تناول الخطباء في خطبة الجمعة الماضي موضوع تفسير الرؤى والأحلام والانهماك في ذلك، وكثرة المشتغلين بتفسير الرؤى، وأغلبهم يستدل بأن هذا له أصل في الشريعة، ويستشهدون بأحاديث عدة مروية عن النبي، عليه الصلاة والسلام، كحديث «الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» (البخاري 9683). وهذا الحديث كما يظهر يشترط الصلاح لتتحق الرؤية، فهل يتأكد المعبِّرون من صلاح الحالم من حيث الالتزام بالعبادات وحسن المعاملة؟ خاصة أن النبي حدد نوعا من الصلاح، فقال «أصدقهم حديثا أصدقهم رؤيا»، فهل يتأكد المفسر من صدق الحالمين في حياتهم العامة؟ فهم يفسرون من غير استيضاح عن هذه النقاط. وتعبير النبي لرؤى بعض أصحابه، لأنه كان يعرف صدقهم. وأما الاستشهاد بصاحبي يوسف وعزيز مصر، وأنهما غير مؤمنين، فقد كان من أجل مصلحة يوسف عليه السلام، وليس تكريما لهم، فبسبب تفسيره خرج من السجن.
كذلك، فإن الرؤيا تكون في الدين لا في الدنيا، أي أن تفسيرها متعلق بأمور الآخرة، فالنبوة التي تعتبر الرؤيا جزءا منها ليس من مضمونها تفسير الرؤى باستثناء التبشير، فكيف بما كان جزءا منها، أي أن التبشير هو ما كان جزءا من النبوة وليس كل رؤيا، ويؤكد ذلك حديث «لم يبق من النبوة إلا المبشرات»، قالوا: «..وما المبشرات؟»، قال: «الرؤيا الصالحة» (البخاري 6990)، فهذا الحديث خصص الحديث السابق، وهذا التبشير هو ما كان مجاله في الآخرة وليس مكاسب دنيوية بحتة، مثل التبشير بالجنة مثلما بشر النبي العشرة المعروفين بالجنة، وبشر غيرهم بها، وبشر بنيل الشهادة، فهذا هو المراد من التبشير حينما يطلق في الأحاديث، ويلحق به الهداية والتوفيق والعمل الصالح وقبول العمل والعلم في الدين، لأن ثمرته في الآخرة.
وقد اتسق ذلك مع تعبير النبي لبعض الرؤى، إذ لم ينقل عنه أنه ربط رؤيا بأمر دنيوي، فكل تعبيراته المأثورة عنه إنما هي في الدين أو مصلحة المسلمين عموما، فالتبشير بأمور الدنيا، من أموال وزواج وأرباح وحل مشاكل وحمل وانجاب وتجاوز مشاكل أو خلافات، لم يكن معروفا في الزمن الأول، ولا أعلم حديثا بشر فيه النبي حالما بأمر دنيوي مما سبق، ولم ينقل عنه أنه كان يجلس للتفسير أو أن أحد أصحابه كان يجلس للتفسير بالأمور الدنيوية كما يفعل كثير من المعبرين، بل لو علم أصحاب الأحلام أن الرؤى تقتصر على أمور الآخرة لما تواصلوا مع المفسرين، فأغلب الحالمين يبحثون عن مصالح دنيوية بحتة في التفسير.
وأقرب شيء يوحي بالإكثار من التفسير هو حديث «من رأى منكم البارحة رؤيا»، فحكى الصحابة رؤاهم، ولكن هذا لا يعني التفسير بالأمور الدنيوية، ولم يذكر في الحديث أنه فسر لأحدهم أمرا دنيويا، بل إنه - عليه الصلاة والسلام - ذكر بعد سؤاله هذا رؤيا رآها هو في المنام، وكانت متعلقة بيوم القيامة، حيث رأى صنوفا من العذاب لأهل المعاصي.
كذلك، فإن الرؤيا تكون في الدين لا في الدنيا، أي أن تفسيرها متعلق بأمور الآخرة، فالنبوة التي تعتبر الرؤيا جزءا منها ليس من مضمونها تفسير الرؤى باستثناء التبشير، فكيف بما كان جزءا منها، أي أن التبشير هو ما كان جزءا من النبوة وليس كل رؤيا، ويؤكد ذلك حديث «لم يبق من النبوة إلا المبشرات»، قالوا: «..وما المبشرات؟»، قال: «الرؤيا الصالحة» (البخاري 6990)، فهذا الحديث خصص الحديث السابق، وهذا التبشير هو ما كان مجاله في الآخرة وليس مكاسب دنيوية بحتة، مثل التبشير بالجنة مثلما بشر النبي العشرة المعروفين بالجنة، وبشر غيرهم بها، وبشر بنيل الشهادة، فهذا هو المراد من التبشير حينما يطلق في الأحاديث، ويلحق به الهداية والتوفيق والعمل الصالح وقبول العمل والعلم في الدين، لأن ثمرته في الآخرة.
وقد اتسق ذلك مع تعبير النبي لبعض الرؤى، إذ لم ينقل عنه أنه ربط رؤيا بأمر دنيوي، فكل تعبيراته المأثورة عنه إنما هي في الدين أو مصلحة المسلمين عموما، فالتبشير بأمور الدنيا، من أموال وزواج وأرباح وحل مشاكل وحمل وانجاب وتجاوز مشاكل أو خلافات، لم يكن معروفا في الزمن الأول، ولا أعلم حديثا بشر فيه النبي حالما بأمر دنيوي مما سبق، ولم ينقل عنه أنه كان يجلس للتفسير أو أن أحد أصحابه كان يجلس للتفسير بالأمور الدنيوية كما يفعل كثير من المعبرين، بل لو علم أصحاب الأحلام أن الرؤى تقتصر على أمور الآخرة لما تواصلوا مع المفسرين، فأغلب الحالمين يبحثون عن مصالح دنيوية بحتة في التفسير.
وأقرب شيء يوحي بالإكثار من التفسير هو حديث «من رأى منكم البارحة رؤيا»، فحكى الصحابة رؤاهم، ولكن هذا لا يعني التفسير بالأمور الدنيوية، ولم يذكر في الحديث أنه فسر لأحدهم أمرا دنيويا، بل إنه - عليه الصلاة والسلام - ذكر بعد سؤاله هذا رؤيا رآها هو في المنام، وكانت متعلقة بيوم القيامة، حيث رأى صنوفا من العذاب لأهل المعاصي.