علي الشريمي

خذها بالمختصر التعليم الإلكتروني الذي يعتمد على التعلم عن بعد ليس خيارا إستراتيجيا كما كان يصرح به مسؤولو التعليم قبل سنوات إبان جائحة كورونا، فهو لم يفعل بعدها إلا في يوم واحد فقط أو يومين على الأكثر في السنة بأكملها، وذلك عند تعليق الدراسة وقت الأجواء الممطرة. كنا نسمع ونقرأ دائما وما زلنا بعض الكليشيهات أن التعليم الإلكتروني (عن بعد) والتعليم التقليدي (الحضوري) ركنان أساسيان لتطوير النظام التعليمي في المملكة، حيث يتكاملان لخلق بيئة تعليمية شاملة. سؤالي: أين تطبيقاته العملية في مدارسنا؟ ما هي الخطوات العملية التي اتخذت لتفعيل التعليم عن بعد في مؤسساتنا التعليمية؟ كيف يمكن للتعليم عن بعد أن يساعد في تلبية احتياجات الطلاب خاصة المناطق النائية؟.

اليوم المملكة تستقطب كثيرا من المستثمرين بشتى الجنسيات والثقافات والأديان، وبالتالي يجب أن يكون دمج التعليم الإلكتروني والتقليدي أولوية قصوى، فهناك بعض الأجانب لا يرغبون بدمج أولادهم في المدارس، وهذا رأيته بنفسي في الخارج. ولأن التعليم حق أساس في تلك الدول وفروا التعليم الإلكتروني بديلا للحضوري، أما عندنا التعليم الإلكتروني انتهى بعد كورونا مباشرة أي قبل خمس سنوات، ولا يوجد إلا في إطار ضيق جدا جدا. سؤالي: لماذا لا يطبق التعليم الإلكتروني في رمضان هذا العام، فعدد أيام الدراسة الفعلية 15 يوما فقط، ما الذي يمنعنا من تفعيل هذا النوع من التعليم في هذه الأيام الخمسة عشر؟ باختصار الدراسة في رمضان للطلبة والطالبات في التعليم العام أثبتت عدم جدواها، بدليل نسبة الغياب الكبيرة، طلاب صغار يتناولون السحور قبل الفجر وبعدها بخمس ساعات يتوجهون لمدارسهم، وهم في حالة تعب وإرهاق، وربما يكملون نومهم في فصولهم. في نظري هذا الشهر هو فرصة لتقدير الصوم والتأمل، ولنتأمل بعض سلبيات الدراسة في رمضان:

1 - تغير نمط النوم قد يؤدي إلى التعب والإرهاق، ما يؤثر في قدرة الطلاب على التركيز والإدراك أثناء الدراسة.

2 - قد يعاني الطلاب من نقص التركيز والطاقة بسبب عدم القدرة على تناول جيد للطعام والسوائل خلال ساعات الصيام.

3 - قد تكون هناك أنشطة دينية وثقافية إضافية خلال رمضان تقلل وقت الطلاب المخصص للدراسة.

4 - التقلبات في مستويات السكر والهرمونات نتيجة للصيام قد تؤثر في مزاج الطلاب ويصبحون أقل استقرارًا خلال الدراسة، كما أنها قد تنعكس على الجوانب النفسية لديهم.

5 - قد تتزايد التحديات الاجتماعية والزيارات العائلية خلال رمضان، ما يؤثر في التركيز والدراسة.

6 - الملاحظ في رمضان تضاعف الزحام المروري نتيجة رحلات التسوق والزيارات للأقرباء والأصدقاء، إضافة إلى تداخل أوقات العمل للقطاعين الخاص والعام مع أوقات الدراسة في الذهاب والعودة، على عكس الأيام خارج شهر رمضان المبارك؛ حيث عودة الموظفين الحكوميين تكون بحدود الساعة 2 ظهرا، بينما عودة موظفي القطاع الخاص بحدود الساعة 5 مساء. لذلك المقترح أن تتحول الدراسة في رمضان عن بعد لا سيما وأن فترة الدراسة قصيرة، 15 يوما تقريبا، وفي حال تحويلها سيقل حجم الحركة المرورية للمدارس، وبالتالي يخف الزحام.

بالنظر إلى هذه السلبيات والتحديات، يصبح من الضروري أن نعيد النظر في الدراسة في رمضان.

أخيرا أقول: الجمع بين التعليم الإلكتروني (عن بعد) والتعليم التقليدي في التعليم العام ضمن نموذج تعليمي هجين، يُعد خطوة إستراتيجية تدعم رؤية المملكة لبناء مجتمع معرفي مستدام وقادر على التنافس عالمياً، وليس مجرد كليشيهات تكرر بطريقة غير مستساغة.