هل تعلم عن صدمة العودة بعد الإجازة أو (الاكتئاب بعد الإجازة) إنه مصطلح يوضح حجم المعاناة للرجوع إلى خضم معترك الحياة الوظيفية مع فقدان مشاعر البهجة والسرور، بعد اخذ فترة ممتعة من إجازتك حتى تجدد نشاطك وحيويتك.

تلك الظاهرة ليست لكل شخص، ولكنها تظهر جلية للعين حينما نرى بعض الموظفين تغلق أبواب السعادة في وجوههم فور إثبات الحضور على جهاز البصمة.

يا ترى ما الأسباب التي دفعتها بفاتورة الاكتئاب؟ وتلك المشاعر الطاغية على الشخص! على الرغم من الدورة الطبيعية للسعادة بعد ختم العودة في جواز السفر.


يرجع الموضوع إلى عدة عوامل رئيسة منها الاحتراق الوظيفي حيث إن الخروج من أزمة الاحتراق الوظيفي لن يتم عبر إجازة تتمثل بقضاء أيام معدودة في الخارج لتجديد الهواء المنعش.

أو الذهاب إلى رحلة على ضفاف إحدى الشواطئ أو الجبال الخضراء المفعمة بالشلالات، وإنما الاحتراق الوظيفي سوف يجعل الشخص يعيد رؤية المشهد الذي يقتات منه على واقع الأزمة التي يعيش في تقاطعاتها.

مثل توكيله بالمهام غير المعتادة فوق طاقته، فهم يعتمدون عليه لتنفيذها خارج أوقات الدوام الرسمي ولا أحد يعبأ بجهوده فضلاً عن عدم منحه الترقية المستحقة، وعليه فإن مجرد وصوله إلى مقر الدوام سيجلب له خيبة الأمل، ويهدم بريق تلك الرحلة الممتعة على مصراع البيئة السامة التي يعيش فيها.

لذلك قبل أي شي انصحك بتغيير البيئة السامة ومحيط العمل الذي لا يستحقك قبل أن تفكر في أي إجازة.

ومن الأسباب أيضاً مقدار الرفاهية والراحة التي يعيش فيها الموظف، حينما يوفر أمواله للسفر للخارج فهو يذهب إلى أفضل الفنادق، والمطاعم، والفعاليات، والتي في الغالب لن يذهب إليها في بلده بسبب ادخاره السنوي لتلك الأموال لمتعته وقضاءه فترة نقاهته من ضغوطات العمل والحياة.

مسألة العودة إلى روتين العمل المحدد الوقت والغير محدد المجهود سوف يخترق النقيض من رفاهية الوقت والأماكن التي كان يتردد عليها في إجازته، مما يصيبه بالإحباط عند الرجوع للدوام والحل بسيط.

هو أن يشارك تفاصيل رحلته إلى زملائه حتى يبين لهم طبيعة تجربته، ويوثق تلك اللحظات الجميلة إليهم، فيخرج تلك الرحلة من الانقضاء إلى الذكريات الممتعة حيث إنه سوف يتطلع إلى تكرارها بعد الحصول على الإجازة المقبلة.

وإذا لم يكن من الأشخاص الذين يحبذون الحديث أمام زملائه، يمكنه توثيق رحلته بهاتفه وكتابة تفاصيل الأماكن التي زارها مع ذكر المواقف التي مر عليها، إيجابية وسلبية، ليخرج الرحلة من السفر إلى التجربة، فهي بالطبع غير مستدامة وبالتالي هو يرى تلك الرحلة من باب الخبرات المكتسبة والتي سوف تنعكس آثاراها عليه.

وهناك أيضاً سبب آخر وهو الإرهاق في السفر حيث إن جدولك مزدحم إلى الدرجة التي تنتزع بها الوقت انتزاعاً، فضلاً عن كثرة حجوزات المدن، والتنقلات التي أثقلت كاهلك، وبالتالي فالنتيجة تنبع من المسبب، وهو أنك في رحلة سياحية شاقة، ومرهقة، وليست ممتعة.

أذكر أني في إحدى رحلاتي حجزت فندقا للمبيت في إحدى المدن، ضمن جولاتي للتنقل بين ثلاث مدن، ولم أزد عليها حتى لا أصاب بالإرهاق، الشاهد في هذه الرحلة أن ذلك الفندق انخدعت في تقييمات مواقع الحجوزات على النت، فالفندق لا يعيبه شي سواء إزعاج ساكنيه وضعف العزل.

ولم أستطع النوم من فرط الإزعاج، ومن اليوم التالي لم ألغ حجزي في هذا الفندق، فالنقود غير مستردة، ولكن حجزت فندقا آخر في الليلة التي تليها بما يوازي عدد أيام المبيت في هذا الفندق، وتركت حقائبي هناك ماعدا احتياجاتي الشخصية فقط، ولم أذهب إلى ذلك الفندق إلا لغرض استعادة حقائبي بعد انقضاء الفترة المحددة.

ومن هنا أنوه لأن ترتيب السفر مع وكالات السفر السعودية، هو أفضل معين بعد توفيق الله في انتقاءاتك، حيث إن الرحلة سوف تغطى بالكامل على مستوى الحجوزات وكذلك التنقلات والفنادق.

خبرة وكالات السفر في المملكة ثرية وغنية عن التعريف، وأسعارها أقل من تنسيقها بنفسك فالعروض المقدمة، وسائقك الخاص، وحجوزات الفنادق والفعاليات سيغنيك عن أي مطبات تحاول حلها فتنعكس على صفو رحلتك.

لذلك في السفر لا تفرط في أي لحظة ستجعلك سعيدا، فأنت قطعت المسافات وجمعت الأموال لكي تستجم وتعود إلى روتينك اليومي وأنت مرتاح البال، ومن هنا انوه لاأن الإجازة المرهقة والتي لم تحصل بها على راحة حقيقة سوف تجلب صدمة بعد الإجازة وهو اكتئاب الرجوع للدوام.

كما اقتبس من تيسا ويست أستاذة علم النفس بجامعة نيويورك ومؤلفة كتاب (العلاج الوظيفي إيجاد عمل يناسبك) من موقع هارفرد هذا الاقتباس (إن الإجازات توفر الوضوح مع الابتعاد عن العمل، تدرك أنك كنت تتعامل مع كل هذه الضغوطات البسيطة في العمل التنقل لمسافات طويلة أو رئيس يضع دائماً اجتماعاً آخر في جدول اعمالك لذلك تشعر بالقلق بشأن العودة).

قلق العودة وألا يفوتك شيء في الدوام هو معضلة من يُعظم دوامه فوق كل شيء، فيشغله ولا يشتغل به، مما ينفي أن لديه حق في الاستمتاع بالإجازة فباله مشغول فيما سوف يفوته في العمل ولا تنسى أن لبدنك عليك حق.

لذلك نصيحتي استعد للعودة، وهيأ نفسك وأبدأ بتقسيم المهام، ولا ترهق نفسك لتعويض ما فات، وكما تقول كاثلين هارتلي الأستاذة المساعدة في قسم علم النفس بجامعة نيويورك إن التجارب المتنوعة والتعرض لبيئة جديدة يمكن أن تغيرنا للأفضل.

ومن فوائد الإجازة كما توضح الدراسات (ان هناك بعض التأثيرات القوية لأحداث الحياة على تغيير الشخصية وعندما نتغير فإننا ننقل هذا التغيير الروتين والممارسات والبيئات التي نعيش بها).

لذلك متعة السفر هي التجربة ولا تحرم نفسك تلك المتعة، من اجل عدم الخروج من قوقعة نمطية الدوام، أو الاستمرار في البيئات المهنية السامة، التي سوف تلقي لتنوعات مناحي الحياة لديك.