لم تكن ليلة الخميس الماضي ليلة عابرة كباقي ليالي الأسبوع التي نشهدها، بل كانت ليلة مميزة واسثنائية في جانب السرد القصصي لتاريخ الواقع الرياضي في مدينة مكة المكرمة. ليلة عامرة بالمعلومات الفنية وبالشخصيات الرياضية، ليلة معززة بالشواهد والوثائق التاريخية.

لقد اعتدنا أن نسمع بين الحين والآخر قصصا وروايات مقتضبة عن رياضة كرة القدم تحديدًا في زمن الطيبين، لكن في ذلك اليوم اختلف الأمر إلى حد كبير.

ففي إطار الجهود التي تبذلها ديوانية العم سعيد عبدربه -رحمه الله- للارتقاء بالشباب والرياضة في مدينة مكة المكرمة، وفي خطوة من شأنها أن تدفع بعجلة الرياضة في مكة المكرمة إلى الأمام بشكل أفضل معلوماتيا وفنيا وبدنيا، استضافت الديوانية الخميس الماضي عميد كلية التربية بمكة المكرمة ونائب مدير عام نادي الوحدة سابقا الدكتور محمود كسناوي، للحديث عن الرياضة والرياضيين، وذلك من خلال مبادرة برنامج (الذكريات والرياضة زمان في أحياء مكة)، وقد أضفى حديثه بعدا آخر لتلك القصص، من خلال استذكار تفاصيل دقيقة لماضٍ تليد امتد لأكثر من ستين عاما، ذكر خلالها البدايات الأولى لممارسة كرة القدم في الملاعب الترابية البدائية في رحاب مكة المكرمة، الملاعب التي لم تكن تخلو من الحفر وحبات الحصى والتعرجات، فضلا عن الأتربة الكثيفة التي تتطاير في ساحة الملعب جراء الصراع القائم على المستديرة، والمحاولات الحثيثة لتخليصها من بين أقدام الخصم، في وقت لم يكن التنظيم الإداري والفني حاضرا بالصورة التي نعرفها الآن، وعلى المستوى الفني ، كان الأداء بدائيا ، فلا لاعبو دفاع مختصين بمنطقة الدفاع، ولا أظهرة مختصين، ولا وسط أو رأس حربة مكرس لتسجيل الأهداف في المرمى، فالجميع في حالة هجوم حال وجود الهجمة، والكل في موقف الدفاع حال الدفاع، أينما حطت الكرة حلت الأقدام، وأينما تدحرجت هرول الجميع خلفها، يختلط الحابل بالنابل في ساحة الملعب. كما فصل الكسناوي من خلال كلمته الضافية الكثير من الأقاويل التي يتناقلها الرياضيون وغير الرياضيين عن كرة القدم، وأكمل بقية الفصول الناقصة عن المرويات الرياضية التي تدور حول الرياضة في تلك الفترة الزمنية التي عرفت مجازا بزمن الطيبين.


هذا البرنامج أعني (الذكريات والرياضة زمان في أحياء مكة المكرمة) تم تدشين فعالياته في وقت سابق من قبل صاحب الديوانية رئيس رابطة فرق أحياء مكة المكرمة الكابتن سلطان سعيد عبدربه، وأتت هذه المبادرة من ضمن مجموعة مبادرات أطلقها الكابتن سلطان منذ أن استلم زمام الأمور رئيسا لرابطة فرق أحياء مكة، وقد أظهر هذا البرنامج تفاصيل وقصص عن الرياضة والرياضيين في حواري مكة المكرمة، وكشف عن ماض عريق لكرة القدم في مكة المكرمة تحديدا.

البرنامج تثقيفي في المقام الأول، ومطعم بالمعلومات التاريخية، ومن أولوياته توعية الأجيال الناشئة بأهمية الرياضة بشكل عام، ورياضة كرة القدم في المنطقة بشكل خاص، لذلك كان من الطبيعي أن يحضر البرنامج عدد كبير من الجمهور الرياضي ولفيف من أهالي مكة المكرمة المهتمين بالشأن الرياضي بصفة عامة وبرياضة كرة القدم بصفة خاصة.

يذكر أن المحاضرة لم تكن الأولى من نوعها في سياق هذا البرنامج، بل سبقتها عدة محاضرات ذات صلة، وسوف تتوالى مثل هذه المحاضرات كما هو مقرر لها، من خلال استضافة الديوانية لشخصيات مكية تربوية وأكاديمية ورياضية وصحفية، ونخب وأعيان مكة من مختلف الاختصاصات والتوجهات الفكرية والميول الرياضية، تجمعهم صفة واحدة وهي حب مكة المكرمة.