أبها: الوطن

يتصاعد القلق الدولي من خطر انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وتصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، التي تدعو إلى التصعيد العسكري، وفيما تحذر الأمم المتحدة ودول عدة من كارثة إنسانية جديدة في حال استئناف القتال، تصر إسرائيل على نهجها العسكري رغم الاتفاقات القائمة، مما يهدد بمفاقمة الأوضاع المتأزمة في القطاع.

رفض واسع

والتصريحات المتطرفة لترمب، التي دافع فيها عن إنهاء الهدنة وشن عمليات عسكرية أكثر عنفًا، لاقت رفضًا واسعًا من المجتمع الدولي، الذي يدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النار باعتباره السبيل الوحيد لحماية المدنيين، ومنع مزيد من الدمار، ومع استمرار الضغوط السياسية والدبلوماسية، يبقى الوضع في غزة على صفيح ساخن، حيث يترقب العالم ما إذا كانت الجهود الدولية قادرة على منع اندلاع موجة جديدة من العنف.

التزام الأطراف

وأكدت حركة حماس رفضها لتهديدات ترمب بشأن مصير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، مشددة على أن الإفراج عنهم مرهون بالتزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي.

وأضاف المتحدث باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، في تصريح صحفي، أن «لغة التهديد لا تفيد في حل الأزمة، بل تعقّد الأوضاع أكثر»، مشيرًا إلى أن الحركة لن تستجيب للضغوط إلا ضمن الاتفاقات المبرمة.

وكانت حماس قد هددت بتأجيل إطلاق سراح ثلاثة رهائن إسرائيليين، كان من المقرر الإفراج عنهم السبت المقبل، متهمةً إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما عبر عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية، ومنع وصول الخيام والملاجئ إلى القطاع المدمر.

من جانبه، صرّح ترمب بأن وقف إطلاق النار يجب أن يُلغى إذا لم تُفرج حماس عن جميع الرهائن المحتجزين، لكنه أشار إلى أن القرار النهائي يعود إلى إسرائيل.

مأساة هائلة

وبدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى تمديد وقف إطلاق النار في غزة، محذرًا من أن استئناف العمليات العسكرية سيؤدي إلى «مأساة إنسانية هائلة».

وقال غوتيريش، في بيان، إن على الطرفين الالتزام الكامل بتعهداتهما، وحثهما على مواصلة المفاوضات لضمان تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل وقف الحرب نهائيًا.

تبادل الأسرى

وشهدت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار تنفيذ عمليات تبادل للأسرى بين الطرفين، حيث أفرجت حماس عن 33 رهينة، مقابل إطلاق إسرائيل سراح نحو 2000 أسير فلسطيني، ومنذ 19 يناير، أجرى الجانبان خمس عمليات تبادل، تم خلالها إطلاق سراح 21 رهينة وأكثر من 730 أسيرًا فلسطينيًا.

ومن المتوقع أن تستأنف العمليات العسكرية في أوائل مارس إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية، التي تهدف إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وتمديد الهدنة لأجل غير مسمى.

استعمار غزة

وفي سياق متصل، أكدت مصر رفض الدول العربية لمقترح ترمب بنقل سكان غزة إلى أماكن أخرى، مشددة على ضرورة الإسراع في إعادة إعمار القطاع.

وجاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية وأكد البيان أن «الحل السياسي العادل هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع»، داعيًا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، ومن جهته، انتقد رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، سياسات إسرائيل في قطاع غزة، واصفًا إياها بأنها «مشروع استعماري»،وقال أنور: «كم من المفاوضات يمكن إجراؤها، بينما لم ينسحب المستعمر؟ هذا ليس صراعًا تقليديًا، بل سياسة سلب ونهب»، مشددًا على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة والتوصل إلى حل سياسي دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.



ماذا حدث؟

اتهمت حماس إسرائيل بعدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار من خلال تأخير عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة، وشن ضربات عسكرية في مختلف أنحاء القطاع، وإعاقة دخول الخيام والمنازل المتنقلة والإمدادات الطبية، وردًا على ذلك، أعلنت الحركة تأجيل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين «حتى إشعار آخر»، معتبرةً أن إسرائيل تواصل انتهاكاتها.

في المقابل، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي؛ يسرائيل كاتس،هذا التأجيل بأنه «انتهاك كامل» للاتفاق، وأصدر تعليماته للجيش بالاستعداد لأي طارئ، بينما أكدت الحكومة الإسرائيلية التزامها بجانبها من الصفقة، لاحقًا، وصفت حماس قرارها بأنه «إشارة تحذير»، داعيةً الوسطاء الدوليين إلى الضغط على إسرائيل للوفاء بالتزاماتها، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من الأطراف الوسيطة.

ماذا يقول ترمب؟

يأتي إعلان حماس في وقت يواصل فيه، دونالد ترمب، الضغط من أجل خطته المثيرة للجدل، التي تدعو إلى تهجير السكان الفلسطينيين من غزة ومنح الولايات المتحدة «ملكية» المنطقة، وأكد خلال مقابلة مع فوكس نيوز أنه لا يحق للفلسطينيين العودة، ما أثار غضبًا واسعًا، خاصة بين الفلسطينيين الذين لا يزالون يعانون من تداعيات تهجيرهم عام 1948، كما واجهت تصريحاته إدانة جديدة من الدول العربية التي تدعم منذ عقود إقامة دولة فلسطينية مستقلة،

في المقابل، حاول بعض مسؤولي إدارة ترمب التخفيف من حدة الجدل، بالقول إن الرئيس كان يقترح نقل السكان مؤقتًا فقط.

ما هو على المحك؟

من المقرر أن يتم إطلاق سراح ثلاثة رهائن إسرائيليين يوم السبت، مقابل عشرات السجناء الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وكانت هذه التبادلات، التي شهدت تنفيذ خمس صفقات حتى الآن، جزءًا من عملية تدريجية تشمل الإفراج عن 33 رهينة في مقابل عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، ورغم التوترات والمخاوف المتزايدة، ساهمت هذه المبادلات في إبقاء وقف إطلاق النار قائمًا حتى الآن، حيث سمحت بإجراءات إضافية تهدف إلى تخفيف حدة الأزمة.

ومع ذلك، فإن استمرار الجمود في المفاوضات وغياب التفاهمات بشأن تنفيذ الاتفاقات يهدد بإعادة إشعال النزاع، مما يجعل الأيام المقبلة حاسمة لمستقبل الهدنة.