كان منتشيًا بلقائه مع الرئيس الأمريكي ترمب، ظهر ذلك جليًا في ابتساماته أمام الصحافة والإعلام، وهو يوزِّع نظراته عليهم، بعد أن عرَض نتنياهو حاجته الماسَّة للتسليح، ووافق ترمب على تزويده بدفعة جديدة من العتاد، لقد ظنَّ نتنياهو الآن أنه نال ما يريد، وجامله الرئيس الأمريكي كثيرًا حتى قال: إن السعودية لا تريد دولة فلسطينية إنما تريد السَّلام! هنا توقف المشهَد كأنَّه يمر ببطء إلى درجة سماع حركة عقرب الثواني في السَّاعات، إذ جاء الرَّد سريعًا فوقَ ما توقَّعه كثيرٌ من المحلِّلين والمراقبين، إنَّه الرَّد السُّعودي العاجل بأنَّ موقف السُّعودية ثابت، لن تتخلَّى عن قيام دولة فلسطينية، وأنَّها حين تقول ذلك فإنها تعنيه بما لا يحتمل تأويلًا أو تحريفًا.
ألقت السعودية كلمتها ثقيلة بما جعل ارتداداتها كبيرة على المشهد السِّياسي، فصرَّح نتنياهو بأنَّ الرئيس الأمريكي لا يقصد إرسال جنود أمريكيين إلى غزة، ولم يستطع أن يخفي غضبه من السُّعودية، فقال إن السعودية يمكنها أن تقيم دولة فلسطينية في حدودها، وإنَّها تملك مساحة شاسعة من الأراضي! بما يعبِّر عن الاستفزاز الذي التف حول عنقه فجعله لا يزن كلماته، ولا يضبط إيقاعها، وهو الذي رفع في دعايته الانتخابية وعدًا بصفقة العمر والتاريخ للناخب الإسرائيلي، إذ وعده بأنَّه سيقيم سلامًا مع السعودية، وأنَّ هذا سيجلب الرَّخاء والاستقرار لسكان إسرائيل، فلا غرابة أن يضطرب خطابه وهو يرى وعوده الانتخابية تتبخَّر أمام جمهوره.
بعد بيان السعودية اختار الرئيس الأمريكي الرجوع خطوة وقال إنَّه ليس على عجل في مسألة غزة، وإنَّ المهم لديه هو السَّلام والاستقرار، وكل الدول بما فيها السُّعودية تنصُّ في بياناتها على الحاجة إلى الاستقرار، لكنَّ بأيِّ ثمن؟ هل هو تطبيع مجاني لا تقدِّم فيه إسرائيل شيئًا، حالها حال مخطوبة تترقب ما يمنح لها من مهر؟ لا تقام علاقة الدول بهذه الطريقة، والسُّعودية تعرف كيف توازن لعبتها السياسية، إنها تقول لترمب الذي يتقن منطق الشراكة والربح نحن أهل لهذا، وسنخصص للاستثمار مليارات الدولارات، وهو ما تتحرَّق له شهية الرئيس الذي يقدِّر قيمة الصفقات، لكنَّ السعودية في الحين نفسه لا تجعل من سياستها نظيرًا لمنطق الشركات الربحية، بل تقول لدينا كذلك مطالب سياسية، فلن يحدث تطبيع دون دولة فلسطينية، لسنا من نقدِّم سلامًا مجانيًا، ولا نحن بالذين نتضور لاستقرار.
لقد أذهل موقف السُّعودية أشدَّ من هاجمها يومًا من الشعبويين، وغني عن البيان أنَّ السعودية لا تنتظر كلمات الثناء، بل تتحرك وفق نظر جيوسياسي ممتد في المنطقة، فمن الذي يحتاج اليوم إلى السَّلام؟ ألا تنظر إسرائيل حولها، فإيران تراجعت وتقلَّص دورها في المنطقة، والرئيس السوري الجديد الذي يحكم دولة كبيرة لم تقم علاقات سياسية مع إسرائيل اختار السعودية أول وجهة له في زياراته الخارجية.
في حين يقف نتنياهو على أنقاض فشله بحماية مواطنيه، دون أن يمتلك الشَّجاعة التي تخوله أن يتحمَّل المسؤولية الكاملة عن حمايتهم قبل ما يزيد على عام، هل يظنُّ أنَّ السِّياسة تقوم على منطق الحرب والاستمرار بها إلى ما لا نهاية؟ فلينظر حوله، ألا يشاهد الرئيس الأوكراني اليوم وهو يعاني من تذمر حلفائه من الدعم المتواصل له بما فيهم ترامب؟ لا يزال نتنياهو يكابر ويظن أنَّه في موضع الإملاء على الآخرين، لكنه قد تنبه أخيرًا إلى أنَّ هذا لا يمكن أن يشمل السعودية.
إذ يدرك نتنياهو وهو الذي وعد مواطنيه بتحقيق اتفاق تاريخي مع السُّعودية حاجته لهذا، لا أنَّ السعودية هي التي تقيم أحلامًا على مثل هذا التطبيع، ولكنَّه استخف بما قالته السُّعودية في مختلف المناسبات: لن يكون هناك تطبيع مجاني، بل على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي التي تحتلُّها، وأن تسمح بقيام دولة فلسطينية، وقبل ما يزيد على عام كان الصوت الذي يهاجم الدول العربية يتعامى عن حقيقة أنَّ قضايا العرب ستبقى للعرب، فلن يقف مع سوريا إلا العرب، وليس للفلسطينيين إلا أشقاؤهم، لتثبت الأيام حرص السعودية على قضايا العرب، وهي التي لم تتخلَّ عن السوريين، وتقاتل اليوم دبلوماسيًا دفاعًا عن حقِّ فلسطين.
ألقت السعودية كلمتها ثقيلة بما جعل ارتداداتها كبيرة على المشهد السِّياسي، فصرَّح نتنياهو بأنَّ الرئيس الأمريكي لا يقصد إرسال جنود أمريكيين إلى غزة، ولم يستطع أن يخفي غضبه من السُّعودية، فقال إن السعودية يمكنها أن تقيم دولة فلسطينية في حدودها، وإنَّها تملك مساحة شاسعة من الأراضي! بما يعبِّر عن الاستفزاز الذي التف حول عنقه فجعله لا يزن كلماته، ولا يضبط إيقاعها، وهو الذي رفع في دعايته الانتخابية وعدًا بصفقة العمر والتاريخ للناخب الإسرائيلي، إذ وعده بأنَّه سيقيم سلامًا مع السعودية، وأنَّ هذا سيجلب الرَّخاء والاستقرار لسكان إسرائيل، فلا غرابة أن يضطرب خطابه وهو يرى وعوده الانتخابية تتبخَّر أمام جمهوره.
بعد بيان السعودية اختار الرئيس الأمريكي الرجوع خطوة وقال إنَّه ليس على عجل في مسألة غزة، وإنَّ المهم لديه هو السَّلام والاستقرار، وكل الدول بما فيها السُّعودية تنصُّ في بياناتها على الحاجة إلى الاستقرار، لكنَّ بأيِّ ثمن؟ هل هو تطبيع مجاني لا تقدِّم فيه إسرائيل شيئًا، حالها حال مخطوبة تترقب ما يمنح لها من مهر؟ لا تقام علاقة الدول بهذه الطريقة، والسُّعودية تعرف كيف توازن لعبتها السياسية، إنها تقول لترمب الذي يتقن منطق الشراكة والربح نحن أهل لهذا، وسنخصص للاستثمار مليارات الدولارات، وهو ما تتحرَّق له شهية الرئيس الذي يقدِّر قيمة الصفقات، لكنَّ السعودية في الحين نفسه لا تجعل من سياستها نظيرًا لمنطق الشركات الربحية، بل تقول لدينا كذلك مطالب سياسية، فلن يحدث تطبيع دون دولة فلسطينية، لسنا من نقدِّم سلامًا مجانيًا، ولا نحن بالذين نتضور لاستقرار.
لقد أذهل موقف السُّعودية أشدَّ من هاجمها يومًا من الشعبويين، وغني عن البيان أنَّ السعودية لا تنتظر كلمات الثناء، بل تتحرك وفق نظر جيوسياسي ممتد في المنطقة، فمن الذي يحتاج اليوم إلى السَّلام؟ ألا تنظر إسرائيل حولها، فإيران تراجعت وتقلَّص دورها في المنطقة، والرئيس السوري الجديد الذي يحكم دولة كبيرة لم تقم علاقات سياسية مع إسرائيل اختار السعودية أول وجهة له في زياراته الخارجية.
في حين يقف نتنياهو على أنقاض فشله بحماية مواطنيه، دون أن يمتلك الشَّجاعة التي تخوله أن يتحمَّل المسؤولية الكاملة عن حمايتهم قبل ما يزيد على عام، هل يظنُّ أنَّ السِّياسة تقوم على منطق الحرب والاستمرار بها إلى ما لا نهاية؟ فلينظر حوله، ألا يشاهد الرئيس الأوكراني اليوم وهو يعاني من تذمر حلفائه من الدعم المتواصل له بما فيهم ترامب؟ لا يزال نتنياهو يكابر ويظن أنَّه في موضع الإملاء على الآخرين، لكنه قد تنبه أخيرًا إلى أنَّ هذا لا يمكن أن يشمل السعودية.
إذ يدرك نتنياهو وهو الذي وعد مواطنيه بتحقيق اتفاق تاريخي مع السُّعودية حاجته لهذا، لا أنَّ السعودية هي التي تقيم أحلامًا على مثل هذا التطبيع، ولكنَّه استخف بما قالته السُّعودية في مختلف المناسبات: لن يكون هناك تطبيع مجاني، بل على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي التي تحتلُّها، وأن تسمح بقيام دولة فلسطينية، وقبل ما يزيد على عام كان الصوت الذي يهاجم الدول العربية يتعامى عن حقيقة أنَّ قضايا العرب ستبقى للعرب، فلن يقف مع سوريا إلا العرب، وليس للفلسطينيين إلا أشقاؤهم، لتثبت الأيام حرص السعودية على قضايا العرب، وهي التي لم تتخلَّ عن السوريين، وتقاتل اليوم دبلوماسيًا دفاعًا عن حقِّ فلسطين.