقف من أجل التصدي للفكر المتطرف، خصوصا بين الشباب في المملكتين، وتنفيذ دورات مشتركة للدبلوماسيين الشباب، وتعزيز التواصل والتعاون بين الجهات القنصلية في المملكتين.
الشأن الأمني والعسكري
أعرب الجانبان عن ارتياحهما للتعاون القائم بين البلدين. وأكدا استمرار التعاون في تعزيز العمل المشترك فيهما. وفي هذا الإطار، أطلق الجانبان عددا من المبادرات التي من شأنها تعزيز التعاون والتنسيق والتشاور في مجالي التعاون الأمني والعسكري، وكذلك تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، وتسهيل إجراءات عبور البضائع والشاحنات عبر الحدود، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات عبور المسافرين عبر المنافذ الجوية والبرية، والربط الشبكي والإلكتروني بين الجهات المعنية بالبلدين في عدد من المجالات.
مجالا الطاقة والتغير المناخي
أشاد الجانبان بالتعاون الوثيق بينهما، والجهود الناجحة لدول مجموعة «أوبك بلس» الرامية إلى استقرار أسواق البترول العالمية. كما أكدا أهمية استمرار هذا التعاون، وضرورة التزام جميع الدول المشاركة في اتفاقية «أوبك بلس». ورحب الجانبان بالتعاون في قطاع البترول والغاز، وتبادل التجارب والخبرات في هذا المجال. واتفقا على تعزيز سبل التعاون حول سياسات المناخ الدولية، والعمل على أن تركز على الانبعاثات وليس المصادر، من خلال تطبيق نهج «الاقتصاد الدائري للكربون»، ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، والسعي إلى إنشاء مجمع إقليمي، لاستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، للإسهام في معالجة الانبعاثات الكربونية بطريقة مستدامة اقتصاديا، بالإضافة إلى التعاون في مجال الهيدروجين، وتطوير التقيات المتعلقة بنقله وتخزينه، وتبادل الخبرات والتجارب لتطبيق أفضل الممارسات في مجال الهيدروجين. كما أعرب الجانبان عن تطلعهما إلى تعزيز التعاون في مجالات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، والتقنيات النظيفة للموارد الهيدروكربونية، وتطوير المشروعات ذات العلاقة في هذه المجالات، للإسهام في استدامة الطلب على إمدادات الطاقة عالميا. وأكدا أهمية تعزيز التبادل التجاري للطاقة الكهربائية، والاستفادة من الربط الكهربائي، وتبادل الخبرات في مشروعات قطاعات الطاقة، والتعاون على تحفيز الابتكار، وتطبيق التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، وتطوير البيئة الحاضنة لها.
الشأن الاقتصادي والتجاري
أكد الجانبان أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة، وزيادة التعاون الاقتصادي بينهما. وفي هذا الإطار، أطلق الجانبان عددا من المبادرات، تتناول مجالات الصناعات المشتركة بين الجانبين، ومشاريع استيراد المواد اللازمة لأعمال البنية التحتية، والتجارة البينية، ومجالات التقييس المختلفة، بالإضافة إلى الشراكة الإستراتيجية في مجالات الملكية الفكرية والتعاون الفني بمجال إجراءات تقويم المطابقة للمنتجات البلاستيكية القابلة للتحلل.
وفي القطاع المالي، أكدت المملكة العربية السعودية دعم خطة برنامج التوازن المالي لمملكة البحرين. ورحبت بالجهود المبذولة من حكومة مملكة البحرين في تنفيذ البرنامج. بينما رحب الجانب البحريني باستهداف صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية استثمار 5 مليارات دولار في مملكة البحرين.
حزمة مشاريع
بحث الجانبان حزمة من المشاريع الاستثمارية الكبرى بمملكة البحرين، وكلف المجلس الوزراء المعنيين من الجانبين بالتنسيق فيما بينهم، والقيام باللازم للانتهاء من الدراسات التفصيلية والفنية خلال 2022، تمهيدا لاتخاذ القرارات النهائية بشأنها من قِبل المجلس.
وفيما يتعلق بمجالات الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية، أكد الجانبان أهمية إبراز الصورة الإيجابية لكلا البلدين، وتعزيز التعاون وتطويره في هذه المجالات، بما يُسهم في ترسيخ وتعزيز العمل المشترك. وفي هذا الإطار، أطلق الجانبان عددا من المبادرات، تشمل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في المجالات التعليمية والرياضية والثقافية والصحية والترفيهية، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون الإعلامي. كما شملت العمل على توحيد الامتيازات المتعلقة بتطبيقات «كوفيد-19» وفحوصه ولقاحاته، لتسهيل السفر بين البلدين، بالإضافة إلى مجال السياحة والشباب والتنمية الاجتماعية، وتبادل الخبرات فيما يخص المنظمات غير الربحية، وسبل تنميتها في كلا البلدين.
كما أكدا تمكين فرص التكامل الاستثماري بين البلدين، وتعزيزها في قطاعات البيئة والبنى التحتية والقطاعات ذات الأولوية، لتحقيق أهداف المجلس، والسعي نحو استثمارات نوعية ومبادرات ذات قيمة مضافة. ووجه المجلس اللجان المعنية بالإسراع في استكمال الدراسات اللازمة الخاصة بالربط البري وشبكة الخطوط الحديدية بين البلدين الشقيقين. وفي هذا الصدد، أطلق الجانبان عددا من المبادرات، تتناول قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات والبيئة والبنى التحتية، وتعزيز الاستثمار بين البلدين الشقيقين في القطاعات المختلفة. كما أكدا أهمية تمكين القطاع الخاص، ودفعه لاستغلال الفرص المتاحة والإمكانات المتنوعة التي يمتلكها البلدان الشقيقان، والعمل على تطوير الكوادر البشرية. وقد أبدت مملكة البحرين دعمها الكامل لمبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر».
وعلى هامش الزيارة، تم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات: الأمن السيبراني، وحماية حقوق الملكية الفكرية، والتقييس، وإجراءات تقويم المطابقة للمنتجات البلاستيكية القابلة للتحلل.
وعبر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، في ختام الزيارة، عن شكره وتقديره لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، ولأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين، على ما لقيه والوفد المرافق له من حسن استقبال وحفاوة بالغة وكرم الضيافة خلال إقامتهم ببلدهم الثاني مملكة البحرين. كما أعرب صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، عن أطيب تمنياته لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، حفظه الله ورعاه، وللشعب السعودي الشقيق دوام التقدم والازدهار.