تقول الرواية إن الصدفة وحدها هي التي جعلت من مدفع الإفطار عادة رمضانية في كثير من دول العالم الإسلامي، حيث إن أحد السلاطين في مصر أراد ذات يوم أن يجرب أحد المدافع الحربية، التي جاءت إليه من الخارج، وقد صادف موعد تلك التجربة دخول موعد آذان مغرب أول يوم في شهر رمضان المبارك، وبعد أن تم إطلاق المدفع، وانتشر دويه في أرجاء المدينة، خرج الناس أفواجا، ليستطلعوا مصدر وسبب ذلك الصوت، وعند معرفتهم المصدر ظنوا أن السلطان تعمد إطلاق المدفع في هذا التوقيت، إيذانا منه بموعد الإفطار.
على أثر ذلك، تناقل البعض من أهل المدينة خبر أن السلطان أطلق تلك الذخائر الصوتية حتى يعلم الصائمون بموعد الإفطار، فشكر سكان المدينة السلطان على هذا الصنيع، وثمنوا له هذه الفكرة، التي لم تكن برمتها في حسبان السلطان أصلا.
عموما، هكذا تقول الرواية، ومن هنا بدأت الحكاية، ومن ثم أخذت الفكرة في الانتشار والتوسع في العالم العربي والإسلامي، فتناقلها الناس في الأقطار والأمصار شيئا فشيئا، حتى أصبحت عادة وتقليدا رمضانيا مؤصلا تقوم بها جميع الدول العربية.
والآن توارت هذه العادة الجميلة عن الأنظار، واندثر دوي المدفع عن المسامع والأذان ككثير من جماليات وعادات رمضان التي غدت ذكرى تتحدث عنها الأجيال، وينقلها الآباء للأبناء، إلا أنه يمكن إعادة إحياء هذه العادة التاريخية، ويمكن لمدفع الإفطار أن يرجع دويه عبر بوابة وزارة الثقافة. هذه الوزارة التي أخذت مسارا رائدا في إطار الاهتمام بالآثار، وجانب العناية بالتاريخ، فجميل أن نرى تلك العادة تعود للواقع بشكل مختلف، والأجمل أن تتبنى الوزارة فكرة إعادة المدفع الرمضاني بشكل متمدن وحضاري، يتناسب مع حركة التطور الذي نشهده، وذلك من خلال نقلها إطلاق المدفع مع شعائر أذان المغرب من المسجد الحرام عبر شاشة التلفاز، وهو الحدث الذي يشاهده الجميع، الصغير قبل الكبير.