لم تكن الديانات في يوم من الأيام هي مصدر الإرهاب، ولكن قد تكون المشكلة في أزمة أصابت البعض من المنتسبين لتلك الأديان، ولعلنا نتذكر تلك المذبحة الرهيبة للمسلمين في أحد مساجد نيوزيلندا، فهل هذا مبرر لأن نقول إن المسيحية وجميع المسيحيين ليسوا سوى برابرة وإرهابيين؟
في الوقت الذي يسعى فيه عقلاء العالم إلى مصادرة العنصرية وإعلان التقارب الإنساني نجد البعض يتبنى النموذج المتطرف للعلمانية من أجل التمييز العنصري في أسوأ صوره، ورغم تعاطف البعض مع ماكرون واتفاقهم على أن الإسلام يعيش أزمة حقيقية، وأن الأزمة هذه تنعكس على كون المجتمع الإسلامي هو الأكثر تصديرا للإرهابيين، وأكثر الدول في نسب الفقر والجهل، وهو تعريف لا نتفق عليه، فنحن نعلم يقينا أن الدول التي يفتك بها الفقر والجهل هي تلك القارة التي كانت تحت الاحتلال الأوروبي، ونعلم أن فرنسا كانت ولا زالت الداعم الأول للإرهاب الإيراني والإرهاب الحزبي في لبنان. ولا أدري ماذا نسمي سرقة الذهب والموارد الطبيعية من القارة الإفريقية سوى أنه أسوأ أنواع الإرهاب.
لا نختلف في أن المجتمع الإسلامي يحتاج إلى تجديد وأن الخطاب الفقهي بحاجة إلى مراجعة، ولكن ماذا عن المجتمعات الأخرى، وهل المآسي التي يعيشها العالم بما في ذلك الداخل الفرنسي هي بسبب أزمة الإسلام؟. علينا أن نتذكر أن اتخاذ الأسلوب المعادي وأسلوب النبذ للإسلام قد يترتب عليه إيجاد مبررات لحالات العنف من أولئك المتطرفين، ولعلنا نذكر حادثة الطعن التي تعرض لها الكاتب نجيب محفوظ عندما نشر إحدى رواياته، وتم الترويج بأنها مسيئة للإسلام، وكذلك حادثة القتل التي تعرض لها المدرس صمويل باتي بقطع رأسه بعد أن عرض على طلابه صورا مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.
خطاب الاستعداء وبث الكراهية ومحاولة استخدام أزمة بعض المسلمين للبقاء بقصر الأليزيه، هي مخاطرة قد تحول مليار مسلم إلى مجتمع معاد للجمهورية العنصرية.