بعد ركود لم يدُم طويلاً نتيجة فرض منع التجول وحظر ممارسة أي نشاط تجاري، عاقبة الأزمة، بدا لي أن مشروع العمل المستقل بالأسر المنتجة في مكة المكرمة وكأنه يمر بحالة انتعاش اقتصادي هذه الأيام، فالوضع اختلف عما كان في السابق، ونشاط هذه الأسر ارتفع في مجال بيع المنتجات الغذائية بشكل لافت، وتضاعف أداؤها عن ذي قبل، وأخذت عمليات البيع التي تتم بمبادرات فردية في الانتشار والتوسع بصورة واضحة للعيان.

كثير من أفراد المجتمع المكي بات يفضل المنتجات الغذائية التي تحمل مواصفات الأسرة المكية المشهورة بأكلاتها اللذيذة ووجباتها الشهية، والموسومة بعلامة الجودة المنزلية والمعروفة بالنفس الحلو وباللمسات السحرية والنكهات الحجازية ذائعة الصيت.

هذه التفاصيل الدقيقة في أكلات الأسر المكية المنتجة، انعكست بدورها على نسبة المشتريات إلكترونياً وبشكل ملحوظ، فتهافت الناس عليها عن طريق الـ"أون لاين" بصورة أوسع مع الأخذ بعين الاعتبار بالإجراءات الإحترازية المعمول بها وتوخي الحذر.


إن الابتعاد قدر الإمكان عن ارتياد صالات الطعام في الأماكن العامة هو مسوغ أساسي لذلك، ومما يستحق الذكر والتنويه إليه هنا هو أن الأطعمة التي تطهى في المطابخ المنزلية، لا تُعد مسبقاً للعميل، ولا تجهز سلفاً كما هو معمول به في كثير من المطاعم الخارجية، بل تجهز الوجبة حسب الطلب وتعد في حينه وفق رغبة العميل الذي يحدد نوع الوجبة التي يريد وموعد تسلمها، ما يعني أن المواد الغذائية التي تعد لهذه الوجبة تختار بعناية شديد، وتنتقى بشكل خاص ونطافة فائقة، ولا يفوتني أن أشير إلى أنه وبجانب الأكلات المكية الأساسية المعروفة في مكة المكرمة كالكابلي والسليق والمطبق وكباب الميرو.. إلخ، هناك أصناف لأكلات وأطعمة ووجبات أخرى، ظهرت وتشكلت في ظل تشابك وتداخل النسيج المكي وتتعدد الأجناس في منطقة الحجاز بصفة خاصة، لها أساليب وطرق إعداد مختلفة، فالمأكولات الأفريقية ومنها وجبة "السيرية" الشهي ومشروب "الفرا" اللذيذ لهما عشاقهما الذين يتلذذون بمذاقهم، والوجبات الآسيوية لها محبيها الذين يتناوبون على اقتنائها بصفة دورية كلما سنحت لهم الفرصة والوجبات البخارية كـ"المنتو" و"الفرموز"، وأما مشكل الأكل الجاوي فمتعة أخرى.