وكانت قد أثيرت عاصفة من الشكوك والجدل حول القمة المصغرة بكوالالمبور، وهل الهدف منها إنشاء تكتل إسلامي جديد. وبعد اعتذار باكستان وإندونيسيا عن الحضور، فإن الدول التي حضرت القمة «قطر وإيران وتركيا وماليزيا»، وإن كنا نتفهم وجود قطر وإيران وتركيا في الخندق نفسه، إلا أننا نستغرب المباركة الماليزية لهذه الخطوة، لا سيما الدول الثلاث المذكورة معروفة بتوجهاتها لمحاربة العالم الإسلامي، وتفتيته واختلاق المشاكل والفتن وتشجيع الأحزاب الراديكالية، ونشر الخراب والدمار في تلك البلدان. كما أنه ليس سرا أن القمم الإسلامية جميعها كانت تعقد ضمن رؤية سنية معتدلة تحارب العنف والإرهاب وتدعو إلى التسامح، وهذا يخالف التوجه الإيراني ذا الصبغة الطائفية البحتة، والذي ينبذ كل رأي آخر، ويشجع على تصدير ثورة وفكر ولاية الفقيه، حتى ولو تسببت في أنهار من الدماء.
وقمة كوالالمبور ليست الأولى، فقد سبقتها أربع قمم كانت الأولى في عام 2014 بدعوة من مهاتير محمد نفسه، ثم كانت الثانية في كوالالمبور أيضا، وكانت الثالثة في السودان بعنوان (الحكم الرشيد)، ثم كانت الرابعة في إسطنبول. وجميع الاجتماعات الأربعة لم يعلم عنها أحد، ولم يكن لها من تأثير أو نتائج انعكست على العالم الإسلامي ومجتمعاته. وما لوحظ على الاجتماع الأخير، هو البروباجاندا الإعلامية المصاحبة، والتي كانت تهدف بشكل أساسي إلى إيصال رسالة عن تشكيل تجمع إسلامي ليست السعودية طرفا فيه، ولكن سرعان ما تداعى هذا المشروع والذي تموله قطر وتركيا وإيران بشكل كبير، لا سيما مع اعتذار إندونيسيا وباكستان عن الحضور، ومع إيضاح مهاتير محمد أنه لا يمكن لأي دولة أن تقدم للقضية الإسلامية والعالم الإسلامي ما تقدمه المملكة العربية السعودية.
إن الدور السعودي في خدمة التضامن الإسلامي ووحدة الأمة الإسلامية معروف وموثق بالحقائق والمعلومات، فقد كان إنشاء رابطة العالم الإسلامي وتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي، والمصالحة بين الفرقاء وتوحيد الصف وتشكيل التحالفات في مواجهة الأعداء، وتشجيع الحوار الحضاري مع الآخرين، والدفاع عن حقوق الأقليات المسلمة، وإحباط المشاريع التخريبية التي تستهدف الأمة الإسلامية، وإنهاء الصراعات المسلحة، وحقن الدماء ومناصرة القضية الفلسطينية، ودعم المجامع الفقهية الإسلامية، وإنشاء هيئات الإغاثة العالمية وإسهامات دارة الملك عبدالعزيز في الحفاظ على التراث الفكري والحضاري الإسلامي، وإنشاء المجمعات لطباعة المصحف الشريف وتوزيعه، والمنح الدراسية المجانية لطلاب العالم الإسلامي، ومركز الملك سلمان ودوره الريادي، ولا ننسى خدمة ضيوف الحرمين الشريفين وتسخير التسهيلات كافة لهم.